715 مشاهدة
دانييل هوم .. الاسكتلندي الطائر
التحليق في الهواء وإمساك الجمر المشتعل بسهولة كانت من قدرات شخصية شركة “دي سي” الخيالية الخارقة الشهيرة سوبرمان، حيث تمتع كال الفضائي القادم من كوكب كريبتون، والذي حصل على اسم كلارك كنت على كوكب الأرض، بقوة خارقة للطبيعة جعلته بطلا خارقا لا يشق له غبار.
تلك كانت إحدى قدرات شخصية من عالم القصص المصورة، فهل من الممكن أن يكتسب شخص عادي بعض قدرات سوبر مان؟
هذا ما حدث مع الاسكتلندي الطائر دانييل دونجلاس هوم، الذي حير العلماء في ما كان يقول إنها قدرات خارقة يتمتع بها، حيث كان يمسك الفحم المشتعل دون أن يمسسه ضرر، ويستطيع الارتفاع في الهواء أمام أعين الجميع في إضاءة قوية، وليس في الظلام كما كان يفعل بعض المشعوذين، وهو ما جعل علماء كبار يؤمنون بقدراته، بينما اتهمه الآخرون بالاحتيال والشعوذة.
الاسكتلندي الطائر وقدراته الخارقة
في العشرين من مارس عام 1833، رزق ويليام إيرل هوم وزوجته إليزابيث بطفلهما الثالث دانييل في إدنبرة بإسكتلندا، وكان مثله كبقية الأطفال الرضع في أيامهم الأولى، بريئا لطيفا يبعث السرور على من يراه، إلى أن رأت عائلته حدثا غير عادي في سرير رضيعها، فبحسب موقع American Hauntings، ذكرت خالته أن دانييل كان يهتز في مهده من تلقاء نفسه، كما لو كان يتحرك بيد غير مرئية، وفي سن الرابعة تنبأ بدقة بوفاة ابن عمه.
كانت خالة دانييل لا تنجب، ونظرا لكون والدته رزقت بستة من الأطفال، تبنته الخالة ماري كوك ليصبح ابنا لها، لكنها لم تكن تعلم أن الطفل الذي فرحت به سيشعرها بالرعب الشديد وسيضطرها لطرده من منزلها في المستقبل.
لم يكن دانييل هوم طفلا سليما من الناحية الصحية،حيث كان يعاني من سعال مستمر وصعوبة في التنفس وشحوب في الوجه، وتم تشخيص إصابته بمرض السل بعد سفره مع خالته إلى أمريكا وهو في التاسعة من عمره، لذلك كان غير قادر على بذل مجهود مثل معظم الأولاد، وقضى أغلب وقته يمشي في غابة جرينفيل ويقرأ الكتاب المقدس، وهناك تعرف على صديقه إدوين وهما في سن 13 عاما، واتفقا سويا أنه إذا مات أحدهم فسيحاول الاتصال بالآخر بعد الموت، وهو ما حدث بعد فترة وجيزة.
بعد فترة من الاتفاق الطفولي بين الصديقين، انتقل دانييل هوم للعيش في نيويورك مع خالته، وفي إحدى الليالي قال إنه رأى بقعة مضيئة بقوة عند سريره، ظهر فيها صديقه إدوين وهو يرسم ثلاث دوائر في الهواء، قبل أن يختفي هو والبقعة، وهو ما فسره الاسكتلندي غريب الأطوار بأن صديقه فارق الحياة، والعجيب أنه بعد بضعة أيام وصلت رسالة تفيد بأن إدوين مات بسبب مرض خبيث قبل ثلاثة أيام من رؤية هوم للبقعة المضيئة.
الشيطان يطرد دانييل هوم من المنزل
يقول الكاتب والباحث في الظواهر الخارقة ريك هيل، إن دانييل هوم عندما بلغ الثامنة عشرة من عمره، وجد هوم نفسه في موقف لا يحسد عليه، حيث كانت قدراته تنمو بشكل غير محدود، فكان يحرك الأثاث بمجرد النظر إليه، ويعزف على الآلات الموسيقية دون أن يلمسها، وهو ما أثار رعب خالته بشدة وجعلها تعتقد أن الشيطان قد استحوذ عليه، لذلك طردته من منزلها حتى تحمي نفسها من شروره كما صور لها عقلها.
ظل الاسكتلندي الطائر يحل ضيفا على أثرياء ولاية كونيتيكت الأمريكية بعضا من الوقت، مستغلا قدراته الخارقة التي كانت تثير إعجاب وذهول كل من يراها، خصوصا وإنه كان يصر على تقديم عروضه في غرف شديدة الإضاءة، كما كان ينظم بعض جلسات تحضير الأرواح أيضا، وكان خلال ذلك يستطيع أن يجعل أجزاء من غرفة العرض تنير بأضواء طيفية، ويجعل الحضور يستمعون إلى موسيقى دون وجود آلات موسيقية، وتحريك الطاولات والكراسي والأشياء الأخرى.
ومن المثير أن دانييل هوم في أثناء قيامه بهذه الأشياء، كان يطلب من الحضور الإمساك بيديه وقدميه لإثبات أنه لا يتلاعب بطريقة ما بالأشياء بأجهزة أو أسلاك سرية.
وفي أغسطس 1852، تجاوز هوم ما قد يعتبره البعض حيلا يفعلها السحرة للاحتيال على البلهاء، واتى بفعل جعل جميع ما شاهده يشعر بالذهول التام، حيث طار في الهواء ليلامس سقف غرفة رجل الأعمال الثري وارد تشيني في ولاية كونيتيكت، وذلك بحضور الصحفي فيل بور، والذي كانت مهمته العثور على شيء يدين الروحانيات بشكل عام، ودانييل هوم بشكل خاص، لكنه بدلا من كتابة مقال يكشف فيه احتيال الاسكتلندي الطائر، كتب مقالا يؤيد فيه موقف الرجل ويظهره بمظهر خارق للطبيعة، وغني عن القول أن معظم القراء الذين اطلعوا على هذا المقال -وأعيد طباعته عدة مرات- كانوا متشككين، كما هو الحال بالنسبة لمعظم الذين يقرأون هذا الموضوع الآن.
في عام 1855 سافر دانييل هوم إلى أوروبا، حيث ذاع صيته بقوة، وتمتع بصداقة الكثير من الأثرياء والمشاهير، وأجرى جلسات تحضير الأرواح في إنجلترا وفي القارة الأوربية، واكتسب مؤيدين ورعاة أثرياء، وفي عام 1858 تزوج من ابنة نبيل روسي أنجب منها ابنه جريجوار.
هوم وتجارب السير وليام كروكس
عندما قام هوم بجولة في القارة الأوروبية، أثبت أنه يتمتع بشعبية غير عادية مع أصحاب التاج في أوروبا، حيث احتفى به ملك فرنسا نابليون الثالث، وكان صديقا مقربا وعزيزا لملكة هولندا صوفيا، وفي الوقت الذي سعى فيه الكثير لهدم أسطورته، اقتنع السير آرثر كونان دويل مبتكر شخصية شيرلوك هولمز الخالدة، أنه كان ظاهرة حقيقية تمتلك قدرات غير طبيعية.
وفي عام 1871، تزوج دانييل هوم مرة ثانية بعد وفاة زوجته، قبل أن يبدأ سلسلة من الاختبارات مع السير ويليام كروكس عالم الفيزياء الكبير، وأحد أكثر الذين رغبوا في كشف ما إذا كان الاسكتلندي محتالا أم لا، لكنه بعد تجارب شاقة منها تجربة خاصة لآلة الأكورديون، حيث وضع كروكس أكورديون في سلك نحاسي ثم وضعه في قفص معدني، وقام بتمرير تيار كهربائي عبر السلك، معتقدا أنه سيمنع أي طاقة مغناطيسية قادمة من هوم، ورغم ذلك تمكن دانييل من العزف على الآلة دون أن يلمسها، مما دفع كروكس إلى الاعتقاد بأنه يمتلك قوة خارقة بالفعل.
وعن تجارب كروكس مع دانييل هوم، ذكر الكاتب راجي عنايت في كتابه “30 ظاهرة خارقة حيرت العلماء”، أن هو أقنع العالم الفيزيائي الكبير بقدراته عندما تمكن من الارتفاع لمسافة خمسة أقدام في الهواء، قبل أن يخرج من نافذة الغرفة ويحلق عاليا على ارتفاع يصل إلى أكثر من سبعين قدما، ثم يتجه إلى نافذة الطابق العلوي ويدخل منها، كان ذلك وسط ذهول كروكس وبقية العلماء الذين شاهدوا التجربة.
في عام 1873، بعد عامين من الاختبار مع كروكس، أعلن هوم أنه سيتقاعد بعد ضعف صحته بسبب مرض السل الذي لازمه طوال حياته ولم تتمكن قدراته الخارقة التي بدأت تخبو وتختفي من علاجه، قبل أن يفارق الحياة في عام 1886، تاركا خلفه العديد من المؤيدين والمعارضين له.
إقرأ أيضاً
رجل يحير العلماء بقدرته على تغيير حجم حدقة عينه بالطلب
الكاتب
ما هو انطباعك؟
