حلم الجنوبي .. لو كان فقط 15 حلقة
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لو كنت من هؤلاء عاشقي مسلسلات التسعينات وأصحاب النوستالجيا لهذه الفترة، فبالتأكيد قد شاهدت مسلسل حلم الجنوبي. هذا الملسلسل الذي جمع كوكبة من النجوم تستمتع بطلتهم على الشاشة؛ هؤلاء النجوم الذين تتفائل بوجودهم بأي عمل.
العمدة صلاح السعدني والفنان الكبير أبو بكر عزت، والفنان حسن حسني الذي ترك فراغا كبيرا منذ رحيله في السينما، والفنانة سيمون متعددة المواهب، جيهان فاضل، محمود الجندي العظيم رحمه الله، والفنان محمود البزاوي في بداياته والفنان الراحل المبدع شوقي شامخ كما ستستمع بأداء رائع للفنانة معالي زايد رحمها لله، والمسللس من إخراج جمال عبد الحميد.
والمسلسل تدور قصته بين مدينة الأقصر والإسكندرية في صراع بين نصر وهدان القط (صلاح السعدني) والحاج عمران (حسن حسني) ويتسع الصراع بين نصر وجهات وأشخاص مختلفين في صراع بين الخير والشر، الإصلاح والفساد، القبح والجمال وكذلك الجهل والعلم.
جمع المسلسل بين كل هذه الصراعات بحبكة رئيسية تدور في الصراع بين نصر والحاج عمران منذ الحدث المفجر للأحداث وهو اكتشاف نصر ما يوجد بالبردية التي عرضها عليه الحاج عمران، حينها يعرف نصر اكتشاف عظيم لطريق مقبرة الإسكندر الأكبر.
اقرأ أيضا… ملامح مما قدمه صلاح السعدني العمدة المثقف
رغم الأداء العظيم لجميع فريق العمل، ورغم الخيوط الفرعية الجاذبة للمشاهد والتي تتشابك تحت الحبكة الرئيسية، ورغم أهمية ما يناقشه المسلسل، إلا أن مشكلاته التي ظهرت بالحلقات الأخيرة استوقفتني وجعلتني أشعر بالخذلان.
فقد بدأ المسلسل بشكل منضبط إلى حد كبير ثم تصطدم بتكرار الحوار مثلما تكرر مثلا الحوار بين زينب (جيهان فاضل) والحاج عمران بنهاية المسلسل حول الخطر الذي يهدد عمران من قبل ضاحي النمر، ويتكرر الحوار كما هو تقريبا فتتسائل زينب عما يخفيه عنها عمها وما يعرفه عن نوايا ضاحي وينكر العم كل ما تفترضه زينب.
وتفاصيل أخرى لم يكن لها ضرورة مطلقًا؛ مثل مشاهد تتم بتلفزيون القناة الخامسة لترتيب لقاء مع نصر وهدان، ومشاهد مطاردة الصحافة لدكتور لاشين (أبو بكر عزت) ونصر التي تكررت.
مشاهد أخرى بنفس الشكل لم تؤدي أي غرض سوى الحشو وتكرار للمعلومات دون معنى.
وبكل تأكيد وجود أغاني من كتابة الشاعر الكبير الراحل سيد حجاب وتلحين الرائع عمار الشريعي كانت إضافة للحلقات، ولكن تكرار بعض الأغاني لم يكن له معنى أيضا سوى زيادة عدد المشاهد.
فقد حفظنا شكل نصر وهدان وهو حائر على أنغام نفس الأغاني مثل أغنية “ليه يا زمن” للفنان محمد الحلو.
على صعيد آخر كان هناك مشهدًا تعدى العشرين دقيقة وهو فرح ضاحي وزينب، ورغم ما فيه من تفاصيل هامة وإظهار عادات أهل الأقصر والبيئة التي يعيش فيها جزء كبير من شخصيات المسلسل، إلا أن المشهد كان أطول من اللازم.
ويبدو أن السيناريست الكبير محمد صفاء عامر أراد أن ينهي المسلسل بشكل فيه المزيد من التحدي وبعدم حل العقدة بشكل قاطع، ربما ليكون أكثر واقعية في ظل الفساد الذي تناوله بالمسلسل ومدى توحشه ونفوذ أصحابه.
ولكن بما يتناسب مع نهاية المسلسل، فلابد أن تكون المقبرة قد اكتشفت بالفعل، عندما قبضت مباحث المخدرات على زقزوق وشريكه جابر أثناء استخراج المخدرات من سرداب المقبرة.
كذلك بعد شهادة المستشار أنور (عبد الله فرغلي) في النيابة برؤيته للبردية بالفعل قبل أن تحرق، وبعد موت الصغير (علاء مرسي) بشكل غامض للحكومة، فكان لابد من إعطاء نصر فرصة أخرى حتى يعلن عن كشفه.
فبدا من خلال الأحداث الأخيرة بالمسلسل بعد تبادل إطلاق النار بفيلا العجمي، والتأكد من وجود عصابة دولية تطارد نصر ومقتل أحدهم في هذه الاشتباكات، أن الأمر أصبح واضحا كالشمس.
فكيف بعد اتضاح الصورة بهذا الشكل من وجود كل ما ذكره نصر للنيابة من الحاج عمران للعصابة الدولية للبردية التي أيد وجودها المستشار أنور، يتم حبس حلمه من جديد؟
اقرأ أيضا…فيلم شفت مسائي الحلقة التي يدور فيها جيل بأكمله
حلم الجنوبي لم يكن حلم نصر وحده، ولكن جذب المشاهد حتى صدقه وكانت النهاية ستصبح أكثر تفاؤلًا لو تم الكشف عن مقبرة الإسكندر الأكبر على يد نصر خاصة بعدما خسر المشاهد شخصيات رئيسية تعلق بها من أجل هذا الحلم، وخاصة أن السيناريو كان يدعم هذا الانتصار.
قليل من الخيال والاستغناء عن بعض المشاهد كانت ستفيد هذا المسلسل جدًا، وكان من الأفضل أن يكون 15 أو 20 حلقة وخاصة أن بتلك الفترة كانت تعرض مسلسلات من 15 و18 حلقة أيضا.
حلم الجنوبي إنتاج عام 1997 ولم تُكتشف مقبرة الإسكندر الأكبر حتى الآن، ولكن بقى المسلسل كحلم لكل من يهتم بالتاريخ وكقطعة فنية نادرة لولا المشاهد الزائدة لأصبح المسلسل عظيمًا.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال