فيلم القرار .. لماذا يستحق وثائقي الشركة المتحدة عن ثورة 30 يونيو كل التقدير التاريخي ؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جاء فيلم القرار ليكون أول فيلم وثائقي عن ثورة 30 يونيو تنتجه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بعد 8 سنوات من عزل جماعة الإخوان، وهو الفيلم الثاني عن الثورة بعد وثائقي سنة ضائعة من عمر مصر الذي أنتجته مؤسسة آراك للفنون والثقافة بعد شهر من عزل الجماعة، لكن فيلم قرار شعب كان الأقوى والأفضل.
قائمة ضيوف فيلم القرار
وصل مجموع ضيوف فيلم القرار حسب ظهورهم إلى 67 شخصية «27 شخصية عامة وفاعلة + 40 شخصية ثانوية» ويحاورهم الفنان آسر ياسين، والشخصيات العامة والفاعلة التي ظهرت هم :ـ
1 / إبراهيم عيسى «المفكر والصحفي والإعلامي»
2 / عمرو عمارة «أحد المتراجعين عن فكر الإخوان»
3/ أحمد الرازق الهلباوي «من شباب وقادة الثورة ضد الإخوان في المنوفية»
4 / إيناس عبدالدايم «وزيرة الثقافة»
5 / إيفا بطرس «مسئول الإغاثة في مصر والوطن العربى بالكنيسة الإنجيلية»
6 / هيثم الشرابي «عضو حزب التجمع في المنوفية»
7 / محمد سعد عبدالحفيظ «الصحفي»
8 / خالد داوود «القيادي السابق في حزب الدستور»
9 / نسرين أسامة أنور عكاشة «المذيعة بالإذاعة المصرية»
10 / عبدالعزيز قنصوة «رئيس جامعة الإسكندرية»
11/ مختار يوسف «نائب رئيس جامعة الإسكندرية»
12/ سامح عاشور «نقيب المحامين»
13 / ياسر عبدالوهاب «إمام مسجد التوحيد في بورسعيد»
14 / الشيخ يوسف غانم «إمام مسجد أحمد غانم في المنوفية»
15/ محمد المالكي «موظف في جامعة بورسعيد»
16 / أحمد رضا «مدير مكتبة الأنجلو المصرية»
17 / باسم رؤوس «أمين متحف بالمتحف القومي للحضارة»
18 / أحمد فايق «الإعلامي»
19 / الدكتور شريف صالح «مشارك في مظاهرة ساحة الشهداء صلاح ببورسعيد»
20 / محمد كمال «مصور حادث مظاهرات ساحة الشهداء»
21 / عايدة محمد علي «والدة الشهيد صلاح حسن في بورسعيد»
22 / شقيقة الشهيد عبدالنبي شهيد أحداث بين السرايات
23 / سلوان لطفي جرجس «كاهن كنيسة العذراء»
24 / زين فكري «رئيس جمعية الشبان المسيحيين في المنيا»
25 / القس أيوب يوسف «راعي كنيسة مارجرجس في المنيا»
26 / جون بولتون «مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق»
27 / نسمة محمد «أحد سكان ميدان هشام بركات»
الفخ الذي تفاداه فيلم القرار
الفخ المثالي المتوقع لفيلم مثل القرار هو النمطية وتكرار القوالب السياسية المصبوبة والمحفوظة من خلال عرض جمل وطنية قُتِلَت قولاً وماتت ترديدًا وتكرارًا، لكن المفاجئ في الفيلم أن الزخم الذي أحدثه الشخصيات الثانوية (مواطنيين عاديين)، هو ما أنقذ وثائقي فيلم القرار من ذلك الفخ.
مزايا فيلم القرار من الناحية التاريخية
ثمة مزايا تاريخية اتسم بها فيلم القرار من الناحية التوثيقية وعلى رأس تلك المزايا أن غالبية الشخصيات العامة والثانوية الذين ظهروا في الفيلم تكلموا في أشياءٍ غير مستهلكة من الحيثية التاريخية، وقد ساهمت تلك الميزة في إضافة أشياء جديدة للجيل الذي لم يعيش ثورة 30 يونيو، بل وأضافوا الجديد لمن كان شاهدًا عيانًا.
ثاني تلك المزايا هو تركيز الفيلم على (مصر من الداخل) لا (مصر مراكز صناعة القرار)، وهو ما أدى إلى عرض حوادث مجهولة للغاية ومرت مرور الكرام على المجتمع المصري، مثل حادث الاعتداء على الشيخ يوسف غانم «إمام مسجد أحمد غانم في المنوفية»، وحادث نقل تبعية مسجد التوحيد في بورسعيد إلى أنصار السنة بدلاً من الأوقاف.
ثالث تلك المزايا هو عرض قصص إنسانية شديدة المآسي، وعلى رأس تلك الوقائع قصة محمد المالكي «موظف في جامعة بورسعيد»، والذي اعتصم رفضًا لتعيين قيادات إخوانية في الجامعة عام 2012 وقال «بعدها فيه ناس من مكتب رئيس الجامعة اتصلت بمراتي وقالولها ده جوزك اتحبس، ولو عمل اعتصام تاني، مش هنرجعلكوا خالص، مراتي كانت حامل في توأم، ومن اللي سمعته في التليفون راحت نزفت، وودتها المستشفى قالوا هتولد بدري، واحد من التوأم مات يومها، والبنت التانية ماتت تالت يوم في الحضانة، وأنا بدفن بنتي، بلغوني في الجامعة إن تم إيقافي عن العمل لمدة 3 أشهر، فروحت ببنتي الجامعة وهي على إيدي وقولتلهم أنا مش هروح أدفنها إلا أما ترفدوا مرشح الإخوان، وفعلاً مرضتش أمشي إلا أما رفدوه».
كذلك قصة المواطن البورسعيدي وموقف الإخوان منه بسبب صورة جمال عبدالناصر حيث قال «زوجتى رحمها الله كانت تذهب للمسجد الخاص بالإخوان لصرف علاج ومن غير ما أخد بالى وضعت بادج جمال عبد الناصر على صدرى ودخلت المسجد كى أحصل على العلاج، بصوا لى من فوق لتحت وقالوا ليه يا حاج كل سنة وأنت طيب مش بنصرف، وأخذت بعضى ومشيت قابلت واحد منهم قلت له يا أبو محمد الجماعة دول مبقوش يصرفولى العلاج ليه قالى حاطط لهم صورة جمال عبد الناصر على صدرك وعايزهم يصرفوا لك علاج، فقلت له أنت تصرف العلاج لجمال عبد الناصر أم لله فخلاص عرفت إن دول ناس منافقين».
رابع تلك المزايا هو تمكن صناع العمل من توظيف المواد الأرشيفية المصورة لدرجة أن بعضها وإن كان حدث فعلاً، لكن شعر أغلب المشاهدين أن هذه اللقطات لم يرونها من قبل، مثل مطالبة محمد مرسي اللجنة العليا للانتخابات بالإسراع في إعلان النتيجة، فضلاً عن الأحداث التي شهدتها مصر في فترة الإضطرابات، ولعل القائمين على الفيلم بذلوا مجهودًا كبيرًا في هذا البحث.
خامس تلك المزايا هو عدم تناول الفيلم للأبعاد الأمنية في فترة حكم الإخوان مثل الصراع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإنما تركيز الفيلم على أحوال المجتمع المصري الاقتصادية والثقافية والإجتماعية، وعرض عاصري الليمون قبل وبعد عزل الإخوان.
سادس تلك المزايا هو التركيز على أن الإطاحة بحكم الإخوان تم شعبيًا وليس عسكريًا، وقد اهتم الفيلم بعرض مواد أرشيفية تؤكد هذا الجزء بعدما تم ترديد شائعات بأن ثورة 30 يونيو كانت ممولة أصلاً، أما سابع تلك المزايا فهي أن الفيلم على يوتيوب ومترجم.
النقد الذي سيواجه الفيلم والرد عليه ؟
لعل النقد المتوقع الذي سيواجه فيلم القرار هو أنه مأخوذ من زاوية واحدة، بمعنى أدق روى القصة من طرفٍ واحد وهو طرف كارهي الإخوان، وكان الأفضل عرض وجهة النظر المقابلة.
لكن هذا النقد وإن كان مقبولاً من حيث الشكل لكنه مرفوضًا من ناحية المضمون، لسبب هام وهو أن وثائقيات الفضائيات الكارهة لثورة 30 يونيو هي الأخرى عرضت وجهة نظر واحدة، والأفلام متاحة للجمهور عبر يوتيوب، وبالتالي فإن وجهة النظر الأخرى موجودة لمن أراد الرجوع لها سواءًا كان من الهاربين أو من أهالي الإخوان المجني عليهم، فضلاً عن أن الجمهور طوال 8 سنوات لم يسمع رأي المؤيدين لثورة 30 يونيو بشكل محترف.
أخطر مقولة في الفيلم كله
رغم القناعة الشخصية الخاطئة للمفكر إبراهيم عيسى بأن انتخابات 2012 مزورة، لكن قبيل نهاية الفيلم قال مقولةً في غاية الخطورة «الضمانة الوحيدة لعدم عودة الاخوان للساحة هو الرئيس عبدالفتاح السيسي ودي مشكلة جبارية، لازم نلاقيلها حل، الضمانة لازم تكون المؤسسات، المجتمع كله، مش شخص واحد».
وكان أفضل ختام للفيلم رسالة تعقيبية تؤيد كلام إبراهيم عيسى «وما الحياة إلا قرار، أن تؤمن بعقيدة .. قرار، أن تكتب كلمة .. فذلك قرار، أن ترسم لوحة .. هو قرار، ترحل .. تزهد .. تصمت .. تثور وتغضب، ما تلك الكلمات سوى قرار .. لن تحسم أمرًا لن تحرز نصرًا، لن تغير من الكون شيء مالم تتخذ قرار، لن تكون أنت سوى بقرار».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال