تل الحدادين .. حكاية المتحف الفني لصناعة النحاس بطنطا
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
خط الزمن على وجه خطوط، يحكي كل واحد منهم حكاية.. العم «مطران» ستون عاما يجلس في محله الصغير بمكان يسمى« تل الحدادين » بمدينة طنطا، يضع قدما فوق الأخرى، وعلى أحد رفوف محله الصغير تسجيل قديم جدا، يسمع من خلاله أغنية لـ أم كلثوم في هدوء وراحة بال، لا يهمه سوى القادم من أي وجهة ليشتري بضاعته، والتي كانت عبارة عن أدوات بناء بسيطة جدا، كان يصنعها في وقت ما، لكن بسبب عوامل الزمن و «الشقى»، لا يستطيع أن يرى جيدا ليصنع بضاعته بنفسه.
أقدم صانع في تل الحدادين
العم « مطران» يبلغ من العمر 83 عاما، من أقدم الصناع في منطقة تل الحدادين بطنطا، و انتقلت إليه مهنة صناعة نقش النحاس والألمنيوم اليدوية بالوراثة فقد ورثها عن أبيه، وفي وقت ليس ببعيد كان يقبل الزائرين للسيد البدوي أو السائحين ليشتروا الهدايا، حينما كان الناس يمتلكون ذوقا، ولديهم من البهاء ما يجعلهم يشترون تلك النقوش ليزينوا بها منازلهم، لكن مع تدهور الحياة في كل شيء وتدهور الذوق أصبحت المهنة تتراجع بشكل كبير بسبب قلة المهتمين بهذه النقوش .
العم محمد صانع الجواريف
ومن متحف الحدادين نترك العم مطران و ننحرف يمينا نجد طاولة من الخشب القديم وقد وُضع عليه علب الكشري البلاستيك وأطباق الفول الصغيرة والخبز البلدي، وكان هذا غذاء « أسطوات» المكان يتناولون غذائهم في جو من المرح والضحك لعل ذلك يخفف من تعبهم من تلك المهن اليدوية الشاقة، لكن لفت نظر كاميرا « الميزان» ضحكة بسيطة في شكلها لكن معناها كبير معنى يريح القلوب ويشرح الصدور ضحكة العم محمد.
العم محمد صانع «جواريف البقالة» ، يصنع بضاعته بكل حب وتفاني، بضحكة تملء وجه، يقول أنه يعمل في تلك المهنة منذ أن كان صغيرا مع والده، ومر على عمله أكثر من ثلاثون عاما، ثلاثون عاما في هذا المكان« تل الحدادين».
صناعة قدرة الفول
تجولنا في هذا الشارع الكبير ..نلتفت يمينا ويسار .. الكل يعمل بتفانٍ وإخلاص..فهنا العم إبراهيم يدق على قطعة ألومنيوم ليصنع منها « قدرة الفول» القدرة التي تتميز بها مصر وحدها، وقفنا قليلا لنعرف كيف تتم هذه الصناعةفيقول« أن تلك الصناعة تمر بمراحل عديدة منها أن الألومنيوم يأتي عبارة عن قطع ويتم تشكيلها لعدة اشكال منها قدرة الفول، وأدوات أخرى أبرزها المشغولات الإسلامية»
ويضيف العم إبراهيم أننا نستخدم الأدوات البسيطة في نقش الألومنيوم؛ ومنها المطرقة وأن نقش الألومنيوم يتم إما يدوى أو عن طريق الآلات ويزداد الطلب أكثر علي النقش اليدوي.
صناعة مآذن النحاس
انعطفنا يسارا في آخر هذا الشارع الملئ بالصناعات المختلفة، ووجدنا تحف فنية من المآذن والقباب التي تستخدم في بناء المساجد، وكان العم« توحه » صاحب الستين عاما هو الأشهر بينهم لكبر سنه ولكثرة أولاد الذين يعملون في تلك المهنة، فهناك «محمد » ابنه الأكبر يجلس على كرسيه يدق هذا المصنوعات وعلى جانب ابنه الأوسط يطرق ويشكل القبة النحاسية، و أمامة ابنه الأصغر «هشام» وهو يصنع هلال المأذنة بكل تركيز.
لفت نظرنا الابن الأصغر« هشام » يجلس بجوار سور وأمانة هلال وبيده آلة صغيرة يستخدمها في تلك الصناعة.. « هشام» الذي قال أنه وجد أبوه يعمل في تلك المهنة، منذ أن عرف على الدنيا.. تعلم هذه الحرفة منهم واستقر به الأمر كونه متخصص في صناعة الهلال.
صناعة الهلال
ويقول عن صناعة الهلال وتكون صناعة الهلال من النحاس الأحمر والأصفر، لكن أغلب الأهلة تصنع من النحاس الأصفر لقوة تحمله ومقاومته للجو، ويقول إن الهلال الواحد قد يستغرق أكثر من 10 أيام .
وانتقلنا لجار العم« توحة» وزميله في المهنة منذ زمن ، العم « حامد» والذي اشتكى من ارتفاع أسعار المواد الخام وقلة الطلب وهو ما أدى إلى ترك العديد من العمال المهنة و اكتسابهم مهن أخرى لتكون مصدر رزق لهم، وهو ما يتسبب في بدأ انقراض المهنة التي لابد من تطويرها بدلا من أن تجعلها فريسة سهلة للانقراض .
تل الحدادين مر على وجودة في طنطا أكثر من 100 عام ، ويحتوى على أكثر من 3 آلاف عامل، يعملون في هذا المكان و يتوارثون هذه الحرف عن آبائهم وأجدادهم ، بل ويورثونها لأبنائهم أيضا.. هنا من مدينة طنطا وبجوار شيخ العرب السيد أحمد البدوي يكون متحف الحدادين
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال