همتك نعدل الكفة
605   مشاهدة  

“عبدالله الشرقاوي” سيمفونية الوطنية الأزهرية التي قضت عليها السياسة

عبدالله الشرقاوي
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



أخذ شيخ الأزهر الشيخ عبدالله الشرقاوي طريقاً اجتماعياً واحداً، وهو طريق الوطنية، الذي جعله يقف مع المصريين في ظلم شيوخ البلد المماليك، وقهر ولاة الدولة العثمانية بمصر، لكن مع متغيرات ظروف البلد، دخلت السياسة كخط في مسيرة الرجل جعلته لاحقاً أحد الضالعين في مؤامرة سياسية أنهت مسيرته بالإقامة الجبرية.

في العام 1737 م، بمنطقة الطويلة القريبة من قرية القرين في محافظة الشرقية، ولد عبدالله حجازي إبراهيم الشافعي، أتم حفظ القرآن الكريم، ثم سافر إلى القاهرة والتحق بالأزهر وتتلمذ على يد الشيخ الكردي وصار أحد أعلام الحديث و الفقه الشافعي.

الشيخ أحمد العروسي
الشيخ أحمد العروسي

عقب وفاة الشيخ العروسي تولى الشرقاوي مشيخة الأزهر في فترة سياسية حرجة، حيث بعد سنوات من جلوسه على كرسي المشيخة كانت الحملة الفرنسية ترسو سفنها بالإسكندرية وباتت قريبة من العاصمة حتى دخلتها عقب هزيمة المماليك في موقعة إمبابة.

أحدث قائد الحملة الفرنسية نابليون بونابرت نظاماً جديداً في الحكم والإدارة بمصر، حيث أنشأ الديوان الكبير لحكم القاهرة، وجعل عضوية الديوان محصورة في 9 شخصيات أخذوا الحكم المدني لمصر برئاسة الشيخ عبدالله الشرقاوي والذي جمع رئاسة الديوان ومشيخة الأزهر.

الجبرتي
الجبرتي

يذكر الجبرتي في كتابه “مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس” أن نابليون بونابرت ظن أنه نجح في إغراء الشرقاوي سياسياً، فقام نابليون ذات مرة بوضع طيلسان الجمهورية الفرنسية على كتف الشيخ الشرقاوي فألقى به على الأرض معتبراً أن تغير الزي الأزهري بمثابة خيانة.

كانت أكبر كارثة وقعت في تاريخ الأزهر الحديث، هي واقعة قصفه بمدافع الحملة الفرنسية عندما اندلعت أعمال ثورة القاهرة الأولى، مما جعل الشيخ الشرقاوي يستغل مكانته لدى الحملة الفرنسية ليحول بينها وبين الفتك بالأزهريين وزعماء الثورة، سرعان ما اكتشفت تحريات الحملة الفرنسية تواطئاً بين الشرقاوي وزعماء الثورة فاعتقلوه في سجن القلعة، ثم أخرجوه بعد فشل ثورة القاهرة الأولى.

نابليون بونابرت
نابليون بونابرت

برحيل نابليون بونابرت كان الأزهر على موعد مع تغيرٍ آخر حيث اندلعت ثورة القاهرة الثانية، والتي انطلقت من إمبابة إلا أنها أسفرت عن قيام الطالب الأزهري سليمان الحلبي باغتيال الجنرال كليبر القائد الثاني للحملة الفرنسية، وألقي القبض على الشيخ الشرقاوي وقررت الحملة الفرنسية سجنه حتى أفرج عنه بقرار من جاك مينو القائد الثالث للحملة.

عقب رحيل الحملة الفرنسية ودخول مصر في مرحلة الفوضى وقبل عهد محمد علي باشا، لعب عبدالله الشرقاوي دوراً في الثورة ضد خورشيد باشا الوالي حتى تم خلعه وتنصيب محمد علي باشا والياً على مصرواستمر محمد علي والياً على مصر بتأييد الزعامة الشعبية، حتى رحيل حملة فريزر وبجلاءها بدأت جذور الأزمة والشقاق بين محمد على والزعامة الشعبية بكل رجالها.

محمد علي باشا
محمد علي باشا

جاءت الفرصة في عام 1809، عندما اتخذ محمد علي مجموعة من القرارات منها: فرض ضرائب على الأراضي المعفاة كأراضي الرزق الإحباسية التي ينفق منها على المساجد والمدارس الدينية كذلك فرضت الضرائب على الأواسى وهى أراضى كانت مع الملتزمين كما كلف المسئولين في المديريات بحصر الأوقاف والرزق ومطالبة نظارها والمستفيدين منها بتقديم مستنداتهم التي تثبت الوضع القانوني لأراضيهم أو مصادرتها وقرر الاستيلاء على نصف ما يتحصل عليه الملتزمون وتزامن ذلك مع اعتقال ولاة الشرطة لواحد من طلاب الأزهر وسجنه في القلعة فبدأت حالة من التذمر في القاهرة وخرجت المظاهرات فى الشوارع إلى الأزهر في الوقت الذي توالت الشكاوى من الأقاليم بسبب قرارات محمد على.

وزادت الجفوة عندما رفض عمر مكرم التوقيع على كشف حساب عن نفقات ولاية مصر مرفوع للباب العالي وهنا تم دخول الشيخ الشرقاوي في المؤامرة عقب اتهام عمر مكرم لمحمد على بالكذب والتلاعب فى أموال الولاية، وبعد محاولات عديدة وافق عمر مكرم على لقاء محمد على في منزل الشيخ محمد السادات، لكن الباشا رفض واعتبر ذلك تجاوزا شديدا من عمر مكرم.

محمد علي و الزعامة الشعبية - عبدالله الشرقاوي
محمد علي و الزعامة الشعبية

وهنا دبر محمد على والمشايخ مؤامرة للتخلص نهائيا من عمر مكرم ففي صباح الأربعاء 9 أغسطس 1809 توجه محمد على إلى منزل ابنه إبراهيم بالأزبكية واستدعى القاضي والمشايخ، للاحتكام إليهم فيما وقع بينه وبين السيد عمر مكرم بعد أن رتب الأمر معهم على إصدار قرر بنفيه بعيدا عن القاهرة ووجه الدعوة لعمر مكرم للحضور وكان هناك احتمالان لا ثالث لهما ، إما أن يحضر ويتفق القاضي وأغلب المشايخ على إدانته بتهمة الخروج على ولى الأمر، أو يرفض فيعتبر رفضه خروجا وعصيانا.

رفض عمر مكرم المثول في المجلس الذي كان يعرف قراره المعد مسبقا وبالفعل تقرر عزله ونفيه إلى دمياط، وتعيين الشيخ السادات نقيبا للأشراف.
أما الشيخ المهدي فأسرع يطلب المكافأة، وكانت له، فأخذ وظائف عمر مكرم فى نظر أوقاف الإمام الشافعي ووقف سنان باشا ببولاق، وحصل على ما كان متأخرا له من راتبه من الغلال نقدا وعينا لمدة 4 سنوات دفعها محمد على نقدا من خزانة الدولة.

إقرأ أيضا
فتح الأندلس
قبر الشيخ عبدالله الشرقاوي
قبر الشيخ عبدالله الشرقاوي

وتوفي الشرقاوي بعد هذا الموقف بـ 3 سنوات وقد عاش هذه الفترة تحت الإقامة الشبه جبرية تقليلاً لنفوذ الأزهر وسطوته كانت النتيجة لهذه الأفعال في غاية الخطورة حيث أدت سقوط مكانة المشايخ في نظر الناس وفي نظر محمد علي أيضا.

ورغم التاريخ النضالي والسياسي للشيخ عبدالله الشرقاوي، لكنه كان أحد أبرز الذين خدموا العلم بالأزهر، فمن أعماله أنَّه بنى رواق الشراقوة، وعمل على سلامة الأزهر كما كان للشيخ الشرقاوي مؤلفات كثيرة بلغت ما يزيدُ على العشرين مؤلفًا، وقد توفي يوم الخميس 2 شوال سنة 1227 هجرية الموافق 9 أكتوبر سنة 1812 ميلادية وصلَّى عليه بالأزهر جمعٌ كبير، ودُفن في مدفنه الذي بناهُ لنفسه بصحراء المماليك.

إقرأ أيضاً

عندما كاد أن يجتمع محمود مرسي وعبدالله غيث في مسلسل ديني من تأليف أسامة أنور عكاشة

الكاتب

  • عبدالله الشرقاوي وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide






حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان