همتك نعدل الكفة
383   مشاهدة  

مسرحية مكبث .. رائعة شكسبير ووضع حقيقتها في التاريخ

مسرحية مكبث
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



صاغ ويليام شكسبير روائع مسرحية متعددة، وكانت مسرحية مكبث إحدى أشهر أعماله، إذ كان جوها شديد الشر ومليء بصور الظلام والإيحاء بالمجهول.

الحبكة الفنية في مسرحية مكبث

غلاف مسرحية مكبث
غلاف مسرحية مكبث

كان مكبث قائدًا في جيش دنكان ملك اسكتلندا، وقد حظي بمكافأة نظير استبساله في القتال ضد الغزاة النرويجيين، بمنحه لقب ثين أوف کاو دور، وقرر الملك العارف بصنيع مكبث أن يقضي الليلة في قلعة هذا الأخير، وكان الدم الملكي يجري في عروق مكبث، فهو ابن عم للملك دنكان، لذلك كانت الرغبة والطمع يعتملان في نفسه لارتقاء عرش اسكتلندا، وأغرته فكرة وجود دنكان تحت سقف قلعته، وأسلمته للنوازع الشريرة.

مكبث وبانكو يقابلان الساحرات
مكبث وبانكو يقابلان الساحرات

أما زوجته الليدي مكبث – والتي لا تقل عنه طموحًا – تستحثه بسخريتها حتى أقدم على قتل الملك أثناء نومه، ملقيًا اللوم فيها يبدو على حرس الملك، وعند اكتشاف الجريمة، هرب مالكولم Maleelma ، ودونالبين Demalbala ابنا الملك من البلاد خشية ما قد يحدث لهما، وتبع مالكولم إلى إنجلترا سيد اسكتلندي اسمه ماكدوف Maedate ، ليقنعه بمحاولة استرداد عرش اسكتلندة من مكبث الذي كان قد توج ملكًا، ولقد حظيا بالعون من إنجلترا، وعادا إلى اسكتلندا في صحبة جيش إنجليزي ليقاتلا مكبث، الذي قُتِل أخيرًا ، ثم نصب مالكولم ملكا على اسكتلندا .

جيمس الأول والسادس في وضع المسرحية والتاريخ 

جيمس الأول والسادس
جيمس الأول والسادس

كتب شكسبير هذه المسرحية سنة 1605 م – 1606 م، بعد نجاح جيمس السادس ملك اسكتلندا في ارتقاء عرش إنجلترا، ليصبح جيمس الأول ملك إنجلترا وجيمس السادس ملك اسكتلندا، كان الملك ابنا لماري ملكة اسكتلندا، وأول الفرع الملكي من أسرة ستيورات يصبح ملكًا على إنجلترا واسكتلندا في آن واحد، وكانت وقائع تاريخ اسكتلندا شائعة بالطبع في إنجلترا في ذلك العصر، وعلى الأخص عندما ارتبطت هذه الوقائع بأسرة الملك نفسه.

قيل إن الملك جيمس سليل  بانکو  الذي ظهر في المسرحية كأحد القواد من زملاء مكبث، وكرجل حكيم ذي شخصية كريمة، ومن المرجح أن شكسبير قد اختار موضوع مسرحيته بسبب هذا الارتباط الوثيق.

سجلات هولينشيد

صفحة العنوان للطبعة الأولى لعام 1577 من سجلات هولينشيد
صفحة العنوان للطبعة الأولى لعام 1577 من سجلات هولينشيد

تعتبر سجلات هولينشيد التي صدر سنة 1577م المصـدر الأساسي، وربما الوحيد الذي استقى منه شكسبير معلوماته التاريخية ويبدأ هذا الكتاب بوصف اسكتلندا ويحتوي قصصًا مثيرة عن ملوك اسكتلندا، وقد حذا شكسبير حذوها بأمانة لكن المؤرخين المحدثين ألفوها غير دقيقة تمامًا ولا تحتوي سوى على هيكل الواقع الذي أضاف إليه واضعو الحوليات وصناعها قصصا المأثورات الشعبية، بل قصصا خيالية اعتقدوا أنها وقعت فعلاً، وهذا التاريخ الخيالي الذي يشكل البناء الداخلي لإطار من الواقع، وهو ما نراه على المسرح عند عرض مسرحية مكبث، ولكن ينبغي ألا يغيب عن البال أن الاعتقاد كان سائدًا في عهد الملك جيمس الأول، بأن هذه القصص هي التاريخ فعلاً.

لكن أي وقائع يمكننا أن نكون على بينة منها؟

مكبث يرى شبح بانكو رسمها تيودور كاسيريو.
مكبث يرى شبح بانكو رسمها تيودور كاسيريو.

كان ثمة أحد ملوك اسكتلندا اسمه دنكان تولى الحكم من 1034 م إلى 1040 م، وفي هذه السنة قتله مكبث الذي ظل مرتقيا عرش اسكتلندا 16 عامًا، حتى قُتِل هو بدوره في معركة من المعارك، وخلفه ابن دنكان المسمى مالكولم، وفيما عدا ذلك، فلسنا على بينة إلا من القليل.

شكسبير
شكسبير

على الرغم من أن شكسبير اعتبر مسرحيته مرتكزة على أساس من التاريخ، إلا أنه أحدث عـدة تغييرات نابعة من أصالته الفنية الثرية، فلقد وصف هولنشيد دنكان كحاكم متخاذل، بينما هو يبدو في المسرحية عجوزًا رائعًا فاضلاً، مما يزيد من بشاعة الجريمة التي ارتكبها مكبث ويضاعف من أثرها.

اقرأ أيضًا 
عندما سرق ويليام شكسبير وفرقته المسرحية مسرح

هناك تغيير آخر هام يتعلق بمقتل دنكان، ففي الحوليات، وصف هو لنشيد بانكو بأنه شريك مع الآخرين في الجريمة التي ارتكبت على شكل اغتيال سياسي صريح، ولو أن شكسبير أظهر سلف الملك الحاكم بهذه الصورة السيئة، لكان ذلك منه بمثابة عمل أخرق.

ومن وجهة النظر الدرامية، تنعقد الأهمية العظمى على الإثراء الذي أضافه الشاعر إلى شخصيتي مكبث والليدي مكبث، فيقول مكبث:
ــ هل ما أراه أمامي هذا خنجر، ومقبضه من قبضتي قريب ؟
شجعته زوجته:
ــ إبد كزهرة بريئة، لكن لتكن الأفعى من تحتها تسعى.

 فقد اقتبس من روايات أناس مختلفين تمامًا جاءت في حوليات هولنشيد، وبعضها من وحي خيال شكسبير نفسه.

إقرأ أيضا
مرافعة جنوب إفريقيا

جو مسرحية ماكبت

مكبث
مكبث

يرتفع الشتاء، فيقصف الرعد، ويلمع البرق و تبدو ثلاث ساحرات في بقعة خلاء، وتتساءل الساحرة الأولى في صوت هو إلى الحشرجة أقرب
– متى سنجتمع نحن الثلاث مرة أخرى ؟ في الرعد أم في البرق أم في المطر؟

إلى جانب الساحرات الثلاث، ونبوءاتهن الشريرة بوقائع المسرحية، وهيكات Hecate عميدتهن، هناك سلسلة من المظاهر المفزعة بما فيها شبح بانكو الذي قتله مكبث أيضًا، ونحن هنا بالطبع في عالم من الخيال لكنه منسوج مع لحمة المسرحية.

وعندما تقول الساحرات «العادل شرير والشريرعادل» فهن يعنين أن مكبث الذي كان يبدو عادلا للملك دنكان، إنما يقر في قراره ارتكاب فعل شرير حقا، وهكذا اختلط الخيال مع التاريخ في مسرحية شكسبير، ذلك التاريخ الذي أثبت البحث الحديث أنه خيالي إلى حد كبير.

الكاتب

  • مسرحية مكبث وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان