التوأم الصامت: أختان لم تتحدثان إلى أي أحد باستثناء بعضهم البعض لما يقارب 30 عام
-
ريم الشاذلي
ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
السلوك غير العادي غالبًا ما يؤدي إلى النبذ من الناس. كان هذا صحيحًا مع جينيفر وجون جيبونز. المعروفتان أكثر باسم “التوأم الصامت” حيث كانتا أختين رفضن التحدث إلى أي شخص باستثناء أنفسهن لما يقرب من 30 عامًا – وكانت تلك مجرد بداية لحياتهن الغريبة.
ميلاد التوأم الصامت
ولدت جون وجينيفر جيبونز في 11 أبريل 1963 في مستشفى عسكري بريطاني في عدن في اليمن. كان والداهما، جلوريا وأوبري جيبونز، قد انتقلا إلى المملكة المتحدة من بربادوس في الستينات، بعد أن وجد أوبري عمل في سلاح الجو الملكي. كان التوأم اثنين من خمسة أطفال، مع أشقائهما جريتا وديفيد وروز.
لم يظهر التوأم أي سلوك غير عادي عندما كانا أطفال رضع. لكن هذا تغير عندما كبرا قليلًا. بدأ والداهم بملاحظة أن مهارات تخاطب التوأم كانت متأخرة عن سنهما. كما طورا لغتهما الخاصة، نسخة سريعة من الباجان كريول، وأصبح من المستحيل فصلهما عن بعض.
التنمر في المدرسة
كثيرًا ما تعرض التوأم للتنمر عند بدء الدراسة الابتدائية لمجرد أنهما كانا الأطفال السود الوحيدين في فصلهما. أصبحت المضايقات سيئة جدًا لدرجة أن مديري المدارس بدأوا بإرسالهما إلى المنزل مبكرًا على أمل أن يتمكنوا من تجنب المضايقات. هذا السلوك عمل فقط لتعزيز اعتمادهما على بعضهم البعض.
في الوقت الذي كانا فيه مراهقين، كانت لغة جون وجينيفر لا يستطيع أي شخص غيرهما فهمها. كما طورا سلوكيات أخرى غير عادية، مثل رفض القراءة والكتابة في المدرسة، وتقليد كل منهم تصرفات الآخر وعدم التحدث إلى أي شخص.
التوأم والطب النفسي
في عام 1974، كان طبيب باسم جون ريس يقوم بفحص صحي سنوي في المدرسة على التوأم الصامت عندما لاحظ سلوكًا غير عادي. فإلى جانب البقاء صامتين تمامًا، لم يجد أي منهما رد فعل عندما قام بتطعيمهما كما لو كانا في حالة شبيهة بالدمى.
شارك الطبيب قلقه مع مدير المدرسة. مما دفع الأخير للاتصال بطبيب نفسي للأطفال الذي نصح أوبري وجلوريا بأخذ الفتيات إلى طبيب نفسي. لكن هذا فشل. فعلى الرغم من حضور جلسات متعددة مع أخصائيي العلاج النفسي والأطباء النفسيين استمرا في عدم التحدث مع أي شخص.
في فبراير 1977، التقت الطبيبة آن تريهارن بالتوأمين. رفضتا التحدث معها لكنهم وافقتا على تسجيل محادثاتهم إذا تركوا وحدهما. أثناء مراقبة تفاعلاتهم، حصلت تريهارن على إحساس بأن جون تريد التحدث معها لكن منعتها جينيفر من ذلك.
بسبب فشل جميع محاولات العلاج السابقة، تم اتخاذ قرار بفصل التوأم وإرسالهما إلى مدارس داخلية مختلفة. وكان الأمل أن يبدأوا في التواصل مع الآخرين وتنمية استقلالهم. لكن حدث العكس حيث لم يتواصل التوأم مع أي أحد وأصبحن منعزلات بشكل أكبر.
لم الشمل وكتابة القصص
معًا مرة أخرى، انعزل التوأم أكثر. حيث لم تعودا تتحدثن مع والداهم أو أشقائهم بل اختارا كتابة الرسائل. لقد قضوا معظم وقتهام في غرفة نومهم، يسجلون أشرطة كانت فقط أختهم الأصغر روز على علم بها.
بعد أن حصلا على دفاتر مذكرات لعيد الميلاد، طور جون وجينيفر شغفًا للكتابة. حيث سجلوا في دورة كتابة تبعت عن طريق وما كتبوه كان مظلمًا إلى حد ما. معظم قصصهم دارت في ماليبو ، كاليفورنيا وتبعت شباب وهم يرتكبون جرائم شنيعة.
جمع التوائم إعانات البطالة من الحكومة وتمكنوا من نشر قصصهم. وكان هذا هو النجاح الوحيد الذي شهدوه. ومع ذلك لم يتم نشر أي من رواياتهم الأخرى.
تعاطي المخدرات والنشاط الإجرامي
أراد التوأم الخروج العالم الخارجي. بدأوا في تعاطي المخدرات والشرب بكثرة كما بدأوا بارتكاب جرائم صغيرة. كما إنقلبوا على بعضهم البعض جسديًا وحاولوا حتى قتل بعضهم البعض. يقال أن جون حاولت ذات مرة إغراق جينيفر في نهر بينما حاولت جينيفر خنق أختها بحبل كهربائي.
وسرعان ما تصاعدت وتيرة جريمتهم إلى الحرائق. وفي أكتوبر 1981، أحرقا متجرا للجرارات مما تسبب في أضرار بقيمة 200 ألف دولار. ثم حاولا أن يفعلا الشيء نفسه في كلية مما أدى إلى إلقاء القبض عليهما بتهم متعددة تتعلق بالسرقة والحرق.
في المحاكمة أقر جون وجينيفر بالذنب في التهم الموجهة إليهما. وبموجب قانون الصحة العقلية لعام 1983، حُكم عليهم بالاحتجاز لأجل غير مسمى في مستشفى برودمور، وهو مرفق للصحة العقلية يتسم بالحماية القصوى.
معاناة التوأم أثناء سجنهما
السنوات الصامتة التي قضاها التوأم في مستشفى برودمور لم تكن سهلة. وبدلًا من السماح لهم بالاستمرار في التصرف كما كانوا تم اعطاءهم جرعات عالية من الأدوية مما تسبب في مجموعة من الآثار الجانبية. حيث تأثرت رؤية جينيفر وتفيد التقارير أنها طورت خلل الحركة المتأخر، وهو اضطراب عصبي يسبب حركات غير طوعية ومتكررة.
طوال إقامتهما، وجد التوأم الراحة بالكتابة في مذكراتهم. شاهدتهم الصحفية مارجوري والاس من صحيفة صنداي تايمز، وعرضوا لمحة عن مشاعر كلًا منهن تجاه الأخرى. من كتاباتهم الخاصة، يبدو أنهم لا يحبون بعضهم البعض كثيرًا. كتبت جون أن أختها كانت “الظل المظلم” التي شعرت أنها تملكها، في حين شاركت جينيفر أن جون كانت “وجه البؤس والخداع والقتل”. وكتبت أيضًا أنها تعتقد أنهم “أعداء أبديين”.
بقي التوأم الصامت في برودمور لأكثر من 11 عامًا. قدمت جوت ملخصًا عن إقامتهم حيث كتبت:
“حصلنا على اثني عشر عامًا من الجحيم لأننا لم نتحدث. كان علينا أن نعمل بجد للخروج. ذهبنا إلى الطبيب. قلنا “انظروا، أرادوا منا أن نتحدث. نحن نتحدث الآن.” لكنه قال “لن تخرجا. سوف تكونوا هنا لثلاثين عامًا.” لقد فقدنا الأمل. كتبت رسالة إلى وزارة الداخلية. كتبت رسالة للملكة، اطلب منها العفو عنا وإخراجنا. لكننا محاصرين”.
المأساة التي وقعت أثناء النقل إلى منشأة جديدة
في مارس 1993، اتخذت ترتيبات لنقل التوأم إلى عيادة كاسويل في مستشفى جلانرويد وهو مرفق متوسط الأمن في ويلز. تعرضت جينيفر لأزمة صحية طارئة أثناء الرحلة. تم نقل جينيفر إلى مستشفى قريب حيث تم الإعلان عن وفاتها بسبب التهاب مفاجئ في القلب. كان هذا غير عادي بالنسبة للأطباء لأنه لم تكن هناك بقايا السم أو المخدرات في نظامها. وعند التحقيق في وفاتها كشفت جون أن شقيقتها كانت تتصرف بشكل غريب لمدة 24 ساعة تقريبًا قبل عملية النقل. حيث كانت تتحدث عن موتها الوشيك.
حياة جون بعد وفاة جينيفر
بعد وفاة جينيفر، بقيت جون في كاسويل لمدة عام قبل أن تنتقل إلى العيش في غرب ويلز. أصبحت شخصية مختلفة تماما دون أختها حيث بدأت بالتحدث مع الآخرين كأنها لم تمضي الـ29 عامًا الأولى من حياتها لا تتحدث مع أي شخص آخر غير جينيفر.
واعتبارًا من عام 2008، قيل أن جون كانت تعيش بشكل مستقل. وتستمر في تناول الدواء لما يعتقد أطبائها أنه مرض انفصام الشخصية ولم تعد تحت مراقبة الأطباء النفسيين. وتفيد التقارير أنها تزور قبر جينيفر كل أسبوع. وعندما سئلت لماذا رفضت هي وأختها التحدث إلى الآخرين، قالت ببساطة “لقد عقدنا اتفاقًا. قلنا أننا لن نتحدث إلى أي شخص. توقفنا عن الحديث كليًا.”
الكاتب
-
ريم الشاذلي
ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال