أحمد رامي “الصب” الذي فضحته عيونه
ما بين الصب تفضحه عيونه ولقاء الوداع في المطار ورثائه لثومة نظم أحمد رامي أشعار كثيرة كتبها لأم كلثوم، معظمها عبر عن وجدانه، وكان أصدقهم أغنية حيرت قلبي معاك التي وصف بها أحمد رامي حبه لأم كلثوم، بل وصف معظم علاقات الحب.
اللقاء الأول بين أم كلثوم وأحمد رامي كان في الأزبكية عندما بدأ نجم أم كلثوم في الصعود، وفي نفس التوقيت كان الشاعر أحمد رامي في باريس يدرس الفارسية وسمع عن صوت أم كلثوم فقرر أن يكون شغله الشاغل بعد رجوعه من باريس أنه يبحث عن صوت كوكب الشرق التي كانت وقتها تشدو بأغنية “الصب تفضحه عيونه” اللي كتبها أحمد رامي للشيخ أبو العلا محمد أستاذ أم كلثوم، فطلب منها أحمد رامي انها تغنيله الصب تفضحه عيونه ومن هنا بدأت شراكة فنية دامت إلي أن توفت الست.
“حيرت قلبي معاك” تحفة فنية خلد من خلالها أحمد رامي حبه لأم كلثوم، وبدأ تحفته ب “حيرت قلبي معاك..وانا بداري واخبي”، إلي أن وصل أحمد رامي لمقطع “يا قاسي بص في عنيا وشوف إيه انكتب فيها، دي نظرة شوق وحنية ودي دمعة بداريها، وده خيال بين الأجفان فضل معايا الليل كله” وهو المقطع اللي تمني رامي أن أم كلثوم عندما تغنيه أن تلقي نظرة علي كرسي 8 وهو كرسي الصب الذي فضحته عيونه، وتنظر لعينيه لتعرف أنه يقصد كل كلمة ليها هي.
بعد ذلك اتنقل رامي من تمنيه أن أم كلثوم تعرف ما به، لمقطع “ياما ليالي انا وخيالي..افضل اصبر روحي بكلمة يوم قولتهالي، وابات أفكر فاللي جرالي واللي جرالك، واقول ماشفافشي الحيرة عليا لما بسلم، ولا شافش يوم الشوق في عيني راح يتكلم”.
وهو المقطع الأكثر حزناً لأحمد رامي، لأن أم كلثوم فمرة سألته لماذا لا يتقاضى منها مال علي الأشعار التي يكتبها لها وانه مجنون، كان رد أحمد رامي “نعم انا مجنون بحبك والمجانين لا يتقاضون ثمن جنونهم، هل سمعت قيس أخذ من ليلى ثمن أشعاره التي تغنى بها؟” وكان رد أم كلثوم صادم “سمعني آخر حاجة يلا”.
المقطع الأكثر بؤساُ كان لما كتب رامي “خاصمتك بيني وبين روحي..وصالحتك وخاصمتك تاني، واقول ابعد تصعب علي روحي..تطاوعني ليزيد حرماني” بيرجعنا فلاش باك لخناقة أم كلثوم مع رامي عندما كتب قصيدة في حفل تكريمها من المعهد الموسيقي في 1932.
لكن جريدة روز اليوسف كانت قاسية عليه بعد الحفلة ورسموا كاريكاتير يسخر من الموقف واتهموا أحمد رامي انه قال لأم كلثوم نفس القصيدة اللي كتبها لعبدالوهاب، وثومة كان رد فعلها قاسي لما شافت أحمد رامي في الاستوديو قالتله “انا اسفة اني عرفتك”، وعندها توقف الزمن برامي الذي تيقن أن البعد عليه واجب للحفاظ علي ما تبقى من كرامته، وانتهى الأمر بالصلح بينهم وجواز رامي من قريبته.
في نفس المقطع قال شاعر الشباب “حفضل احبك من غير ما اقولك..أيه اللي غير افكاري، لحد قلبك ما يوم يدلك..علي هوايا المتداري، ولما يرحمني قلبك..ويبان لعيني هواك، وتنادي علي اللي انشغل بك..وروحي تسمع نداك” لخص فيه أحمد رامي 90% من افلام رومانس كوميدي في العالم ومعضلة فراق الأحبة ويجمعهم مشهد النهاية عندما يدركون انهم ملهمش غير بعض ويكملوا حياتهم سوا، ولكن لسوء حظ رامي أن ده محصلش وفضل عاشق ولهان لحد نهاية حياته حتي بعد ما ماتت ثومة.
قصيدة الوداع لرامي كتبها في المطار لما أم كلثوم كانت في آخر رحلة علاج ليها واللي ابتدا رامي قصيدته ب “وأن انسي لا انسى يوم المطار..وقد دنت الساعة القاضية..جلسنا مع الناس في نجوة..وغبنا عن الأعين الفانية..اسابقها في شمس الحديث عن الشوق والذروة الأنسية..واين يكون اللقاء القريب أفي مصر أم في دارها الغالية” وختم رامي قصيدته ب “إلي ان علت في عنان السماء، وغابت..محبوبتي باقية”.
بعد موت محبوبته امتنع شاعر الشباب عن كتابة الشعر ودخل في اكتئاب لحد ما مات، اسطورة فنية لم تتكرر وخلد فحبه لثومة أغاني اتحفرت في وجدان المستمعين زي انا حالي في هواها عجب، وزارني طيفك في منامي، وانت الحب، ويا مسهرني.
نهايتنا مع شاعر الشباب هو رثائه لأم كلثوم ونهاية قصة حب دامت أكثر من 30 سنة.