مذكرات محمد علي باشا المجهولة ج2: شعبي كسلان ولا يحب العمل
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يواصل موقع الميزان نشر مذكرات محمد علي باشا المجهولة والتي أُخذِت من يومياته التي أملاها لمترجمٍ حضر معه لقاءات متعددة مع عدد من القناصل والنبلاء.
اقرأ أيضًا
مذكرات محمد علي باشا المجهولة ج1: تمنيت الموت وهذا موقفي الديني
ويناقش الجزء الثاني من مذكرات محمد علي باشا نظرته إلى الاقتصاد المصري ورده على الانتقادات الموجهة له إزاء سياسة الاحتكار.
محمد علي باشا: شعبي كسلان وهو من اضطرني للاحتكار
بقيت سياسة الاحتكار هي إحدى أبرز النقاط التي اهتم بها مؤرخي الاقتصاد المصري في عصر محمد علي باشا، فقد قرر أن تحتكر الدولة كافة المحاصيل الزراعية ويحظر على أي فلاح أن يقوم ببيع المحصول للتجار وإنما تقوم الحكومة بشراء المحصول منه، وأدت هذه السياسة خلال عهد الباشا إلى انتعاش الخزانة العامة للدولة لكنها جردت الفلاح من أي تملك على أرضه.
اقرأ أيضًا
يوم موت محمد علي باشا .. رد الفعل أكثر صدمةً من خبر الوفاة
تكلم محمد علي باشا في عام 1838 م عن سياسة الاحتكار في حديثه مع أحد القناصل الفرنسيين ويدعى «بوالوكنت» حيث قال له «أنا أحكم شعبًا يميل إلى الكسل، فإذا لم أضطره إلى العمل بقي عاطلاً غير محتاج إلى العمل، لأنه يستطيع أن يعيش ببضع بارات في اليوم الواحد (عملة مصر وقت الباشا وهي أقل من المليم)، فإذا حصل على البارات لا يفكر إلا في أن يتمتع بها فحسب؛ بمعنى آخر أن يكف عن العمل، أما أنا فأقصد من نظامي (يقصد الاحتكار) تكوين طبقة مجتهدة تتعود على الكد والكدح».
واستعرضت مذكرات محمد علي باشا وصف أسلوبه في حكم المصريين اقتصاديًا حيث قال لصديقه بوالوكنت سنة 1833 «يجب أن أعامل هذا الشعب كما أعامل الأطفال لأني إذا تركته وشأنه عاد من جديد إلى الفوضى التي أنقذته منها».
وعن رأي محمد علي باشا نفسه في سياسة الاحتكار قال للقنصل الفرنسي بمصر «كوشيليه» عام 1838 «أنا لست من أنصار الاحتكار، لكني أوجدت هذا النظام لأحصل على المواد اللازمة لتسليح جيش عظيم، وعندما تزول الأسباب التي اضطرتني إلى إدخال نظام الاحتكار فإني سأعود إلى أنظمة أخرى».
مذكرات محمد علي باشا ونظرتها للشأن الاقتصادي
اهتم محمد علي باشا دائمًا خلال أحاديثه للقناصل بسرد الحالة الاقتصادية المصرية قبل وبعد توليه الحكم فهو يقول لـ بوالوكنت «الفلاح لا يربح مني إلا القليل لكنه يضمن معي بيع سلعه، ثم إني حددت الأسعار بحيث أترك ربحًا معقولاً، فقد كان القمح يباع أحيانًا في السوق بسعر أدنى مما أدفعه للزراع لشراء محصولهم، وكان الزراع يبادرون إلى تسليم قمحهم فيتخلصون بهذه الطريقة وبدون عناء من الضرائب المتأخرة عليهم».
اقرأ أيضًا
قصة دخول زيتون الكالاماتا إلى مصر .. حرب إبراهيم باشا كانت سببًا
وتابع الباشا في مذكراته التي أملى جزء منها لـ بوالوكنت «لقد عدلت نسبة الصادرات والواردات في الميزان التجاري، فمنتجات صناعتي تعفيني اليوم من صرف الأموال التي كانت تبتزها المصانع الأوروبية، وكذلك فإني أحتفظ بالمبالغ التي كنت أوفي بها ثمن ما كنا نشرتيه من أقمشة وحرير».
وعن نظرة محمد علي باشا لطبيعة الاقتصاد قال «استوليت على كل شيء ؟ نعم ولكني فعلت ذلك لأجل كل شيء منتجًا، فالغرض هو الإنتاج، ومن يستطيع ذلك غيري ؟، فمن يستطيع أن يحمل الشعب على التعليم ومعرفة العلوم والأفكار التي كانت سببًا في تفوق أوروبا، أتظن أن أحدًا في هذه البلاد فكر أن يدخل بها القطن والحرير والتوت».
محمد علي باشا لـ بوكلير موسكاو: موقفي من زراعة الصحراء
وحول البيئة الاقتصادية لمصر كدولة زراعية عبر محمد علي باشا أكثر من مرة عن الصلة بالصناعة فهو في سنة 1837 قال لأحد نبلاء ألمانيا وهو بوكلير موسكاو «طالما وجدت أرضًا طيبة تصلح للزراعة فأنا لن أفكر بكل تأكيد في استغلال الصحاري»؛ أما أوديفريد أحد رجال فرنسا فقال له محمد علي عام 1842 «لا أعتقد شخصيًا أن الطبيعة حتمت على بعض الأمم التفرغ للزراعة أو الصناعة دون سواها، بالعكس فأنا أرى أن كل بلد زراعي قد يصبح بلدًا صناعيًا وتجاريًا».
ـ يُتْبَع ـ
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال