هذه ليست مشاركة الأزهر الأولى في الرياضة .. اعرف التاريخ “عن مبادرة أسامة الأزهري أتكلم”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
برز تطور جديد في تاريخ الأزهر مع الرياضة المصرية بعد دعوة لم الشمل الكروي التي أطلقها الشيخ أسامة الأزهري للحد من التعصب بين فريقي النادي الأهلي والزمالك.
اقرأ أيضًا
قصة رئيس الزمالك مع الأهلي وفلسطين .. حقيقة أزمة مباراة الـ 6-0 الغامضة
مبادرة لم الشمل الكروي التي أطلقها الشيخ أسامة الأزهري تعد هي الأولى من نوعها في تاريخ الأزهر مع الرياضة، إذ كان دوره طيلة نصف قرن من الزمان متأرجح بين المشاركة وإطلاق الفتاوى.
تاريخ الأزهر مع الرياضة .. اللبان يضع اللبنة
نواة تعرف الأزهريين على الرياضة أكاديميًا كانت على يد الشيخ عبدالمجيد اللبان في ثلاثينيات القرن الماضي عندما تأسست الجامعة الأزهرية، وقدم اقتراحًا بتقديم التربية العسكرية ضمن المناهج الأزهرية، ومن خلالها تعرف الأزهريين على فكرة ممارسة الرياضة.
تشير صور الكتاب الذهبي للهلال إلى شكل الزي الأزهري في التربية العسكرية والتي أعطتهم جانبًا من ممارسة الرياضة، فلم يتخلى شباب الأزهر عن الجبة والقفطان والعمة، لكن أرفقوها مع زي عسكري رياضي وصار ذلك طقسًا معروفًا وصل صداه إلى المعاهد الأزهرية حتى خمسينيات القرن الماضي.
لعل أبرز رموز العلماء الذين كانت نشأتهم رياضية هو الشيخ إسماعيل صادق العدوي إمام الجامع الأزهر، فالصحفي سالم الحافي في مقال الرثاء الذي كتبه عن الشيخ إسماعيل صادق العدوي في جريدة الأخبار عدد 20 فبراير 1998 م ذكر أن الشيخ إسماعيل صادق العدوي إمام الجامع الأزهر كان لاعبًا لرياضة المصارعة وهو في المرحلة الثانوية خلال خمسينيات القرن الماضي وحقق انتصارات كبيرة لصالح المعهد الذي ينتمي له وكان ذلك السبب في شهرته بلقب الشيخ المصارع.
الأزهريون يلعبون والأزهر فيه استاد
تمثل فترة ستينيات القرن الماضي قاعدة قام عليها تاريخ الأزهر مع الرياضة عن طريق المشاركة الفعلية الحقيقية.
دخلت الملاعب في الحرم الجامعي الأزهري لأول مرة بتأسيس مدينة البعوث التي بدأ تأسيسها عام 1954 وانتهى بناءها سنة 1959 م ويشير كتاب الأزهر تاريخه وتطوره ص 559 إلى تأسيس استاد رياضي بجانب مدينة البعوث على مساحة 30 فدان تحتوي على مجموعة من الملاعب لكرة القدم والجري وألعاب القوى مع حمام سباحة و 3 ملاعب للتنس و3 للسلة و 3 للكرة الطائرة، إلى جانب ساحة لضرب النار وساحة أخرى لتعليم الرماية، فضلاً عن حلبة للملاكمة وأخرى للمصارعة.
لعل أول بروز للأزهر في ممارسة الرياضة كان عام 1964 م حينما شارك الأزهر في فعاليات أسبوع شباب الجامعات السادس بأسيوط وكان نظامًا جديدًا للجامعات خلال عهد الرئيس جمال عبدالناصر يقضي بتقديم عروض في الفنون الشعبية والمشاركة بالأنشطة الرياضية.
لعب طلاب الأزهر رياضة الكرة الطائرة ووصل إلى المنافسة على المركزين الخامس والسادس وكانت أمام جامعة أسيوط يوم 6 إبريل سنة 1964 م، ولم تفز جامعة الأزهر بأيٍ من المركزين.
يذكر نجيب المستكاوي في عدد 7 إبريل 1964 أن المباراة كانت ستقام في أسيوط وفريق جامعة الأزهر قرر البقاء في القاهرة حتى لا يكلف نفسه مشقة السفر فكان ذلك انسحابًا جعل أسيوط تفوز بالمركز السادس، ثم تقرر تنظيم أسبوع الجامعات السابع برعاية الأزهر.
تطور آخر في تاريخ الأزهر مع الرياضة جرت وقائعه في يونيو 1964 حينما شاركت جامعة الأزهر لأول مرة في بطولة جامعات أوروبا لألعاب القوى في مدينة بون الغربية، جنبًا إلى جنب مع منتخب جامعات مصر والمعاهدة العليا والذين سافروا إلى هولندا للمشاركة في بطولة التجديف.
جاءت السبعينيات بتأرجح المشاركة الأزهرية في الرياضة رغم إقرار مادة التربية الرياضية ضمن المناهج، وساهمت المعاهد الأزهرية في عدد من المسابقات.
كان الحدث الأكبر في تاريخ الأزهر مع الرياضة في 18 يونيو 1982 حينما شارك المجلس الأعلى للشباب والرياضة في احتفالات العيد الألفي للأزهر حيث تخصص مسابقة رياضية وأخرى ثقافية لشباب الجامعات والمعاهد العليا والمعاهد الأزهرية.
مع التسعينيات كان موقف المشاركة الأزهرية في الرياضة شديد التناقض فرغم مشاركة الأزهريين سنويًا في البطولات الرياضية للمعاهد الأزهرية التي كانت تنعقد في مدينة العاشر من رمضان ولا يقل عدد المشاركين فيها عن 1700 طالب، إلا أن نظرة الأزهر أكاديميًا للرياضة كمادة كانت غير منضبطة.
لم تكن جامعة الأزهر تعترف بحافز التفوق الرياضي للمشاركين من أبناءه في المسابقات المحلية والدولية من خلال جهاز الشباب والرياضة وذلك لنظرة الأزهر للرياضة أنها مجرد مواد للتسلية واللهو واللعب سواءًا كانت للبنين أو الفتيات.
كانت الرياضة أكاديميًا في جامعة الأزهر مجرد قسم في كلية التربية حتى ظهر مشروع في أواخر التسعينيات يقضي بموافقة المجلس الأعلى لجامعة الأزهر على إنشاء كليتين جديدتين للخدمة الاجتماعية والتربية الرياضية، وبعد ظهور كلية التربية الرياضية بجامعة الأزهر صارت مشاركة الأزهريين رياضيًا حدثًا شبه سنوي.
أيدولوجية الأزهر في الرياضة
كانت البصمة الدينية موجودة في تاريخ الأزهر مع الرياضة وتمثل فترة التسعينيات تحديدًا بمثابة فاتحة الشهية الإفتائية لممارسة الرياضة بأسئلة دينية كثيرة.
مثلا مع العام 1991 نظمت مدرسة سراي القبة الثانوية بنات ندوة تخص شئون الفتاة المسلمة، وكانت الرياضة ضمن الأسئلة المطروحة، وذكرت مجلة اللواء الإسلامي في عدد 13 يونيو 1991 أن الدكتور عبدالفتاح عبدالكريم أستاذ العقيدة والفلسفة في كلية أصول الدين فرع شبين الكوم قال «يجوز للفتاة أن تمارس الرياضة لكن لا يجوز مزاولة الرياضة في مكان مكشوف ويشترط أن يكون المدرب امرأة، وذلك لأن اللعب في مكان مكشوف يعرضها لأنظار الشباب وهي ترتدي ملابس تظهر تقسيمات جسدها وهذا حرام شرعًا».
فتوى رياضية أخرى في التسعينيات حول الرهانات أصدرها الشيخ محمد سيد طنطاوي عام 1993 حيث قال «ولا مانع شرعًا من المراهنة في مجال الرياضة إذا كانت مما استثناه الشارع وأجازه، وكانت الجائزة مقررة من ولي الأمر، أو كانت من أحد المتسابِقَين دون الآخر، أو كانت من كِلَا المتسابِقَين ودخل بينهما ثالث، فإن كانت الجائزة من كلٍّ من المتسابقين فهو من القمار المحرم».
دخل الشيخ محمد متولي الشعراوي على خط فتاوى الكرة فصب هجومًا عنيفًا على كرة القدم قائلاً «هي صرف الشعوب عن شغل العقل بما لا يهم، اللعب في وقت لا تكليف فيه واللهو في وقت فيه تكليف، فالعب لشيء ينفعك حين تبلغ».
ومع مطلع الألفيات وحتى الآن صدرت فتاوى كثيرة عن الأزهر حول الرياضة فأفتى الأزهر بعدم جواز إفطار لاعبين الكرة في رمضان إذا نووا الإقامة في سفرهم 4 أيام فأكثر وإن لم يتمكنوا من إقامة التمرينات أو المباريات ليلاً وصاموا وشق عليهم الصيام فيجوز لهم في تلك الحالة الإفطار للمشقة ولا يجوز لهم الفطر ابتداءًا لتوقع المشقة.
ولعل أبرز الفتاوى الرياضية من دار الإفتاء طيلة 20 سنة ماضية هي حكم مشاهدة كرة القدم، حكم إجبار الفريق الخاسر على دفع أجرة الملعب، حكم ممارسة الملاكمة كرياضة، حكم الصلاة في الملابس الرياضية، حكم عمل مسابقات الخيل والإبل.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال