“قصة بني قريظة” حين يكتب اليهود السيرة النبوية وينقل عنهم المسلمين
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تناقض كبير بين ما تحتويه قصة بني قريظة، وشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث أنه موصوف بالرحمة للعالمين، وبدت رحمته تلك حينما رأى أهل قريش بعد 13 سنة من إهانتهم له وقتلهم لعمه وأصحابه ثم عفا عنهم وكانوا متأكدين أنهم مقتولين لا محالة.
سر التناقض هو محاولة تخيل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرى النساء تصرخن من السبي، والصبية يبكون من الخوف، والرجال والشيوخ اليهود يتم قتلهم وذبحهم أمامه عقاباً لهم على خيانتهم، بعد أن حكم فيهم أحد الصحابة والذي كان يكره بني قريظة أصلاً.
قصة بني قريظة المشهورة
قصة بني قريظة أول من نقلها كان بن إسحاق، وهو المرجع الأول لكل كتب السيرة النبوية، وتلخيص القصة أنها وقعت بعد غزوة الأحزاب وثبوت خيانة يهود بني قريظة جرى الأمر بقتالهم فتمت محاصرتهم ولما طال عليهم الحصار عرضوا على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتركهم ليخرجوا إلى أذرعات بالشام تاركين وراءهم ما يملكون ، ورفض صلى الله عليه وسلم إلا أن يستسلموا دون قيد أو شرط ، وبالفعل استسلم يهود بني قريظة ، ونزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوكل الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ أحد رؤساء الأوس والذي كان حليفاً قديماً لبني قريظة ، وكان سعد بن معاذ أثناء الحصار مريضاً وكان يدعوا “اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة”.
لما انتهى سعد إلى رسول الله والمسلمين، قال رسول الله “قوموا إلى سيدكم فأنزلوه”، فقال رسول الله “احكم فيهم”، قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مُقاتِلتُهم وأن تُسبى ذراريُّهم وأن تُقسم أموالهم، فقال رسول الله “لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله”، فأمر رسول الله أن تكون النساء والذرية في دار ابنة الحارث امرأة من بني النجار وأمر بالأسارى أن يكونوا في دار أسامة بن زيد، ثم خرج رسول الله إلى سوق المدينة فخندق بها خنادق ثم أمر بقتل كل من أنبت، فبعث إليهم فجاءوا إليه أرسالا تضرب أعناقهم ويلقون في تلك الخنادق وكان فيهم عدو الله حُييّ بن أخطب، وكعب بن أسد رأس القوم وهم 600 أو 700، وقيل: إنهم كانوا من 800 إلى 900.
بصمة اليهود في تأليف قصة بني قريظة
أكبر أعجوبة يمكن أن تصادف الباحث، هي اكتشافه أن اليهود هم من ألفوا هذه القصة، حيث أن بن إسحاق نقل هذه القصة عن يهود بني قريظة أنفسهم مثل عطية القرظي والمسور بن رفاعة وثعلبة بن أبي مالك.
و بن إسحاق نفسه دجال كما يصفه بذلك الإمام مالك ، وقال بن حبان في كتابه الثقات بالجزء السابع ص 381 “ولم يكن يقدح فيه مالك من أجل الحديث إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي محمد على اليهود ، وكان ابن إسحاق يتتبع هذا عنهم ليعلم من غير أن يحتج بهم”.
وأورد الكاتب خالد باظة في نقده للقصة، نقاط ضعف عقلية في القصة حيث تساءل هل يتسع بيت عندئذ لـ 700 أو 600 أو حتى 400 شخص، وأي منطق يجعل النبي يدفن مئات في سوق المدينة حيث يتسوق الناس جوار جثث متعفنة؟!، وما الحاجة لحفر خنادق رغم وجود خنادق مازالت محفورة حول المدينة؟، ولماذا أصلاً يقتادوا مئات عبر طريق طويل ولم يقتلوهم في مكانهم؟ وكيف يستطيع اثنان ذبح مئات البشر؟
وأصدق ما جرى هو ما رواه بن زنجويه في كتابه الأموال حيث قال غَدَا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَقَضَى بِأَنْ يُقْتَلَ رِجَالُهُمْ ، وَتُقْسَمَ ذَرَارِيُّهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلا ، إِلا عَمْرَو بْنَ سَعْدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالْوَفَاءِ ، وَيَنْهَى عَنِ الْغَدْرِ فَلِذَلِكَ نَجَا.
وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ إِلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ، فَأَعْتَقَهُ.
إقرأ أيضاً
الثوابت الوهمية.. (الجزء التالت: تحريم الرق) 03 – جواري النبي
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال