تأثير الغزالي والمدارس النظامية في الحرب المذهبية

في مسلسل الحشاشين شوفنا نظام الملك، وزير الدولة السلجوقية وهو بيتكلم مع الإمام أبو حامد الغزالي عن المدارس النظامية، أول سؤال هيتبادر لذهن المتفرج “تطلع إيه المدارس النظامية دي؟”، ولو كمل تفكير شوية هيظهر أوتوماتيك سؤال تاني: “هي المدارس أو التعليم بشكل عام كان ماشي إزاي في عصر الخلافة؟”.

أسئلة محتاجة شوية بحث وتنقيب، أسألة هحاول في التقرير ده أجاوب عليها.

المدارس النظامية

سنة 1064م أصبح ألب أرسلان (1029 – 1072م) سلطان دولة السلاجقة، وهي دولة مستقلة يحكمها الأتراك.. لكن تحت لواء الخليفة العباسي “الصوري” في الشام، كبرفان يوفر لها الشرعية القرشية. وكان وزيره هو الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، الملقب بنظام الملك (1018- 1092م).

نظام الملك كان عقلية سياسية ممتازة.. فأدرك إن مواجهة الأفكار تكون بالأفكار، فكانت سياسته في مواجهة الشيعة (الإمامية والباطنية) مش مقتصرة على المنع والمواجهات الأمنية والعسكرية.. إنما كان راس حاربته الأساسي هو مواجهة الفكر بالفكر، فبدء في تأسيس المدارس النظامية لمواجهة انتشار الفكر الشيعي.

التوجه

المدارس النظامية كانت موجهة مذهبيًا، فكانت قايمة على تعليم التوجه السُني.. تحديدًا على المذهب الشافعي، عشان تبقى على مِلة الدولة، المستمدة شرعيتها من الخليفة العباسي “السُني”، وعلى مذهب وزيرها القوي.. وصاحب فكرة المدارس مؤسسها.

استمرت المدارس النظامية في دورها سنين طويلة بعد موت نظام الملك وحتى بعد نهاية دولة السلاجقة، فكانت منارة المعسكر السُني في مواجهة أفكار المعسكر الشيعي، وخرجت كتير من أشاوس المعسكر السُني كمان درس فيها أهم نجوم السُنة، وعلى راسهم “شيخ الإسلام” أَبْو حَامِدْ مُحَمّد الغَزّالِي الطُوسِيْ، حجة أهل السنة وبلديات نظام الملك.

مُنجز الغزالي

أبو حامد الغزالي (1058 – 1111م) له منجزات كتير، على مستوى الكتابات أو المعارك الفكرية أو التأثير، فعلى مستوى الكتابات، فالغزالي له عدد غير محدد من الكتب.. في أقل تقدير أكتر من سبعين كتاب.

وعلى مستوى التأثير فحدث ولا حرج، كفاية أذكر إنه على مستوى التأثير السياسي كان المرجعية الفقهية للدولة الأيوبية، وعلى مستوى التأثير الديني.. خرج من عبايته أسامي كتير مهمة في تاريخ الإسلام كدين، وهو تأثر بعلامات في تكوين المعسكر السُني، منهم على سبيل المثال لا الحصر أبو الحسن الأشعري (873 – 936م)، وده للي مايعرفهوش هو مؤسس المذهب الأشعري، المذهب الرسمي للأزهر حاليًا.

أما على مستوى المعارك الفكرية فالغزالي قاتل على جميع الجبهات، فهاجم وكفر الشيعة بكل طوايفهم خصوصا الباطنية، بعد ما الخليفة العباسي المستظهر بالله (1078 – 1118م) طلب منه يرد عليهم في كتاب، فكتب فضائح الباطنية وفضائل المستظهرية، الغزالي مش بس اكتفى بالرد على الباطنية ولا بوضع الانتماء للخليفة كعقيد مقابلة ليها، إنما كمان خصص باب كامل في الكتاب للتأكيد على شرعية حكم المستظهر وإنه هو الإمام الواجب على الخلق طاعته.

وهاجم.. الفلاسفة والفلسفة نفسها، وهاجم الحركة الشعوبية وأكد على الحق الشرعي للعرب في تولي الخلافة، وكفر كل من خالف رؤيته ومذهبه.

إقرأ أيضا

إمبراطورية ميم.. الثنائي الذي يحب العائلات الكبيرة ولكن يجب أن يأتي بجديد

التأثير المنهجي

أثر الغزالي في منهجية التعليم داخل المعسكر السني، تأثير كبير قايم بالأساس على موقف عاشه هو في حياته، وذكره في كتابه المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي الجلال، موقف مرتبط بظرف زمان ومكان.. لكنه توغل وانتشر عشان يأثر على حياتنا لحد النهارده.

بيحكي الغزالي إنه كان في رحله لطلب العلم، وبعد ما قعد مع متخصصين وسمع منهم ودون كلام كتير، قابله في الطريق قطاع طرق كانوا هيسرقوا شنطته، فقعد يتحايل عليهم يسيبوها لإنها مش هتفيدهم لكن فيها كل العلم اللي حصله، فواحد من العصابة أتريق عليه إن علمه في شوية ورق ينفع يضيعوا أو يتسرقوا فيبقى ماتعلمش، من بعدها عكف الغزالي 3 سنين يحفظ كل الكتب والأوراق اللي عنده، وبقى بعد كده يحفظ كل حاجة يتعلمها.

ومن وقتها لحد يومنا هذا لسه ماخرجناش من قمقم الحفظ لبراح الفهم والتحليل، لسه بنحفظ جدول الضرب وبنظم مسابقات لحفظ القرآن وبنقدر الحفيظة بشكل عام في مختلف المجالات، رغم إننا دخلنا عصر الفلاشات والسحابات الألكترونية، بس لسه مش عارفين نتجاوز إيفيه رماه حرامي من قيمة ألف سنة.