أشجار تهبنا قلبها “تاريخ صناعة الورق”
-
نفيسة السنباطي
كاتب نجم جديد
أمسكت قلمي لأكتب على ورقة بيضاء أشعرتني ببراح كبراح روحي فلمستها برقة وتساءلت عن عمرها وتاريخها، كيف وصلت تلك البيضاء الناعمة ليدي لأهمس لها ببوح قلمي.
أخذت أبحث عن تاريخ صنع الورق بداية من استخدام الإنسان البدائي النقش على الأحجار مرورا بالمصري القديم واستخدامه لورق البردي ثم توسُع الصين في صناعة الورق ومعرفته في العالم القديم والوسيط وانتشاره في العالم الحديث على يد المسلمين وانشاء مصانع الورق ثم الماكينات التي تطورت بتطور الحضارة، ثم عرجت على استخدامات الورق وايجابيات صناعته وسلبياتها ومقارنته بالمنتجات البلاستيكية وضررها على البيئة والكائنات والإنسان .
الإنسان القديم واحتياجه للكتابة
احتاج الإنسان البدائي القديم تدوين قوانينه ومعتقداته فبدأ بنقشها على جدران الكهوف والمغارات، واستخدم الإنسان أيضًا بعد ذلك النقش على الأخشاب لسهولة حملها والنقش عليها، ثم أخذ في اكتشاف المزيد من الأشياء الصالحة للتدوين عليها كأوراق النخيل، ولحاء الأشجار، والعظام ثم تطور حتى وصل إلى التدوين على صفحات من خزف مطلي بالشمع، وعلى صفائح من رصاص أو معادن أخرى.
اهتدى المصري القديم إلى استخدام لحاء نبات البردي لصنع مادة صالحة للرسم والكتابة ومن كلمة البردي ( papyrus) اشتقت كلمة (paper) وانتشر استخدام ورق البردي في مصر القديمة ثم استخدم في إيطاليا واليونان، ويعود اختراع الورق إلى حوالي عام (2700 ق.م).
الصين وصناعة الورق
كان أول من قام بإعداد أول عجينة للورق هو المخترع الصيني تساي لون وقد أعدها من قطع القماش الذي سبق نسجه وذلك بعد تقطيعه وخلطه بالماء وضربه جيدًا، كما أعد عجينة الورق من القنب والبامبو ولحاء التوت.
طور الصينيون هذه الصنعة باستخدام مادة ماسكة من الغراء أو الجيلاتين المخلوط بعجينة نشوية تساعد على تماسك الألياف وتجعل الورق سريع الامتصاص للحبر، ولكن الورق الصيني كان محدود الانتشار ولم يذع خبره في العالم القديم او الوسيط حتى القرن الثامن الميلادي حين عرف العرب أسرار صناعة الورق الصيني بعد فتح سمرقند عام (93هـ / 712م ) .
الحضارة الإسلامية واستخدام الورق
أسس الفضل بن يحيى أول مصنع للورق في بغداد عام (178هـ / 794م ) وذلك في عصر هارون الرشيد مما أدى إلى انتشار صناعة الورق بسرعة فائقة في كل انحاء العالم الإسلامي فدخلت سوريا ومصر وشمال أفريقيا وإسبانيا.
وكان الناس في هذا الوقت يكتبون على العسب واللخاف والرق ثم أمر هارون الرشيد بعد أن كثر الورق ألا يكتب الناس إلا في الكاغد والذي يعد نوع من أنواع الورق، طور بعد ذلك المسلمون الكاغد وأنتجت المصانع الاسلامية أنواع ممتازة منه، وقد تم اختراع أول ماكينة ورق في القرن الثامن عشر الميلادي.
وانتشرت صناعة الورق في أوروبا بعد أن أدخلها المسلمون عن طريق الأندلس فأنشئ اول مصنع ورق في اسبانيا حوالي عام ( 544هـ/ 115م )، ثم تدهورت هذه الصناعة في إسبانيا وانتقلت إلى ايطاليا وتأسس أول مصنع لهذا الغرض في مدينة فيريانو عام (674هـ/1276م) .
استخدامات الورق
يشكل الورق على هيئة صفحات رقيقة مصنعة من ألياف السلولوز الناتجة من النباتات وتستخدم المنتجات الورقية في الكتابة والطباعة والتعبئة والتغليف وتدخل بعض اصناف الورق في ترشيح الرواسب من المحاليل ويدخل بعضها ايضا في مواد البناء.
من مميزات الورق هو إمكانية إعادة تدويره من سبع لعشر مرات وبعد ذلك تأخذ الألياف في التحلل.
وتعد من سلبيات المنتجات الورقية على البيئة هو استهلاك هذه الصنعة للكثير من المياه.
وأيضا خطر اختفاء الغابات فبنسبة 40٪ من الاشجار المقطوعة في العالم لأغراض صناعية تستعمل لصناعة الورق.
خطر المنتجات البلاستيكية على البيئة
تحاول جهات عدة في العالم كله التوعية لخطر استخدام المنتجات البلاستكية واستبدالها بالمنتجات الورقية أو القماشية أو الزجاجية منها منظمة الصحة العالمية.
فبرغم إهدار الكثير من المياه والاشجار على المنتجات الورقية لكن ليس لها هذا التأثير الكيميائي للمنتجات البلاستكية والتي حذرت منها منظمة الصحة العالمية وصنفتها على أنها مسبب محتمل للسرطان، ومن أبشع من تم التوعية مؤخرا له خطر هذه المخلفات على الكائنات البحرية وخاصة السلاحف المائية لالتهامها الأكياس البلاستيكية موهمة بأنها قناديل مما أدى لعرضة هذه الكائنات الجميلة للانقراض.
وإن حاولنا المساعدة في الحفاظ على البيئة فبتقليل استخدامنا للمنتجات البلاستيكية التي تستغرق حوالي 450 سنة لكي تتحلل وذلك وفق معطيات من دائرة الحدائق الوطنية الأمريكية.
فلنستبدل الاكياس البلاستيكية بالأكياس القماشية القابلة للاستخدام أكثر من مرة.
واستبدال القنينات البلاستيكية بأضرارها الغير محدودة بالقنينات الزجاجية.
ولنحرص على عدم التبزير في استخدام الورق ونشكره أنه يهب لنا قلبه الأبيض لنفيض عليه بأفكارنا وقرارتنا وعلمنا وإبداعاتنا.
فلنشكر كل شجرة لإهدائنا لبها.
فلنشكر بيئتنا بزراعة الكثير من الأشجار والحفاظ عليها.
الكاتب
-
نفيسة السنباطي
كاتب نجم جديد