همتك نعدل الكفة
276   مشاهدة  

حرب أكتوبر .. ذكريات تستعصي على النسيان (3–9) يوم 7 أكتوبر “بطولة مراد”

اللواء مصطفى بدر
  • بطل من أبطال الدفاع الجوي في حرب أكتوبر المجيدة .. لواء أركان حرب سابق بالقوات المسلحة المصرية



يواصل موقع الميزان نشر يوميات حرب أكتوبر .. ذكريات لا تستعصي على النسيان
 وهي مذكرات اللواء مصطفى بدر ضابط توجيه الكتيبة 431 التابعة للواء 98 صواريخ دفاع جوى، أثناء حرب أكتوبر.

فجر يوم 7 أكتوبر

الأهرام يوم 7 أكتوبر 1973م
الأهرام يوم 7 أكتوبر 1973م

خرجت الكتيبة من الخدمة لمدة أربع ساعات وذلك لإراحة المعدات حيث أن الدوائر الكهربائية كلها تعمل بالصمامات وبالتالي فإنها تشع حرارة وتسخن ويجب إراحتها كل فترة.

اقرأ أيضًا 
حرب أكتوبر .. ذكريات تستعصي على النسيان (1–9) قبل العبور بساعات

وجلسنا نتناقش وسألت مجدي يسرى قائد سرية النيران:
ـــ لماذا لم ينطلق الصاروخ الأول ؟
ـــ الصاروخ كان عاطلاً.
ــ إحنا مختبرين كل الصواريخ بالأمس وكان سليمًا.
ـــ الكتيبة الفنية ستحدد العطل وتصلحه ولقد أرسلناه إليهم.

اقرأ أيضًا 
حرب أكتوبر .. ذكريات تستعصي على النسيان (2–9) يوم العبور

حاولنا النوم ولكن كم الإثارة حرمنا النوم، وجلست قبلها مع عمال التتبع وطلبت منهم ضرورة النوم ولم يكونوا ثلاثة فقط لقد أصبحوا خمسة بانضمام عامليّ كابينة المنظور إليهم.

كابينة المنظور إليهم هي كابينة أعلى الهوائيات يمكن منها تتبع الهدف في حالات الإعاقة، وعمال التتبع هم أساس نجاح أي اشتباك بدقة تتبعهم للهدف، وكنا نختبر مستواهم يوميًا ولذا وجب العمل على راحتهم واستبدالهم كل فترة، ولاحظت أن الرائد عبد العزيز العابد رئيس عمليات الكتيبة ودفعتنا فهو أساسًا من المكلفين، قليل الكلام ومتجهم قليلاً؛ فسألته:
ـــ فيه ايه يا أفندم؟
وكانت صغيرته قد توفيت منذ فترة قليلة وحسبت أنها قد وردت على خاطره، فقال:
ـــ اليهود حافضين الموقع دا.

وتذكرت أنه كان أحد ضباط الكتيبة 429 التي احتلت هذا الموقع في بداية عام 1969م وكان الموقع ميداني وغير محصن واستشهد قائد الكتيبة الرائد رجب عباس وعدد غير قليل من الأفراد وشاهد ذلك بأم عينه (قد تخونني الذاكرة في بعض أرقام الكتائب).

نظرت إليه بنظره حنان وقلت:
ـــ ربنا معانا وما تقلقش.
ـــ ونعم بالله.

وكان البِشْر والفرح يكسو وجوه الجميع مع سماع أنباء نجاح العبور وتدفق قواتنا شرقًا وكنت أكثر الناس سعادةً بسيطرتنا على رأس العش مما يعني أننا لن نتعرض لأسلحة الضرب المباشر والمدفعية المعادية.

صباح 7 أكتوبر 1973م

حرب أكتوبر
البيانات العسكرية عن القتال في الجبهة المصرية في حرب أكتوبر يوم 7 أكتوبر 1973م

بدأنا تشغيل المعدات قبل أول ضوء وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، أُبْلغ مراد أن حاكم التردد الأوتوماتيكي للمرسل عاطل، وبحثنا عن قطعة الغيار في الزيب فلم نجدها ضمن مكوناته وطلبناها من اللواء فأبلغونا أنها ليست متواجدة وسيتم إرسالها فورًا من مركز قيادة الفرقة في دمنهور.

حرب أكتوبر
النقيب محمد مراد يوسف

ـــ يا خبر إسود ؟! مافيش صِرْفَة يا مراد ؟ حنقعد نتفرج ع الطائرات وهيه بتضرب فينا !!

وفجأه هب مراد واقفًا:
ـــ أنا جاهز يا فندم.

ـــ جاهز إزاي ؟.
ـــ  حضبط المرسل يدوي أثناء الاشتباك.

ـــ يعني حتفتح باب المرسل وتمسك البورمه بايدك وتعرض نفسك للاشعاع ؟!!

ـــ ماحدش له دعوة ..أنا المسئول وأنا اللي حتعرض للإشعاع، الكتيبة جاهزة.

واتصل القائد بكبير المهندسين الذي أكد خطورة هذا العمل على من يقوم به وأمام إصرار مراد أبلغنا أن الكتيبه صالح تلاتة ستة.

صمدت مجموعة المواقع الحصينة بقطع بورفؤاد لمجموعة الهجمات المصرية المتتالية وساعدهم في ذلك طبيعة الأرض وضيق المواجهة وكانت طائرات المعاونة المباشرة المعادية تقترب على سطح الأرض لمهاجمة قواتنا، وكانت فرصتنا لتصيدها والاشتباك بها.

كان الاشتباك بها يمثل صعوبة بالغة لطيرانها على ارتفاع منخفض وبارامتر كبير مما يعني أن زمن بقائها في منطقة الإطلاق والتدمير صغير جدًا، ويحتاج إلى مهارة عالية في تحديد توقيت الإطلاق لضمان تدمير الهدف، قطع بور فؤاد على مسافة ١٩ كم.

كانت الطائرات تقترب من اتجاه الجنوب الشرقي حتى تصل إلى البحر وتقوم بعمل مناورة حادة إلى اتجاه الغرب للتعامل مع قواتنا المهاجمة ثم التخلص في اتجاه البحر، وكان عدد الطائرات لايزيد عن طائرتين في المرة الواحدة.

إقرأ أيضا
خطورة المكملات الغذائية

وفي الساعة السابعة والنصف تم اكتشاف طائرتين وتم تتبعهم واتخاذ الاجراءات المضادة للشرائك، وتم التأكيد على مراد بأننا سنقوم بالاشتباك وتم إطلاق ثلاث صواريخ وتدمير الهدف، ونجح الاشتباك بفضل إصرار مراد، وتكرر ذلك 4 مرات خلال اليوم ليبلغ عدد اشتباكاتنا إلى 5 اشتباكات بـ 5 طائرات، أول 3 بـ 9 صواريخ والأخيريين بـ 4 صواريخ، لطلب قيادة اللواء الاقتصاد في الصواريخ.

مساء يوم 7 أكتوبر 1973م

حرب أكتوبر
اللواء مصطفى بدر وأفراد كتيبته الذين شاركوا في حرب أكتوبر

قبيل المغرب وصلت قطعة الغيار وتم تركيبها، كان كل أفراد الكتيبة في سعادة بالغة، لقد نجحوا في إسقاط سبع طائرات معادية حتى الآن، من كان يحلم بذلك، وأخذنا قسطًا وافرًا من الراحة، من يدري ماذا تخبأه الأقدار، العدو لم يهاجمنا حتى الآن، هل سيستمر مركزًا على القوات التي عبرت وعلى المعابر؛ يعلم الله وما علينا سنؤديه بإذنه سبحانه وتعالى.

وأصبحنا 6 بـ مصطفى عبد اللطيف، ونُقِل أبو بكر لطفي وتولى قيادة كتيبة بتشوراونقل أحمد فؤاد كرئيس لعمليات كتيبة ونُقِل مصطفى عبداللطيف وتحرك مع كتيبته إلى ليبيا، وبقيت أنا وتم تحويلي إلى ضابط عامل وكنت برتبة الرائد أيام العمليات وبقي مصطفى درويش ومراد يوسف كضباط مكلفين.

أردت بهذه المقدمة أن أذكر ماتناقشنا فيه مساء ذلك اليوم وماهو السبب الذي دفع مراد لتعريض نفسه للإشعاع طوال 5 اشتباكات.
هل يبحث عن مجد؟.

النقيب محمد مراد يوسف
النقيب محمد مراد يوسف

كان طالبًا مميزًا بالكلية وطالبًا مرفهًا من أسرة قاهرية وكان والده وكيلا لوزارة استصلاح الأراضي وكان لوكيل الوزارة وقتها ثقل كبير، كانت أخلاقه عالية، ولعشرتنا المستمرة (6 سنوات) كنت أعرف دوافعه لفعل ذلك.

كنا شبابًا في السادسة والعشرين، عشنا سويًا أكثر ماعشنا مع أهالينا، ولم يرتضي مراد أن يكون تقصير الكتيبة بسبب تخصصه وهو مايأباه ضميره الغض ولا يمكن أن يتعايش معه وأنا واثق أن تفكيره خارج الصندوق كان عبقريا وكلف العدو خمسة طائرات وواثق لو أن هذا الأمر عُرِض على أي شريف مصري لنفذه.

وعلمت أن الملازم عبدالمعطي قمر وهو من كان معه بنفس التخصص كان يصارع مراد لأخذ مكانه وتركه في الاشتباك الأخير، لم يبحث مراد عن أي تكريم من أي نوع فهو مكلف ولو قدر له العيش ووضعت الحرب أوزارها سيعود إلى عمله المعين فيه في وزارة الصحة.
بعد تناول الإفطار مساءًا جلسنا نتسامر .. ونتضاحك ..

الكاتب

  • حرب أكتوبر مصطفى بدر

    بطل من أبطال الدفاع الجوي في حرب أكتوبر المجيدة .. لواء أركان حرب سابق بالقوات المسلحة المصرية






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان