همتك نعدل الكفة
821   مشاهدة  

مصري وشامي وحجازي .. وأنا ع الربابة بغني

مصري وشامي وحجازي ............................... وأنا ع الربابة بغني


ماحناش يا ولدي أخر الأجيال

وأنا علي الربابة بغني

زي اللي خدته من الشهيد أدي الفرض دايم

وانت بتؤدي اعشق بلادك يا ضنا

قدي ياما ليالي ع الجبين مكتوبة

وماحناش يا ولدي أخر الأجيال

يا طوبة حمرا وطوبة خضرا وطوبة البنا يضرب فيها بالموال

هكذا نظم فؤاد حداد تلك القصيدة البديعة متحدثاً عن المحروسة، إن قابلت رجلاً قصيراً يمتاز بكاريزما عظيمة ذات يوم وحدثك عن الهوية المصرية فانصت إلي هذا الرجل بإهتمام فإنه يتحدث حديث الجد، إنه صديقي العزيز وأخي الأكبر الأستاذ بشرى رمزي رجل الأعمال الناجح الذي ألقي لنا يوماً محاضرة كاملة عن سبب تكوين الشخصية المصرية وما آلت إليه من حال.

مصري وشامي وحجازي إنها ليست نكتة عزيزي القارئ إنه عنوان المحاضرة التي ألقاها إلينا فبدأ كلامه قائلاً ” طول عمر كل مصري متعود ع الرخاء ، وكان متعود أيام الفيضان يجي النيل يغرق الأرض يرمي بذور الزراعة تطرح فيجمعها ويقتات منها ويبيع .. تباعاً ظل الأمر إلي أن استوطن الأرض وبنى بيته علي الأرض وساعدته زوجته في أعمال الأرض إلي جانب قيامها بأعمال المنزل وكبر أبناؤه وعملوا معه في نفس الأرض وبنى لكل فرد منهم دوراً سكنيا في نفس المنزل أو خصص لكل منهم حجرة بنفس المنزل أيضا ليتزوج فيها، فأصبح موجود لديه ما يسمى ببيت العائلة وهي النبتة الحقيقية للحضارة فالأسرة والعائلة هي أصغر مكون من مكونات المجتمع.

عواد باع أرضه يا ولاد شوفوا طوله وعرضه يا ولاد

ارتبط المصري القديم لتلك الأسباب بأرضه ارتباط الدم وجعلها في منزلة العرض بكسرالعين” وليس بفتحها، وحقر المصري القديم من شأن الفرد الذي يبيع أرضه لأي سبب كان وأطلقوها صراحة “الأرض عرض” وكونوا أول جيش نظامي في التاريخ مهمته الأولي والأخيرة “الدفاع عن الأرض”.

لي صديقة تعمل في سفارة إحدي الدول الأجنبية قصت لي من قبل قصص العديد من الرجال الذين بكوا أمام ورقة التنازل عن الجنسية المصرية بالدموع كالأطفال وبعضهم قطع وثيقة التنازل ولم يرض التنازل عن الجنسية المصرية. ولم يدر هؤلاء إن بذرة الفلاح المصري القديم باقية بداخلهم ولم يعلموا لماذا فعلوا ذلك، فتجدهم يعيشون عشرات السنين في أوروبا وأمريكا ويبكون بالدموع حين يسمعون أغنية تذكرهم بالحبيبة مصر، ويوصي بعضهم أولاده بأن يدفن بجانب أجداده.

علي العكس تماماً سارت حياة رجال الشام الذين عاشوا الجبال واضطروا لزراعتها لكي يقتاتوا منها فحمل كل منهم المياه في كف يده قبل أن يتم اكتشاف روافع المياه حتي البدائي منها وصعد أعلي الجبل لكي يروي الأرض، لك أن تتخيل كم من المرات التي كررها هذا الرجل يومياً ليروي أرضه صعودا وهبوطاً.

وتلك الحياة الصعبة جعلت منه شخصا شرساً حاد الطباع لا يكل عن العمل أبداً وهذا مبرر اعتلاء اللبنانيين والسوريين إدارة الكثير من الشركات العالمية عابرة الجنسيات، علي عكس كليهما عاش الرجل الحجازي ساكن شبه الجزيرة العربية الذي قضى حياته الأولى في الرعي ولم يرتبط بأرضه وهذا الذي جعله يرتاح للترحال وعدم الاستقرار في مكان واحد طيلة عمره.

ماتنخدعش يا زمن احنا الطيبة تنطق في ملامحنا لكن خفاف الله يسامحنا ياما افتكرنا الطيبة معطوبة ياما لعبنا وياما كنا عيال

حبا الله المصري القديم تلك الظروف التي عاش بها وهي السبب الرئيسي في كونه شخص من الممكن أن يتحلي ببعض الكسل وهي أيضاً التي جعلت بداخل كل مصري تلك الطيبة والصفاء والإبداع وحب الشعر والقصص و الموسيقى والرقص والفن بشكل عام فغنى وكتب وشيد وقص ونظر إليه العالم بكل اهتمام.

اقرأ أيضا

الجزء الأول من سلسلى على الربابة بغني

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان