435 مشاهدة
عندما كسب عمي فوازير نيللي وكسبت حبي للفيديو
فوازير نيللي كانت إحدى أهم الفوازير الرمضانية التي تابعها المصريون بالثمانينات وأوائل التسعينات.
وكان المصريون يتابعون فوازير نيللي لأخر حلقة ويشاهدون أيضًا حلقة توزيع الجوائز.
ولكن علاقتي بهذه الفوازير لها حدوتة مختلفة عن فكرة النوستالجيا والحنين لمثل هذه الأعمال.
اختراع الفيديو
صندوق أسود مستطيل له فم كبير ولمبة حمراء صغيرة. يفتح الصندوق فمه فيستقبل شريطًا به شرائط رقيقة سوداء تتحول عن طريق هذا الصندوق لفيلم سينمائي، أو برنامج، أو فوازير.
القهوة عالم وسامية الإتربي عالم بحاله..عن حكاوي القهاوي التي نقلتها لنا مذيعة الشارع
الفيديو كان الاختراع الذي تعرفت من خلاله على عالم كبير من سحر السينما إلى المسلسلات والفوازير.
وكان بطل تسجيل الأفلام الهامة دائمًا عمي محمد الذي كان مغرمًا بالسينما الأمريكية.
وكما كان يحب تسجيل الأفلام فكان أحيانًا يسجل الفوازير وأفلام الكارتون، كما كان من المتابعين لمسابقات فوازير نيللي وإرسال حلها عن طريق البريد.
علاقة الفيديو بعمي بفوازير نيللي
كان عمي على عهد كل رمضان بمتابعة فوازير نيللي وحل كل فزورة. عام بعد عام وبلا يأس حتى فوازير “أم العريف” عام 1992.
وكان قد حل عمي جميع الفوازير بهذا العام وبدأ اليأس يحاوطه من كل جانب عند الحلقة الأخيرة.
قرر ألا يرسل الإجابة على الرغم من معرفتها، وكان قد قرر في قرارة نفسه ألا يتعلق بالأمل ويكفي ما أرسل من قبل من خطابات تحمل إجابات لأكثر من موسم من الفوازير.
ولكن بعد نقاش مع زوجته آنذاك، وجدت ورقة أمامها على الأرض، فوضعتها بيده وقالت له أن يحاول مرة أخرى وأن الورقة بيده وحل فزورة الحلقة الأخيرة بذهنه، ولا شيء أمامه سوى كتابة الإجابة وإرسالها للبرنامج.
أرسل عمي الإجابة للبرنامج ولم ينتظر شيئًا، نسى أمر الموضوع تمامًا حتى أُذيعت حلقة إعلان الفائزين بالفوازير.
عودة للفيديو ولحظة إعلان الفائزين
كانت هذه الحلقة من الحلقات المسجلة على شرائط فيديو العائلة. كنا نشاهد إعلان الجوائز أكثر من مرة في طفولتنا.
وكنا نحن مواليد التسعينات لم نعاصر بوعينا الكامل إعلان الجوائز على الهواء مباشرة، كنا صغارا جدا حين إذاعة الحلقة.
كانت القصة كلها كأسطورة ما لأطفال العائلة؛ لذلك كنا نشاهدها عبر اختراع الفيديو كنوع من أنواع مشاهدة فيلمًا غرائبيًا.
إعلانات في إعلانات ثم ظهور نيللي وأمامها صندوق كبير زجاجي به مئات الخطابات.
يدخل في الصندوق رجل يحرك هذه الخطابات كمن يعيد ترتيب الكوتشينة من أجل صاحب الحظ.
يغوص الرجل في الخطابات كما لو كان يغوص في بحر غميق، ثم يخرج بخطاب واحد.
تحين اللحظة ويسلم الرجل الخطاب لنيللي ثم تفتحه على مهل وتقرأ اسم عمي كاملًا بابتسامة وتقول: مبروك يا محمد.
نصيح نحن أطفال العائلة ونصفق، فقد نطقت نيللي اسم عمي واسم العائلة وفاز للتو بجائزة مهمة، في حين أننا نشاهد الحلقة بعد سنوات من الفوز ولكننا نستوعب أمر الجائزة وكأن الحلقة مذاعة مباشرة.
الغريب بالحدوتة ليس فقط لحظة اليأس قبل الحظ المفاجىء والإنفراجة، ولكن وصول مولودة جديدة للعائلة بنفس الأيام التي حضر عمي فيها نفسه لتسلم الجائزة فيهدي الجائزة لسمر ابنته بالحلقة.
وكأن الحياة تصالحه بجائزتين بنفس الآن، وتجعل منه بطلًا أمام أطفال العائلة في لحظات سجلها شريط الفيديو الذي بقى في حضن العائلة للأبد.
وتظل القصة من أهم قصص العائلة التي نسترجعها من حين لآخر حتى نتذكر أننا عشنا أوقاتًا كان الحظ فيها حليفًا لنا رغم كل شيء عايشنها بالحياة.
ولعل هذه الفوازير جعلت عمي يشترك في أخرى، فعرفناه يشترك في مسابقات كثيرة بداية من مسابقات ما بعد صلاة العيد وحتى مسابقات رسائل المحمول التي كانت ترسل للبرامج فور استخدام المصريين للتليفون المحمول.
وكان عمي يفوز ببعضها فنبتهج جميعًا مصدقين أنه أصبح من المحظوظين.
ولكن تظل مسابقة الفوازير هي الأهم على الإطلاق والتي بقت في ذاكرتنا حتى الآن، ويظل الفيديو الصندوق الأسود الذي تعلقت به في حياتي.
الكاتب
ما هو انطباعك؟
