“المخاط” ذلك الشيء الذي يشمئز منه الإنسان.. كيف تستفيد منه المخلوقات الأخرى؟
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في البشر، يحافظ المخاط على رطوبة الأنسجة، كما أنه يقوم أيضًا بتنقي الهواء الذي نتنفسه، مما يؤدي إلى حجز مسببات الحساسية والكائنات الحية الدقيقة، التي تصيبنا بالأمراض، ومن ناحية أخرى، وجد بعض الحيوانات أغراضًا أكثر إبداعًا للاستفادة من تلك الأشياء اللزجة، بعضها قد يبقي الحيوان على قيد الحياة حرفيًا.
الدلافين.. تتواصل سويًا باستخدام المخاط
ستتفاجأ عندما تعلم أن تلك الزقزقة اللطيفة التي تصنعها الدلافين، تصدر من المخاط الخاص بهم، ولا تنتجها الأحبال الصوتية كما تعتقد.
داخل الممرات الأنفية، تقع كتل الأنسجة وتتصادم بعضها ببعض حتى 1000 مرة في الثانية، وتهتز من أجل إصدار الأصوات، وقد كافح العلماء لتفسير تلك الظاهرة، ولمعرفة كيف تحقق الدلافين مثل هذه النغمات الغريبة وعالية الصوت، وفي عام 2016م، قام علماء الأحياء بتكييف نموذج الحبل الصوتي البشري على نظام محاكاة حاسوبي، لإعادة إنشاء الأصوات التي تصنعها الدلافين، في البداية، افترض الفريق أن الصوت جاء من كتل الأنسجة التي تضرب بعضها ببعض، وعندما انفصلت، تبعها حلقة أو صرير، ومع ذلك، رفضت المحاكاة إنتاج نفس الترددات العالية ما لم يضيف العلماء جرعة جيدة من المخاط إلى الممرات الأنفية المحاكية للدولفين، وهذا يؤكد أن الدلافين لن تتمكن من التواصل بشكل فعال مع بعضها البعض، أو حتى تحديد الموقع بالصدى.
أسماك القرش تصطاد فرائسها بالمخاط
أسماك القرش لديها قدرة شبه خارقة على اكتشاف أقل الكميات الصغيرة من الدم من أماكن بعيدة، وفي عام 2007م، اكتشف الباحثون أن مخاط المخلوقات البحرية يلعب دورًا رئيسيًا في ذلك الأمر، أو بشكل أكثر تحديدًا، يساهم المخاط بشكل فعال للاستفادة الأكبر من هذه الموهبة، حيث تعتمد أسماك القرش على مادة تشبه الهلام في رؤوسها مليئة بالأملاح والبروتينات، تعمل كموصل كهربائي، فبعد أن تقع نقطة دماء في المياه، تنتج الأملاح الموجودة في الدم المتسرب مجالًا كهربائيًا قويًا في الماء يمكن اكتشافه بواسطة الخلايا الحساسة في جلد القرش، وبمجرد حدوث ذلك، تنتقل الشحنة الموجبة عبر المخاط إلى أعصاب معينة، ثم تقوم هذه الأعصاب بتنشيط الإشارات الكهربائية في دماغ القرش، لتنبيهه إلى الوجبة المحتملة، وبدون هذه المادة المخاطية، لا يمكن للإشارات الكهربائية أن تصل إلى دماغ القرش، وبدون هذه الإشارات، ستجد أسماك القرش أنه من المستحيل تقريبًا اكتشاف مسار الدم من الأساس.
مخاط الحلزونات هو سلاحها للبقاء
حركة القواقع والحلزونات صعبة للغاية، فهم لا يمتلكون أي أجزاء خارجية تمكنهم من التحرك، مما يهدد حياتهم باستمرار، ويجعلهم عرضة للهجوم والهلاك، ولكن اكتشف العلماء أن الحلزونات تقوم بإنتاج المخاط ليساعدها على الحركة، ولكنه للأسف يستهلك منهم طاقة كبيرة للغاية، تتفوق على الطاقة التي نحتاجها في السباحة والجري، مما يجعل منه سببًا أكبر للموت والفناء، حاصة في تلك الأوقات التي يكون فيها الطعام نادرًا، وفي عام 2007م، اكتشف العلماء أن الحلزون يتبع حيلة ذكية للغاية، تمكنه من التحرك والنجاة بحياته، دون بذل الكثير من الطاقة في إنتاج المخاط، حيث يقوم بعضهم بالتحرك على درب الآخر، بمعنى أن يبذل أحدهم كل طاقته ليتحرك، ومن ثّم يسير آخر على طريقه المليء بالمخاط بالفعل، ومن خلال هذه الحيلة وفرت الحلزونات قدرًا هائلاً من الطاقة، لأنه كان عليها فقط إنتاج جزء مخاط بسيط.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال