آخر هوانم المنصورة عن قصرها: وصفه موسيليني بالأجمل وغنت به الست ونجا من تأميم ناصر (صور)
قصر أثري مملوك للراحل محمد بك الشناوي بشارع الجمهورية في المنصورة ، آلت ملكيته للهيئة العامة للآثار في 2005… صاحب القصر كان عضوًا سابقًا بكل من مجلسي الشيوخ والنواب وكان أيضًا عضوًا بارزًا بحزب الوفد وصديقًا مقربًا لسعد زغلول، أما القصر فكان شاهدًا علي أحداثٍ تاريخية كثيرة مما جرت في النصف الأول من القرن الماضي.
في حديثها للمولد قالت “ثريا هانم” الابنة الصغري لمحمد بك الشناوي ضمن 9 أشقاء رجلين وسبع بنات؛ هم عزيزة يليها أنهام وزكي وأمينة وتهاني ونعمات وسعد وزينب وثريا، إنه تم بناء القصر عام 1928 على مساحة 4164 م، مكون من بدروم وطابقين وقد تم استيراد السلم الذى يربط بين الطابقين بأكمله من إيطاليا وهو من الخشب المعشق؛ بدون أي مسامير وملحق حديقة وملاعب كل ذلك تم تصميمه على الطراز الإيطالي وتنفيذه بواسطة نخبة من المهندسين والعمال الإيطاليين.
كان يوجد بالقصر العشرات من الخدم السودانيين والمصريين وكان الطعام يُنقل داخل الأسانسير للثلاثة طوابق الموجودة بالقصر حيث كان مطبخ القصر ببدروم المنزل وحصل القصر على شهادة كأجمل قصر بُني خارج إيطاليا بأيدى إيطاليين موقعة من موسيليني.
تقول ثريا هانم الشناوي، أخر سكان القصر قبل تسليمه للمجلس الأعلى للآثار، والتي تعيش بمفردها داخل منزل عتيق به العديد من التحف وصور نادرة للعديد من زعماء مصر، في محاولة للعودة إلى الزمن الجميل علي حد وصفها، إن والدها كان يمتلك أكثر من نصف مدينة المنصورة، وأول من أدخل الأسانسير بالمدينة و كان هذا القصر يلقب ببيت الأمة، حيث اعتاد والدها المرحوم محمد بك الشناوي استقبال كبار الشخصيات السياسية مثل الزعيم مصطفى النحاس باشا والذي كان له بالقصر جناح خاص يستريح فيه ويقيم بعض الاجتماعات به، وحضر عقد قران شقيقتها أمينة داخل هذا القصر.
تؤكد ثريا أن والدها استقبل أيضا سعد زغلول والأمير عبد المنعم أحد أفراد الأسرة المالكة، بهذا القصر، وبعد أن لكن النشاط السياسي استمر به، ليتولي ذلك زكي بك الشناوي الابن الأكبر والذي كان عضوًا في البرلمان والحزب السعدي وكان صديقا للنبيل عباس حليم.
تضيف ثريا أن شقيقها زكي استقبل محمود باشا النقراشي رئيس الوزراء في ذلك الوقت بالإضافة إلى أحمد باشا ماهر ومصطفي محمود المراغي شيخ الأزهر في ذلك الوقت، وقام زكي بإحضار قطار كامل خاص لينقل شيخ الأزهر إلى مدينة المنصورة لافتتاح المعهد الديني الذى أقامته عائلة الشناوي لخدمة أبناء المنصورة.
وأشارت ثريا إلى أنه عند وفاة شقيقها زكي حضر جنازته إبراهيم باشا عبد الهادي رئيس الوزراء، وكانت مغامرة كبيرة منه أن يحضر الجنازة وهو مهدد بالاغتيال من جماعةالإخوان، وسار حينها مسافة كبيرة وصلت إلى مقهي أندريا أسفل حزب التجمع الحالي ثم اختفي إبراهيم باشا تحسبًا لأعمال العنف المحتملة.
تعود ثريا لتسرد من جديد؛ تولي أمر القصر بعد وفاة زكي شقيقها سعد الشناوي دكتور الشريعة والقانون والابن الأصغر للراحل محمد بك الشناوي، حيث أقام سعد حفل زفافه بالقصر وأحيت الحفل كوكب الشرق أم كلثوم، وحينها تجمع أبناء المنصورة خلف أسوار الحديقة بالقصر لمشاهدة وسماع الحفل الذي تحييه كوكب الشرق.
واستضاف الدكتور سعد الشناوي الموسيقار محمد عبد الوهاب مرات عديدة بالقصر، واصفة زيارته بالزيارة التي تصيب القصر بالتوتر حيث كان يبيت بالجناح الخاص بالنحاس باشا بالدور الثالث المكون من غرفة وحمام وطرقة كبيرة وكان عبد الوهاب يرفض صعود أي أحد إلى الجناح لأنه لا يريد أي إزعاج علي الرغم من أن جدران القصر سميكة جدًا -علي حد وصفها- عكس النحاس باشا حيث كان الأمر يسير بشكل طبيعي في أثناء مبيته.
وذكرت أن النحاس باشا جاء ليداعبها في مرة عندما كانت طفلة وجاءت تسلم عليه في أثناء وجودهما بالقصر بصحبة خادمة سودانية، فداعبها النحاس ضاحكًا أهلا بوحدة مصر والسودان.
تضيف ثريا إلى أنه تم تأميم العديد من ممتلكاتهم في ثورة يوليو 1952، حيث أُمم مضرب والدها أكبر مضارب الأرز حتي الآن في محافظة الدقهلية والملحق به 9 فدادين، وتم بيع مضرب الطوب الخاص بشقيقها سعد خشية من تأميمه وأن القصر كان سيأمم لولا تدخل الوسطاء لمنع ذلك حيث كانوا يعيشون بداخله.
تضيف ثريا أنها تولت القصر بعد شقيقها سعد، وزارتها مرةً إحدى الصحفيات الأمريكيات لعمل تقرير عن القصر وفي أثناء ذلك شاهدت ثريا عشرات الجنود داخل القصر لحماية الصحفية، إلا أن الصحفية جاءت في اليوم الثاني وأقامت بالقصر لمدة ثلاثة أيام دون وجود أي حراس!
يذكر أن قصر الشناوي باشا في المنصورة عانى من إهمالٍ شديد وتعطل مشروع ترميمه، وفي نوفمبر 2017 وحسب موقع الأهرام، أوضح الدكتور محمد عبد اللطيف مساعد وزير الآثار، أنه سيتم ترميمه في أقرب وقت بعد حصر العقبات عطلت مشروع الترميم.
تضحك وتقول إن أشقاءها منعوها من التعليم في المدارس، حيث كانت سيارات العائلة معروفة فلا تستطيع الحركة بسبب ذلك فيتم إرسال مدرسين المزيكا، وغيرهم لتقوم بالدراسة داخل القصر وإن من أسعد أوقات قضتها عندما سافرت وعاشت لمدة أيام في شقة صغيرة في القاهرة خلال استكمال شقيقها سعد لتعليمه في كلية الحقوق.
تضيف ثريا أنها عاشت لفترة طويلة داخل القصر بمفردها إلى أن عرضت هي وورثة الشناوي بيعه علي وزارة الثقافة بثمن أقل من ثمنه؛ تخليدًا لذكرى والدها والعائلة.