70 مشاهدة
الطفولة في غزة.. حياة على حافة الموت
900 ألف طفل نازح، 200 ألف حالة إسهال، 700 ألف إصابة بالأمراض المعدية، 50 ألف جنين معرض للموت، واحد من كل ثلاثة أطفال تحت سن العامين في شمال غزة يعانون من سوء التغذية، أكثر من 27 حالة وفاة بين الأطفال، 10 دول أوقفت التمويل لوكالة غوث وتشغيل الفلسطينين “الأونروا”- أهم المؤسسات التي تدخل المساعدات لقطاع غزة- جميعها أرقام توصف الكوارث الإنسانية في قطاع غزة والتي يروح ضحيتها الأطفال، بعد حرب اقتربت من شهرها السابع مرفقًا بحصار جعله منفصلُا عن العالم، لا يدخل له المساعدات الإنسانية ولا حتى الطبيعة.
تخطى الوضع في غزة الصعب بعد الحصار الشديد عليه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب الهجوم التي شنته حركة حماس عليها في صباح الـ 7 من أكتوبر الماضي، لتدخل البلاد حرب يدفعها ثمنها الأطفال والنساء والشيوخ.
يكابد نحو 2.5 مليون شخص في قطاع غزة مخاطر المجاعة بعدما استخدمت إسرائيل سياستها القمعية للضغط على حركة حماس عبر استهداف المدنيين سواء عبر استخدام قناصتها أو استخدام سياستها التوجعية ضد المدنيين في القطاع.
منظمة الأم المتحدة للطفولة “اليونسيف”، تؤكد في تقرير لها أن واحد من كل ثلاثة أطفال دون سن الثانية في شمال قطاع غزة يعاني من سوء التغذية الحاد وهو ضعف المعدل البالغ 15.6% في يناير الماضي ما يعني انتشار سوء التغذية بين الأطفال بمستويات مدمرة وغير مسبوقة.
وفي التقرير ذاته، توضح أن عشرات الأطفال لقوا حتفهم نتيجة سوء التغذية والجفاف ما يتسبب في زيادة أعداد الأطفال الذين لقوا حتفهم نتيجة تلك الحرب ليصل عددهم إلى 13.450 طفلًا.
فحوصات التغذية التي أجرتها المنظمة، تُشير إلى أن 4.6% من الأطفال في الملاجئ والمراكز الصحية يعانون من من الهزال الشديد وهى أكثر أشكال سوء التغذية تهديدًا للحياة، بينما تكشف الفحوصات التي أجريت في المنطقة الوسطة من قطاع غزة أن 28% من الأطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد، وأكثر من 10% يعانون من الهزال الشديد.
أمل مفقود
في شهر فبراير الماضي، جاء لفاطمة ألم المخاط، ليأتي وقت الولادة الأمر الذي كان تخشى وتتمنى ألا يأتي بسبب الحرب والصراع الدائر في القطاع منذ شهر أكتوبر الماضي، وخلف دمارًا خلفه يحتاج لسنوات وسنوات حتى يُعيد البناء.
فاطمة الأم لأربعة أطفال أكبرهم لا يتعدى عمره الـ 10 سنوات، رفضت ترك منزلها في قطاع غزة برفقة أسرتها، رغم التهديات التي تلقها أهالي الشمال من قبل قوات الأحتلال الإسرائيلي والذي قام بالفعل بتنفيذ تهديداته وقام بالقصف لكنها رفضت تركه وعاشت بداخله رغم انعدام مقومات الحياة.
“لا طعام ولا شراب ولا دواء ولا حفاضات للأطفال مفيش أي أشيء”.. بعد الحصار الشديد على القطاع خاصة الشمال، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتحجيم دخول المساعدات والتي تكاد شبه معدومة نظرًا إلى أن المساعدات التي تدخل يتعرض لها العصابات ويقوم بنهبها، والباقي لا يكفي سوء عدد من الأسر المعدود والتي تحصل كل أسرة منها على كيس طحين لا يكفيها.
ولم تكتفي إسرائيل بهذا الحد بل قامت بمنع دخول مساعدات وكالة الغوث وتشغيل الفلسطينين “الأونروا” إلى شمال غزة ما يزيد من صعوبة الأوضاع في الشمال، فضلًا عن انتشار الأمراض المعدية بين الأطفال، فقد أشار تحليل لمجموعة التغذية العالمية أن 90% على الأقل من الأطفال دون سن الثالثة مصابون بمرض معدي واحد أو أكثر بينما 70% أصيبوا بإسهال في الأسابيع الماضية بزيادة قدرها 23 ضعفًا مقارنة بعام 2022.
كما أشارت تلك التحاليل أن 95% من النساء الحوامل والمرضعات يعانون فقرًا غذائيًا حادًا. ووفقًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن 50 ألف امرأة حامل منهن 5500 امرأة على وشك الولادة محاصرون داخل القطاع ما يعني أن 50 ألف طفلًا معرضًا للموت في ظل نقص الغذاء وانعدم الأدوية الطبية اللازمة.
وقلصت 64% من الأسر وجبتهم إلى وجبة واحد في اليوم لضمان حصول أطفالهم على طعام، مع العلم أن حجم تلك الوجبة أصبح أقل من ذي قبل.
يتعرض أطفال “فاطمة” إلى سوء تغذية لا يجيدون ما يسد جوعهم، يعيشون على بعض المعلبات التي اقتربت من نفاذها والتي لا تتناسب معظمها معهم نظرًا إلى أن الملعبات تتسبب ببعض الأمراض للأطفال.
تضيق مخنق
تقول إيناس حمدان، القائم بأعمال مدير مكتب إعلام أونروا في غزة، إن الوضع الغذائي في غزة سيئ جدًا خاصة في شمال غزة حيث أن ربع سكان غرة معرضون للمجاعة في حالة لم يتم إدخال المساعدات بالشكل الكامل.
تُضيف”حمدان” لـ “الميزان“، إنه ما لا يقل عن 27 طفلًا لقوا حتفهم في غزة نتيجة سوء التغذية الحاد والجفاف، موضحة أنه نتيجة التضيق على منطقة الشمال لا يوجد إحصائيات دقيقة بأعداد وفيات الأطفال.
توضح أن ما تسبب في تفاقم الأمر هو قيام إسرائيل بإبلاغهم بمنع دخول مساعدتهم والقوافل الطبيبة التابعة لهم إلى منطقة الشمال، هذا بجانب قيام 10 دول بقطع تمويلاتهم إلى الوكالة بتهمة أنها بعض العاملين بها ساعدوا حماس في هجومها يوم السابع من أكتوبر الماضي، الأمر الذي فاقم الوضع سوأ.
وتُشير القائم بأعمال مدير مكتب إعلام أونروا في غزة، إلى أن أهالي الشمال يعتمدون على الإنزالات الجوية من الطعام والتي لا تسد جوع الأسر.
وفي منطقة الجنوب والوسط لا يكون الأمر أفضل، فعلى الرغم من قدرة “الأونروا” على إدخال المساعدات إلى الأهالي إلا أنها لا تكفيهم نتيجة وقف التمويل لها، فضلًا عن عرقلة الاحتلال الإسرائيل لبعض العمليات، ما يعينd تعرض كل فلسطيني في غزة إلى خطر الموت جوعًا.
لا يتخطى عدد الشاحنات التي تدخل حاجز الـ 160 شاحنة، بعد أن كانت تدخل ما لا يقل عن 50 ألف شاحنة إلى مناطق الجنوب ورفح والذي نزح فيها ما يقرب من 1.7 مليون شخصًا منهم 1.3 مليون شخص في قطاع رفح.
خروج اجباري
خرجت آلاء مع زوجها وأطفالها الأربعة من غزة متجهين إلى رفح، برفقة آلاف النازحين غيرها، لتعيش في خيمة مفتقرة لكافة مقومات الحياة.
تلك المعيشة لا تفرق مع آلاء أو زوجها، فهما كبار قادرين على تحمل تلك الأوضاع الصعبة أكبر فترة ممكنة، لكن أطفالهم الأربعة لن يتمكنوا فطلابتهم المتكررة من الحصول على طعام تفوق تحمل الأم وزوجها.
“الأوضاع صعبة كتير نعيش أطفالي عم يخبروني عن أنهم جوعى ما بعرف كيف أرد عيلهم المياه ملوثة ومفيش أي مقومات للحياة ولا نظافة مفيش حفاضات وألا أي شي لاطفالنا حياتهم معرض للخطرة من كل شي من سوء التغذية ومن الأكل والمياه .. حتى المساعدات ما بنشوفها بالمرة .. طلعنا من غزة بدون أي شيء”
لا خيار
تقول منظمة أطباء بلا حدود لـ “الميزان” أن الأوضاع في غزة ومنطقة الشمال تحديدًا كارثية بعدما انقطعت المساعدات إلى حد كبير منذ أشهر مما ترك الناس محاصرين وليس لديهم خيار سوى محاولة البقاء على قيد الحياة على كميات ضئيلة من الغذاء والمياخ والإمدادات الطبية.
وعلى الرغم من أن منظمة أطباء بلا حدود لها رؤية محدودة للوضع الإنساني والصحي العام في الشمال إلا أن عدد قليل من موظفينها ما زالوا محاصرين هناك ويصفون الوضع الكارثي الذي اضطروا فيه إلى اللجوء إلى تناول طعام الحيوانات الآليفة بعدما رفضت قوات الاحتلال الإسرائيلي وصول المساعدات الإنسانية.
وتدعو منظمة أطباء بلا حدود إسرائيل بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية عبر الحدود البرية الحالية وهى الطريقة الأكثر فعالية لضمان وصولها إلى الأشخاص المحتاجين.
وتؤكد منظمة أطباء بلا حدود أن انتشار سوء التغذية سيؤدي بلا شك إلى حصد مئات ومئات من أرواح الأطفال.
يبلغ أعداد الأطفال النازحين نحو 900 ألف طفل يعانون من مناعة هشة وضعيفة وهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الموسمية والمعدية حيث تم تسجيل 200 ألف حالة إسهال في صفوف الأطفال ونحو 700 ألف إصابة بالأمراض المعدية، وفقًا للمتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور أشرف القدرة.
الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال العدوان، يؤكد أن العديد من حالات الأطفال توفت في غزة نتيجة سوء التغذية ونقص الطعام وانتشار الأمراض والأوبئة حيث أن أغلب الحالات التي كانت تصل إلى المستشفى كانت تعاني من جفاف حاد نتيجة انتشار العدوى على مستوى الجهاز الهضمي والنزلات المعوية.
ويقول الدكتور جبر الشاعر، طبيب الأطفال بمؤسسة ميد جلوبال، لـ”الميزان” إن أوضاع الأطفال في قطاع غزة مأسوية خاصة في مناطق الشمال.
يُضيف أن حالات الأطفال في الشمال تفوق أعداد الأطفال التي توفت في منطقة الجنوب. موضحًا أن سوء التغذية وتناولهم المعلبات التي تمثل ضررًا كبيرًا على الأطفال تسببت في تفاقم الوضع.
يُشير إلى أنه يوميًا يتردد على المؤسسة ما لا يقل عن 30 طفل يعانون من سوء التغذية والهزل الشديد وتسوء حالتهم نتيجة عدم توافر العلاج اللازم ما يجعل حالتهم على المحك.
الأطفال في غزة يعيشون واقعًا مأسوية، يحول حولهم الموت من جميع الاتجهات ينتظرونه لا يعرفون متى الموعد لكنهم انتظارهم له مؤكدًا، فإن لم يموتوا برصاصات الاحتلال فلا شك بأنهم سيموتون بسبب الجوع إذا ظل الوضع كما هو عليه دون أي جديد يتم.
الكاتب
الوسوم
ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide