تاريخ تشابه الأسماء .. قصة مؤرخ ومفسر كاد أن يضيع تراثه
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يزخر تاريخ تشابه الأسماء بقائمة من الشخصيات بعضها تعرض لظلم في التوثيق مثل الدكتور نجيب محفوظ بسبب شهرة الأديب نجيب محفوظ، وبعضهم تعرض للتهميش مثل الضابط أحمد عبود الزمر بسبب الإرهابي عبود الزمر.
اقرأ أيضًا
هل المقريزي شيعي ؟.. حكاية كتاب ديني ألفه عن فضل آل البيت
لكن أكثر الضحايا ضررًا في تاريخ تشابه الأسماء هو المؤرخ المفسر محمد بن جرير الطبري الذي قام أغلب العلماء بالتجريح فيه نظرًا لأن اسمه متشابه إلى حد بعيد مع مؤرخ ومفسر شيعي.
الطبري اسم في قائمة تاريخ تشابه الأسماء
المؤرخ والمفسر السني أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الآملي الطبري، قدح فيه البعض ظنًا منهم بأنه المؤرخ الشيعي أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الآملي الطبري، فالتشابه بين الإسمين كبير إلا في اسم الجد.
ذلك التشابه جعل بعض المؤرخين ينسبون إلى الطبري السني ميلاً إلى فقال فيه صاحب لسان الميزان «كان فيه تشيع يسير وموالاة لا تضر» بينما ياقوت «إنه كان يتهم بالتشيع ولذلك قيل أنه لما مات دفن ليلا خوفا من العامة»، بينما بالغ أحمد بن على السليمانى الحافظ فقال «كان الطبري يضع الأحاديث إلى الروافض».
إتهام الطبري بالتشيع يعود إلى عدة أسباب، فأول تلك الأسباب أن بعضهم خلط بين اسمه وبين أبو جعفر الشيعي، وثانيها أنه وضع كتابًا في فضائل الإمام على بن أبى طالب، وخصصه للرد على بعض علماء بغداد الذين أنكروا حديث الغدير.
أما ثالث الأسباب هو أن بعض المؤرخين نسبوا إليه كتاب بشارة المصطفى وهو عمل يتناول منزلة التشيع ودرجات الشيعة وكرامات الأولياء، بينما ذلك الكتاب وضعه العالم الشيعي الذي يشبهه في الإسم لكنه متأخر عنه في الزمان.
أقوى الأسباب تمثلت في أن الطبري كان على صلة بـ أحمد بن عيسى العلوي وهو من بلده وقد كتب له العلوي له بيتين من الشعر قال فيهما
ألا إن إخوان الثقات قليل وهل لي إلى ذاك القليل سبيل
سل الناس تعرف غثهم من سمينهم فكل عليه شاهد ودليل
فرد عليه أبو جعفر الطبري ببيتين من الشعر قال فيهما
يسيء أميري الظن في جهد جاهد فهل لي بحسن الظن منه سبيل
تأمل أميري ما ظننت وقلته فإن جميل الظن منك جميل
وكان رد الطبري عليه فيه إخلاصًا ورغبةً في أن يحسن الظن به وبالتالي بُنِي الإتهام على ذلك البيت الشعري، لكن المفكر أحمد محمد الحوفي نفى مسألة التشيع عن الطبري فقال «وأرجح أن التشيع فرية أراد بعضهم أن يلصقها بالطبري أو التبس الأمر على بعضهم فعزاها إليه، ذلك أنه ألف كتابًا في فضائل علي بن أبي طالب، ولكنه ألف كتابا آخر في فضائل أبي بكر وعمر؛ إذ سمع جماعة من طبرستان يبسطون ألسنتهم في الصحابة، وبسبون أبو بكر وعمر فألف هذا الكتاب ليشيد بفضليهما ويرد على دعاوى المتهجمين عليهما وقد وصفهما بأنهما من أئمة الهدى وأنكر على من لا يصفهما بذلك».
ولو أن الطبري كان رافضيًا ما كان ليحكم بكفر الخوارج والشيعة الذين كفروا أصحاب رسول الله، حتى أنه كان لا يقبل أخبارهم ولا شهادتهم ولا يجيز التوارث بينهم وبين المسلمين .
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال