تاريخ الإجراءات الاحترازية للأوبئة “عقوبة المخالفة في زمن محمد علي باشا كانت أعنف”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تشير كافة المصادر العربية إلى أن تاريخ الإجراءات الاحترازية للأوبئة كـ (قانون) تم في مصر التي كان لها السبق في ذلك، ولا زالت تطبقه على فيرس كورونا، غير أن مخالفة الإجراءات كانت عقوبتها في عصر محمد علي باشا أشد.
كيف كانت تمضي الإجراءات الاحترازية زمن محمد علي باشا
شهدت مصر في عهد محمد علي باشا انتشارًا كبيرًا لـ وباء الكوليرا لمدة 3 مرات في أعوام مختلفة هي 1831 و 1834 و1848 م، كان الأول والثاني شديدين واستعدادًا للثالث وقبل أن يأتي مع موسم الحج بـ 4 سنوات، وضع محمد علي باشا سنة 1844 قانونًا للنظافة حوى على كافة الطرق للمواجهة واعْتُبَر أشهر قانون في تاريخ الإجراءات الاحترازية للأوبئة بمصر.
اقرأ أيضًا
قصة الإنجليزي الذي غضب من إلغاء الموالد في مصر
حكم 11 بند نظام الإجراءات الاحترازية للأوبئة في عهد محمد علي باشا واتسمت كافة البنود الـ 12 بالدقة والصرامة في آنٍ واحد، فقضى البند الأول بإلزام كل صاحب بيت أو محل بتنظيفه داخليًا وخارجيًا وكذلك الطرق المؤدية له عبر رشد الطريق المقابل للمنزل أو المحل، وفي حال المخالفة يدفع صاحب المنزل أو المحل غرامة 20 قرش، وإن كان فقيرًا يتم سجنه في القلعة لمدة 5 أيام.
عقوبة الغرامة والحبس 5 أيام كانت متقررة في البند الثاني الذي منع إلقاء القمامة بشتى أشكالها سواءًا كانت سائلة أو جامدة وتقبل التعفن، كذلك من تبول في الشوارع والأسواق.
وألزم البند الثالث مشايخ الحارات بمتابعة ما ورد في البندين الأول والثاني وفي حال تقصيرهم أو تراخيهم يتم عزلهم من مناصبهم في إلزامهم بدفع غرامة يتم تحدديها حسب كمية المخالفات.
أما البند الرابع فاخْتص به العساكر والضباط في الجيش ونص البند على أن التنظيف اليومي بالعشش والمحلات والطرقات المسكونة من الجهادية برية أو بحرية وشغالين بالترسانة وخدمة الاسبتاليات (المستشفيات) وكل من كان من الجهادية فهم مسئولون من ضباطهم، فإذا كان يحصل إهمال من النوبتجية المتوكلين على النظافة وإغماض العين ومسامحة المخالفين من دون أن يخبروا الضباط الذين عليهم يجري عليهم الجزاء عينه الذي يجري على المخالفين (الغرامة أو الحبس).
وجاء البند الخامس والسادس متعلقًا بالنظافة الشخصية للناس حيث نص البند الخامس على أن أي شخص يتم رؤيته وهو في حالة اتساخ يتم إلزامه بدفع غرامة أو حبسه، وهي نفس العقوبة التي وردت في البند السادس على كل من يسكب مياه حتى ولو كانت نظيفة إن كانت الأسطحة أو من الشبابيك، بينما قال البند السابع “خلاف ما تقدم شرحه (في البنود الستة) فإن كل شيء يكون مضر بالصحة العمومية وصودف وجوده فيجري التنبيه من طرف الضابط بإزالته وإذا لم يفعل ذلك أو لم يعتني بالأمر الذي أعطى له يجرى جزاؤه حكم ما تقدم (الغرامة أو الحبس)
وحدد البند الثامن طريقة التنظيف فقال كل شخص ملزوم بالنظافة داخلاً وخارجًا هكذا ايضًا الميري ملزوم بإجراء الكنس يوميًا في المحلات المتعلقة به مثل الساحات والمحلات الكائنة بالشوارع الخالية من العمارة والمخازن والأشوان والدواوين ويقتضي أن المحلات المذكورة تكون دائمًا نظفية داخلاً وخارجًا ويجرى رشهم بالمياه وهذا التنظيف والرش يصير يوميًا بواسطة فعله من ديوان البنايات أو بواسطة اليسرى ويقتضي أن يترتب منهم عدد كاف تحت نظارة واحد وإذا حصل من المذكور إهمال بالنظافة أو بالرش يجرى جزاؤه حكم المخالف وأما الأشوان والدواوين وخلافه يجري التنظيف بهم كل يوم بواسطة الخدامين الموجودين لهم بمعرفة النظار المأمورين وإذا حصل منهم إهمال يجرى جزاؤهم.
وأشار البند التاسع إلى أن جهاز الضبط خانة هو المخول له الحكم عن مخالفات النظافة بالجزاء بعد تحديد نوع الجريمة التي يصير قبضها، ولضمان عدم تصادم السلطات فقد نص البند العاشر على أن المخالفين إذا كانوا جهادية فمن بعد التحقيق وترتيب الجزاء يصير إرسالهم من طرف الضبطخانة إلى ضباطهم لأجل إجراء الحبس عليهم أو دفع الغرامة.
ولم ينعزل الأجانب المقيمين في مصر عن القانون فقد وُضِع لهم بند خاص بهم وهو البند الحادي عشر والأخير والذي قال إن المخالفين إذا كانوا أوروبيين وخالفوا أحد الأشياء الموضحة فيما سبق يرسلوا مع لطرف قناصلهم مع إفادة ذنبهم أو جنحتهم لأجل ترتيب ما يلزم لذلك من القصاص بمقتضى شرائعهم.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال