هل هاجر النبي أول محرم؟ وهل راس السنة الهجرية مناسبة دينية؟
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
رمضان، 27 رجب، ليلة نُص شعبان، وقفة عرفة، مناسبات دينية إسلامية بتحتفل بيها الدولة بشكل رسمي، وأغلبها ليه طقوس دينية مرافقة له بيعملها المواطنيين المسلمين، زي الصيام مثلا، وفيه طقوس إجرائية أو إجراءات طقسية بتمارسها الدولة، زي قفل الملاهي الليلية ومنع تداول المشروبات الكحولية.
النوع العجيب ده من الإجراءات ظهر وانتشر خلال تمدد وهيمنة مشروع “الصحوة الإسلامية”، وأنا ماليش مزاج أناقشه دلوقتي أو أدخل العركة دي خالص، أنا بس إتفاجأت إن أمبارح كان راس السنة الهجرية، كل سنة وكل المسلمين في خير وفي سعادة وفي حالهم، فحبيت أوضح حاجة بخصوص الاحتفال ده، أعتقد إنها مهمة.
مناسبات فلكية
خلال موضوع سابق بعنوان، احتفلوا صح، وضحت إن راس السنة الميلادية مش احتفال ديني، إنما الاحتفال الديني هو الكريسماس عند الكاتوليك (24 ديسمبر) أو عيد الميلاد عند الأرثوذوكس (7 يناير).
إنما راس السنة ده هو احتفال بنهاية سنة شمسية وبداية سنة جديدة، بالصدفة التقويم ده بيعد من سنة يعتقد إن المسيح إتولد فيها.
النهارده بقى أحب أنبهكم إن الاحتفال براس السنة الهجرية.. ينطبق عليه نفس التعريف بالظبط، ده احتفال بنهاية سنة قمرية وبداية سنة جديدة، وبالصدفة التقويم ده بيعد من السنة يعتقد إن النبي محمد هاجر فيها.
الأسباب
سبب اللَّبس عند كتير من الناس، أعتقدهم الأغلبية، هو بث التليفزيون الرسمي للاحتفال براس السنة الهجرية وطبعًا الكلام خلال المناسبة عن هجرة النبي مش عن التقويم القمري ونشأته ولا حتى عن نشأة السنة الهجرية.
ضيف على ده إذاعة أفلام دينية/كوميدية زي الشيماء وفجر الإسلام وهجرة الرسول.. إلخ، ده من ناحية.
من ناحية تانية الحالة الرسمية المتمثلة في احتفال الدولة بشكل رسمي بالمناسبة، وتقفيل المحلات سالفة الذكر، زي ما بيحصل في باقي المناسبات الدينية.
فلما نضيف على الحالتين الظاهرتين دول، إن المتلقي جاهل بالدين وبأبسط قواعده.. فخلاص هيلبسها عادي، بس كمان هيبقى واثق ومتأكد.. وهيعتبر أي حد يناقش الموضوع شخص ملعون.
فزي ما قلت في سلسلة الثوابت الوهمية: يتفق عموم المسلمين في التعصب للإسلام.. والجهل به.
الشواهد
طبعًا الموضوع أصلًا مش سِر ولا محتاج أكتر من سؤال السيد جوجل، كرم الإنسان سيرفراته: متى هاجر النبي؟، عشان فورًا هيطلع الإجابة الوافية.
بس للآسف نادرًا لما حد بيبحث عن بديهياته، وبالشكل ده مع الوقت بتتكون عندنا ثوابت وهمية.
المهم، هنلاحظ مثلًا إن مافيش صيام يوم راس السنة الهجرية، زي عاشورا أو نص شعبان.. إلخ.
لو ركزنا أكتر هنلاقي إن النفر مننا غالبا مسألش نفسه، هو الاحتفال بيوافق تاريخ المغادرة ولا الوصول؟، ماهو ماكنش فيه طيران.. والرحلة دي خدت حوالي أسبوعين، فهل الاحتفال موافق يوم الخروج من مكة ولا يوم وصول يثرب/المدينة؟.
وارد طبعًا يسأل أحدهم: السؤال ده مهم فإيه؟
أقولك: لو كانت سألت نفسك وعرفت الإجابة كان وارد تنتبه إن النبي ماكنش هيحتاج يهاجر في الخفاء.
معقولة؟
الأشهر الحرم
العرب طول عمرهم بيعتمدوا على التقويم القمري وكانوا مثبتين السنة القمرية عن طريق النسئ، اللي الإسلام بعد كده حرمه. فكانت الشهور بتيجي دايمًا في نفس الميعاد كل سنة.
كان عندهم في كل سنة أربع شهور همه موسم التجارة بالنسبة ليهم، وقت رحلة الشتاء والصيف، بتوع التجارة مع اليمن والشام، العرب اتفقوا على تجريم الحرب في الفترة دي وسموهم الأشهر الحُرُم، 3 شهور ورا بعض “ذو القعدة، ذو الحجة، محرم” وشهر لوحده “رجب”.
يعني في الحالتين، كان 1 محرم هو تاريخ المغادرة أو الوصول، فإن النبي هيكون إتحرك خلال الأشهر الحرم، بالتالي ماحدش هينفع يطلع وراه ويقتله.
أما لو كان تحديدًا تاريخ الوصول، فده معناه إنه خرج مع نهاية موسم الحِج، يعني عز خروج زوار مكة منها، حجيج أو تجار، بالتالي المهمة كانت هتبقى أسهل كتير جدًا، يعني لا هتحتاج تخفي ولا يستخبوا في غار ثور ولا غيره.
الواقع
أغلب الروايات بتقول إن النبي خرج من مكة حوالي 27 صفر، ووصل يثرب/المدينة في حدود 12 ربيع أول.
أما حكاية إن واحد محرم هو راس السنة الهجرية فدي قصة تانية خالص مالهاش دعوة لا بالهجرة، ولا بأي حدث ديني.
خلال حكم عمر بن الخطاب الدولة توسعت واستقرت نسبيًا، وبقى فيها دواوين/وزارات وولايات تابعة ليها، وبدء قادة العرب يتلخبطوا لإنهم متعودين يسموا السنين المشهورة ويعدوا منها. فمافيش عندهم سنة 270 وسنة 318 إنما عندهم عام الفيل وعام البعثة وعام الرمادة.. إلخ. فقرروا إنهم يعملوا زي باقي الدول المعتبرة ويعدوا، فاحتاروا يعدوا من أول فين؟ وأنهي شهر اللي يبقى أول السنة.
فبعد مشاورات ومداولات تم اختيار محرم إنه يكون بداية السنة، على أساس إن السنة تنتهي بموسم الحج، وإن عد السنين يبدء من تاريخ الهجرة باعتباره بداية تأسيس الدولة.
الكلام ده حصل حوالي سنة 17هـ، يعني بعد وفاة النبي ونهاية أي أحداث دينية بأكتر من 5 سنين.
ختام
أنا كشخص محب للاحتفالات والبهجة بشكل عام، بس باهتم شوية إننا نحتفل صح، فقشطة يبقى فيه احتفال، بس الكلام فيه مايبقاش منصب بس عن الهجرة.. إنما عن تأسيس الدولة وتطورها، مايتعاملش إنه يوم مقدس أو حصل فيه أساسا أي حاجة، مش بس عشان مافيش محلات تقفل بدون سبب.. إنما الأهم إن اللي يحتفل يبقى عارف هو بيحتفل بإيه.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال