تمردات تاريخية خرجت عن السيطرة وتحولت لكوارث دموية
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الرغبة في التغيير موجودة بقدم الإنسان، فهو يسعى للحصول على الأفضل دائمًا، ولذلك تقوم تمردات تاريخية حيث يتمرد الناس على من يقمعهم ويحدد حريتهم، ويبخس مطالبهم واحتياجاتهم، وعلى مدار التاريخ كان هناك الآلاف من التمردات الناجحة التي أتت بثمارها، ولكن هناك بعض التمردات خرجت عن السيطرة في حين تم تحقيق الهدف منها، إلا أنها جاءت تسببت في العديد من المآسي، مما أثار الجدل حول إرث الثورة.
إعدام جوزيف فولون دي دو
في الثاني عشر من يوليو عام 1789م، حل جوزيف فرانسوا فولون دي دو محل جاك نيكر كمراقب مالي عام للحكومة، كان سابقه نيكر محترمًا ومحبوبًا إلى حد كبير من قبل عامة الناس، وذلك لتواضعه الشديد، وإخلاصه في عمله، لكنه أغضب الملك لويس السادس عشر وطُرد من منصبه، وفي المقابل تم تعيين جوزيف فولون الارستقراطي، الذي كان قريبًا من الملك، وكان فولون متعالي وبارد، ويتعامل مع الشعب باحتقار، وبالطبع لم يُبدي أي تعاطف مع الفلاحين المناضلين، وزاد الأمر سوءًا عندما اشتدت الأزمة، ولم يجد الفلاحين الخبز، فقال فولون “إذا لم يكن لديهم خبز، فليأكلوا التبن”، فقامت الثورة عليه، خاصة أنه كان مكروهًا منذ البداية، وكان الشعب ثائرًا بالفعل لطرد نيكر، تم اقتحام الباستيل في 14 يوليو عام 1789م، هرب فولون المرعوب من باريس، واختبأ بقصر صديقه مسؤول البحرية السابق أنطوان سارتين، وحاول الملك حمايته فأشاع خبر وفاته، وتم تحضير جنازة وهمية له، ولكن عثر عليه الثوار في مخبأه، فقبضوا عليه وربطوا جسده بالحبال، ووضعوا إكليلًا من الأشواك حول رقبته، وأجبروه على شرب الخل، ولم تأخذهم به شفقة، ولم يشفع لهم عمره الذي تجاوز الأربعة وسبعون عامًا، وقاموا بتعذيبه أشد العذاب، حيث قاموا بحشو فمه بالتبن والعشب، حاولوا دون جدوى تعليقه مرتين في أحد العمدان لشنقه، ونجحوا في المحاولة الثالثة، ومات فلون، ولكنه سقط أرضًا بعد وفاته، فقام الثوار بقطع رأسه وتعليقها على رمح، وطافوا بها في أرجاء المدينة.
قتل راهبات الكرملين في كومبيين
شهد السابع عشر من يوليو عام 1794م، حادث دموي مأسوي وكارثي بكل المقاييس، حيث تم إعدام ستة عشر راهبة من راهبات الكرملين أثناء الثورة الفرنسية، حيث رفضن الامتثال للدستور المدني لرجال الدين، وهو قانون صدر عام 1790م، والذي أخضع الكنيسة الكاثوليكية للحكومة الثورية، وصادر جميع أراضي الكنيسة وحظر الأوامر الدينية، قاومت الراهبات في كومبيين قمع ديرهم، وبالتالي تم اعتقالهن في يونيو 1794م، وسجنوا في دير الزيارة السابق في كومبين، وأمروهن بخلع ملابسهن الدينية، وارتداء الملابس العادية، وكن يقدمن أنفسهن يوميًا، وفي السابع عشر من يوليو، تم محاكمتهن في باريس، وادينوا بالخيانة والتآمر ومعاداة الثورة، وحكم عليهن بالإعدام بالمقصلة، أمام الجميع، وفي يوم تنفيذ الحكم، تم تحميل الراهبات في عربة ونقلهم إلى المقصلة، كان هناك آلاف الحشود التي حضرت للمشاهدة، وذهلتهم شجاعة الراهبات، اللاتي بدأن بترديد الترنيمات باستمرار حتى قطع رأس الراهبة الأخيرة، وتم إلقاء رفاتهم في مقبرة جماعية، هزت قصتهم العالم بأكمله، وتم عرض أوبرا شهيرة عنهم، بالإضافة إلى الكتب والقصص الأدبية.
المصدر
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال