همتك نعدل الكفة
932   مشاهدة  

دليفري بدرجة قديس أو نبي

دليفري
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



عملية تأليف المواقف الخيالية وكتاباها في بوستات ع السوشيال ميديا، منتشرة جدًا ومعروفة، وكل جمهور وله مؤلفينه اللي بيجتهدوا في تأليف قصص وهمية وتقديمها بوصفها حقيقية، بحثًا عن شهرة الصفحة الشخصية أو الجروب أو صفحة الفان… إلخ.

حيث هوس الشهرة من ناحية وبيزنيس السوشيال من الناحية التانية، وملاحيس التريندات من ناحية تالتة، فكان بديهي بالنسبة ليا أن بوست الدليفري اللي بيتمم على الأوردرات ويفتش في حاجة الناس أكيد هبداية مستهدفة الجماهير اللي بتتغذى على ميكس التدين وأخلاق القرية، أو ما يعرفوا ع السوشيال ميديا بـ”الفلحوسرسج”.

لكن لما قريت موضوع كاتبه زميلي وسيم عفيفي عن الواقعة البائسة، ثم تعليق لست “محترمة” بتتكلم عن علاقتها العملية بهذا الشخص، اكتشفت إن الواقعة حقيقية.

دليفري
تعليق أ. ريم شهاب

الألش.. فن العلاج بالتوهان

تريند دليفري انتشر كالنار في الهشيم، والتريقة ع الشاب وعلى الزبونة تاريخي، لدرجة إنهم غطوا بنسبة كبيرة على تريند حمدين صباحي، رغم إنه طازة وبسمسم، وأهم ولسه هيتكتب فيه.

اللي بيهمني عادة في المواضيع دي 3 حاجات:

  • المنطلقات أو المرجعيات الفكرية.
  • مد الخط على استقامته ممكن يوصلنا لفين؟
  • ماذا لو كان الموقف معكوس؟

في الموقف العجيب ده اهتميت بالمنطلقات، لإنها واضحة وضوح الشمس، لكن للآسف غالبيتنا مش بنواجه نفسنا بالحقيقة، وبنطلع غِلّْنَا في الألش.

 

الحشرية المقدسة

يلا بينا ع الصدمة مباشرة.. ونقف كده قصاد الحقيقة العارية، يختلف فإيه تصرف هذا الشاب البائس عن تصرفات الرجل الصالح (الخِضر) اللي قابله النبي موسى في سورة الكهف؟

شخص قرر يخرم سفينة ناس مايعرفهومش، ثم يقتل عيل صغير أول مرة يشوفه، ثم بعد ما انطرد هو وصاحبه من قرية، أعاد بناء جدار متهالك فيها، هي نفس فكرة الوصاية.

والحجة جاهزة.. هو يعلم ما لا نعلم، وده لإنه رجل صالح بينه وبين رَبُه عمار؟

والأهم إنه كان متضايق جدًا من مجرد سؤاله عن ما يفعل.

مش هو ده يا جماعة نفسه منطق غالبية الأنبياء والرسل المذكورين في قصص الأديان الإبراهيمية، بالتحديد التوراة/العهد القديم والقرآن؟

فرق توقيت

القصص دي حصلت أو أتحكت كعبرة في أزمان سحيقة، مش بس المنطق البسيط بتاع “الناس كانت غير الناس”، إنما بمفهوم علم الاجتماع “تركيبة المجتمع كانت مختلفة”.

دي كانت مجتمعات قبلية، مافيش فيها قيمة للفرد في حد ذاته، بل أساسا ماكنش فيه مصطلح اسمه الفرد، فكانت الجماعة هي الغالبة والطاغية على الفرد.

فرق اهتمامات

فرق الاهتمامات قديم قدم القصص التوراتي، فلما نرجع للقصص ده، هنلاحظ بسهولة إن الغالبية الكاسحة من الأنبياء/الرسل، ماحدش من العصاة/الكفار/المشركين.. إلخ، طلب منهم حاجة، أو حد عزم عليهم بحاجة. إنما على العكس همه المهتمين بالتدخل في شؤون الآخرين وتعديلها.. وده طبعا لإنهم “وحدهم” على علاقة مباشرة مع الإله.. وعليهم توصيل رسالته إلى الأرض.

YouTube player

عولمة أعراف القبيلة

بالرجوع للإسلام تحديدًا، هنلاقي إن القرآن بيتبنى كتير من القصص التوراتية، بتاعت الأنبياء اللي بيحاولوا يقوموا قبيلتهم، ثم يضيف عليها إن مهمة الإسلام مختلفة.. وهي الحرص على توصيل الفكرة/الدعوة مش بس لقبيلة النبي، إنما للناس أجمعين، والأهم قفل الباب بعده، فالنبي محمد هو خاتم المرسلين.

يعني أي حد من أي حتة في أي عصر يقول أي كلام مهما كان.. يبقى يجب قياسه على مازورة الإسلام، ولو اختلف معاه يبقى خطأ بشكل نهائي غير قابل للنقاش.

حق الضبطية القضائية

ثم يأتي دور حجر الزاوية فيما نعيشه الآن، من استنطاع الناس على بعضهم البعض، من التفتيش في أوردراتهم وحتى قص شعورهم في المواصلات مرورًا بسؤال البوابين وأمناء الشرطة عن علاقة الأفراد ببعض.

دليفري
آية 110 آل عمران

الآية السابقة، 110 آل عمران، تعتبر أمر إلهي بمنح حق الضبطية القضائية لأي حد معدي تجاه أي حد تاني، وتجعل من البشر رقباء على تصرفات وحتى ضماير بعضهم البعض، بلا رقابة عليا مركزية “بشرية” يحق لها تنظيم العلاقات بين البشر بما يضمن “السلم المجتمعي”.

فشاب مسكين زي الدليفري “مُحرك الحوار”، بدل ما يعرض المهنة على ضميره.. فيلاقي إنه هيكون مضطر يوصل أشياء مجهولة لأشخاص مجهولة من اجل استخدمات مجهولة، بالتالي الشغلانة دي قد تتعارض مع معتقده الشخصي، بالتالي يدور على غيرها.

لأ.. طبعًا، بما إنه متربي ع التراث سالف الذكر، يدي لنفسه الحق في تفتيش أغراض الناس ومسائلتهم عن طرق استخدامها، وبكده يحقق شرط الأمر بالمعروف والنهي عن “الأوردر”، لو شاف فيه حاجة مش متماشية مع فهمه للدين.

إقرأ أيضا
بيدوفيلك
دليفري
كوميك دليفري يسخر من الحدث

والأسوء إن الزبونة “المنتهكة” ولإنها بنت نفس الوعي تشوف إن التصرف ده حاجة تفرح القلب الحزين، فتعمل دعاية لهذه النيلة، بدون ما تشك للحظة إن هذا الشرطي الشرعي المستقل، مجهول المنشأ والمصدر (بالنسبالها)، وارد جدا يكون محض شاب مكبوت بيشمشم في هدوم الستات قبل حتى مايستخدموها.

كلوتات الناس مش لعبة

أنا مش بناقش، ولا مهتم، حقيقة القصص الديني من عدمه، لإن دي معتقدات ناس وأنا ماحبش لا أفتش في ضماير البشر ولا كلوتاتهم.

إنما يهمني توضيح والتأكيد على مدى خطورة تغول الخطاب الديني ع الحياة العامة، الموضوع وصل إن شخص شغلته موصلاتي، إدى لنفسه الحق في تفتيش أوردر زبونة، وياخد تجاهه حكم، ويتصل بالزبونة يستجوبها، والأشنع إن الزبونة بجوزها يشوفوا إن ده تصرف “أخلاقي”.

وهذا جنون مطبق، مده على استقامته يخلي بياع اللانجري يسأل الزبونة بمنتهى الأريحية: هتلبسي الطقم ده لمين؟، ومش بعيد يبقى فيه كشوف عذرية في المحلات دي.

أو الراجل مننا يخش يشتري علبة كاندوم، فالصيدلي يسأله عن القسيمة.

الخلاصة

الفزع.. كل الفزع من وصولنا لتحكم الخطاب الرجعي للكهنة في حياتنا، فلابد لهذا الجنون أن ينتهي.. حتى لا يصبح العبث أمر واقع يستحيل على الإنسان رفضه.

دليفري
كوميك دليفري خاص لموقع ميزان

 

 

الكاتب

  • دليفري رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
15
أحزنني
2
أعجبني
12
أغضبني
6
هاهاها
3
واااو
6


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان