همتك نعدل الكفة
942   مشاهدة  

“طلال سعدالله” قصة طيار مصري نال الشهادة بأسمى معاني الشجاعة

طلال سعدالله
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



“بين الحلم و الأمل خيط رفيع اسمه الألم”
هكذا اتسمت حياة الشهيد طيار طلال سعد الله الذي حلق بأحلامٍ تم وأدها بألم نكسة 1967 م، ولاحقه الأمل في النصر حتى صار حلماً يراوده لكن لم يراه نتيجةً لاستشهاده.
قبل نكبة 1948 م كان خروج طلال سعدالله إلى الحياة، وبعد النكسة بأقل من أشهر تخرج من كلية الطيران ولم يفرح بتخرجه حيث كانت جراح 5 يونيو 1967 م تعصف به وبزملاء سلاحه الذين قُصِفَت طائراتهم على الأرض.

الشهيد طلال سعدالله في مراحله العمرية المختلفة
الشهيد طلال سعدالله في مراحله العمرية المختلفة

أسرة مترابطة وديعة نشأ فيها طلال محمد الله، فوالده كان يعمل مفتشاً في وزارة التربية والتعليم، وترتيبه الثالث بين إخوانه “أسامة، وعبدالهادي، وصفوان، وتيسير”، لكن تفرد طلال كان في حلمه الذي نشأ من حبه للأدوار العليا، حيث أراد أن يكون طياراً بعد أن تمنى وظيفة في هيئة السكة الحديد.

مهنة سائق القطار في نظر طلال سعدالله ربما كانت جميلة فهو قائد ورحالة، لكن منظر الطيارين في أواخر الخمسينيات لفت أنظاره وهو يطالعهم من مدرسة العمرانية الإبتدائية بالجيزة وتمنى أن يكون مثلهم.

الشهيد طلال سعدالله
الشهيد

في حديث إذاعي نادر للمؤرخ أحمد عطية الله، ألمح إلى أن الشهيد خلال دراسته الثانوية كان شغوفاً بشراء الكتب والمجلات التي تتحدث عن الطيران، وعقب حصوله على الثانوية العامة انضم إلى الكلية الحربية، ومنها التحق بكلية الطيران.

رغم المرارة التي كان يشعر بها كل الطياريين في مصر آن ذاك، كان طلال سعدالله فور تخرجه من كلية الطيران أحد النوابغ الشباب في الكلية، حيث أجاد الطيران على مسافات منخفضة، بالإضافة إلى إجادته للتحليق والمرواغة الجوية.

قاعده شاوا بالمنصوره 1970 الشهيد طﻻل سعدالله وعلى يساره المقاتل طيار جﻻل زكى عثمان
قاعده شاوا بالمنصوره 1970 الشهيد وعلى يساره المقاتل طيار جﻻل زكى عثمان

لقب “كاميكازي” الذي ناله طلال سعدالله، في أصله العسكري يعود لليابان خلال الحرب العالمية الثانية، ومعناه الفدائي الذي يصيب العدو في مهمة انتحارية، لكن وجهة نظر طلال سعدالله كانت مختلفة، حيث غير اسم “الطيار الانتحاري” لـ “طيار استشهادي”، لأنه رأى أن الموت في سبيل الوطن أشرف من السير بين يدي الأعداء في أغلال الأسر.

عبر الشهيد طلال سعدالله عن هذا وفق ما يذكره كتاب قلعة النسور، أنه قال “لو عدت من مهمة قتالية ناجحة وأصيبت طائرتي وأنا في طريق العودة فلن أعود وسأقوم بعملية استشهادية بطائرتي داخل صفوف العدو”.

نوط الشجاعة لـ طلال سعدالله
نوط الشجاعة

أول تكريم حصل عليه الشهيد طلال سعدالله كان في سبتمبر عام 1969 م، حيث نال نوط الشجاعة تقديراً لعملية قام بها في ظروف مناخية صعبة، ولم يكن يتخيل العدو الإسرائيلي أن تحدث غارة في هذا الظرف المناخي القاتل، بل لو حاول طيار العدو نفسه التحليق في السماء سيتم قتله في الحال.

صدرت الأوامر لـ “طلال سعدالله” بالإقلاع ونفذ الأمر الذي كان يريده، حلق بطائرته على ارتفاع منخفض وقام بتمييز أماكن في الضفة الغربية من القناة والتي كانت شجيراتها تكاد أن تُقْتَلع من الرياح، وما هي إلا دقائق حتى قصف الشهيد طلال سعدالله موقع العدو وعاد دون أي خسائر.

لم يمضي على عملية طلال سعدالله، وقام طيران العدو بضربة داخل العمق المصري حيث قصف مصنع أبو زعبل في فبراير سنة 1970 م، بمحافظة القليوبية أدى إلى استشهاد 70 عاملاً وإصابة 69 آخرين.

نوط الشجاعة لـ طلال سعدالله
نوط الشجاعة للبطل

أثرت هذه الحادثة في طلال سعدالله كثيراً، لكن الوجع الذي اعتصره كان في 8 إبريل من نفس العام، فقد تغير أسلوب العدو في السلاح والهدف، واستهدفت طائرات الفانتوم مدرسة بحر البقر الإبتدائية في محافظة الشرقية، واستشهد 77 بين طفل ومدرس بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى.

كان طلال سعدالله وقت حدوث مذبحة بحر البقر في مسجد الإمام الحسين، ولازم الصلاة فيه كثيراً لدرجة استرعت اهتمام والده فسأله عن السبب ليجيبه طلال بقوله “الإمام الحسين أبو الشهداء .. من يدري لعلي أحظة بالشهادة فيشفع لي عند ربي”.

إقرأ أيضا
قرار مجلس الأمن
طلال سعدالله
تغطية عن الشهيد

قادة طلال سعدالله كانوا يسمعون هذه الجملة منه دائماً، لكنها لم تكن آخر ما قال وإنما مهدت للجملة الأخيرة التي سمعوها منه وكانت “أنا في الطريق إلى قاعدة الصواريخ .. وداعاً .. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله”، وكانت هذه الجملة هي آخر ما نطق به طلال سعد الله في يوم 21 أبريل عام 1970 م.

استشهاد طلال سعدالله لم يكن موقفاً لحظياً، بل تنبأ به منذ سنوات، والذي جرى أن القيادة المصرية كلفته بتدمير مواقع صواريخ هوك الإسرائيلية، وحلق طلال سعدالله على القاعدة وبدأ في قصفها وقبل انتهاء المهمة أصيبت طائرته، وكان الحل أن يقفز بالمظلة، لكنه فتح اللاسيلكي بهدوء أعصاب لم تتأثر بالنيران التي تشتعل في طائرته وقال للقيادة “أنا في الطريق إلى قاعدة الصواريخ .. وداعاً .. ثم نطق الشهادتين”.

طلال سعدالله
خبر استشهاد البطل

اتجه طلال سعد الله ناحية الهدف الجديد في قاعدة بالوظة بشمال سيناء، واندفع بطائرته الملتهبة بأقصى سرعة وهوت على الهدف فقتل كل من فيه وتسبب في خسائر مدمرة للعدو، ثم نال الشهادة وشيعت جنازته من مسجد عمر مكرم في 28 إبريل سنة 1970 م، وخرج نعشه مع اثنين من الطيارين هما الشهيد طيار فاروق جاد الرب قنديل شهيد موقع رأس سدر، والشهيد محمد عبدالجواد بطل تدمير طابور المدرعات على الطريق الساحلي بين العريش ورفح.

الكاتب

  • طلال سعدالله وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان