أحمد صبري النجريدي عاشق الست الأول.. حينما يهزمنا الحب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
الحب لعنة حتى وإن التقى المحبين وجمعهم الحب فإنه يظل لعنة، فهناك الذين لا يستطيعون أن يحيوا بعيدا عن المحبوب، بل تتوقف حياتهم للأبد، يتوقفوا عن الإبداع عن التفكير يتوقفوا حتى عن الشعور بالحياة، مثلما حدث مع صبري النجريدي الملحن الهاوي الموهوب الذي قتل الحب موهبته وألحانه.
لم يتوقع النجريدي طبيب الأسنان هاوي الموسيقى أن زيارة علي بك البارودي له في عيادته في مدينة طنطا ستكون الباب الذي تدخل منه المأساة لتقضي عليه تماما، وقتها كان علي بك البارودي من أكثر المعجبين بفن أم كلثوم الفتاة التي تحاول شق طريقها إلى النجومية آنذاك تطرفا، كان يرى أن نجاحها لن يستمر إذا ظلت تقدم قالب الإنشاد الديني وقصائد الشيخ أبو العلا محمد لذلك توجه إلى طنطا.
هناك كان احمد صبري النجريدي يجلس في عيادته يباشر عمله كطبيب أسنان وفي عقله تدور الموسيقى، التي قدمها قبل ذلك للعديد من المطربات وعلى رأسهم منيرة المهدية، ولكن النجريدي كان يحتفظ دوما بشعرة معاوية، تلك الشعرة هي انه يمارس الموسيقى كهاوي فقط فلا يختلط بالفنانات والفنانين فقط يقوم بوضع اللحن الذي يدور في رأسه ويعود إلى طنطا.
أقنعه البارودي بالتعاون مع الفتاة الصاعدة ليقابلها صبري النجريدي، لتبدأ رحلة فنية قدما خلالها ما يقرب من 17 أغنية وتختلف المصادر حيث تقول بعضها انهم قدموا 13 أغنية بينما يقول البعض الأخر 11 أغنية ولكن الأقرب للصحة 17 عمل فني جمع أم كلثوم بصبري النجريدي.
خلال تلك الفترة لم تقف علاقة أم كلثوم بصبري النجريدي حد علاقة مطربه وملحن بل أصبح أستاذها الثاني، فكان يعلمها العزف على العود والموسيقى كان ذلك في الفترة بين عامي 1924 وحتى 1926، وقتها تفرغ النجريدي تماما لأم كلثوم أغلق عيادته في طنطا وسكن القاهرة ليصبح قريبا من تلك الفتاة التي عشقها أم كلثوم.
أجمع الكثيرون أن أم كلثوم لم ترفض حب أحمد صبري النجريدي ، بل كانت تشعر ناحيته بميل كبير، وفي إحدى جلسات تحفيظها لحن أغنية ” خايف يكون حبك ليا شفقة عليا” الأغنية التي كتبها أحمد رامي، وحينما أبدت أم كلثوم أعجابها بالنجريدي كملحن استجمع شجاعته واعترف لها بحبه الشديد ورغبته في الزواج منها.
وكأي فتاة من بيئة ريفية أحالت الأمر برمته إلى والدها الشيخ إبراهيم وشقيقها خالد، ولكن الغريب انه الفتاة الريفية والدها لم يكن بتلك العقلية الريفية فهو رأي أن زواجها من أحمد صبري النجريدي لا يصح بل وسيعطل مشروع أم كلثوم الفني فكان الرد بالرفض، وساعد في ذلك انه انتشرت شائعات حول قصة الحب بين أحمد صبري النجريدي والأنسة أم كلثوم أبراهيم لتتحول تلك الشائعات إلى القشة التي جعلت إبراهيم البلتاجي والد الأنسة يسعى لإنهاء العلاقة الفنية بين أم كلثوم والنجريدي.
تصده الست وتبلغه رفض عائلتها لمشروع الارتباط، لينكسر النجريدي وتنكسر موسيقاه بداخله، ليهجر القاهرة العامرة بالحبيب وفي قلبه حب مقهور لن يرى النور ويعود ليفتح عيادته في طنطا ويظل يعزف لنفسه ويبتعد كل البعد عن أهل المغنى والطرب فقط لينسى، ولكنه انزوى وذبلت موهبته لدرجة انهم لم يقدم سوى عملين بعدها في النصف الثاني من الثلاثينات قبل ان يسدل الستار نهائيا على أحمد صبري النجريدي عاشق الست الأول.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال