هيو طومسون وإجناز سيملفيس.. عظماء دفعوا حياتهم لفعل ما هو صحيح
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
على الرغم من أن الأفلام تحاول إقناعنا بالعكس، إلا أن الحقيقة هي أن هذا العالم به أشرار أكثر من الأبطال، لن تجد بسهولة بطل حقيقي يعيش وسطنا، يمكنه التخلي عن حياته برضا واقتناع من أجل الآخرين، ولكن على الرغم من ندرتهم الشديدة، إلا أنهم موجودون بالفعل، ولحسن حظنا أننا نعلم عنهم، ربما نتعلم منهم بعض أشكال البطولة.
هيو طومسون
كانت مذبحة ماي لاي حقبة حددت العلامة السوداء في التاريخ الأمريكي، وفي مواجهة إدراك أن الجيش الأمريكي كان يقتل قرى فيتنامية بأكملها بشكل عشوائي دون سبب حقيقي، بدأ الرأي العام للحرب في التحول، وبالنسبة للرائد هيو طومسون جونيور، جاء هذا التحول بعد فوات الأوان، ففي 16 مارس 1968م، كان الرائد طومسون يقود مروحيته عندما سمع إطلاق نار مدفعي في الأسفل، وعندما طار للمساعدة، جاءه أُمر بقتل كل شخص فيتنامي في الأفق، وأطلق الجيش الأمريكي النار على 504 مواطنًا، 210 من الضحايا كانوا أقل من 12 عام، كان 50 منهم تحت سن 3 سنوات، وخلافًا لكل تدريباته، فعل طومسون ما لا يمكن تصوره، حيث هبط بطائرته المروحية ووجه بندقيته نحو زملائه الجنود، وهدد بأنه إذا قتلت القوات الأمريكية المزيد من المدنيين، فإنه سيضطر إلى إطلاق النار على زملائه الجنود، وبالفعل توقفت القوات وانتهت المذبحة، وقام طومسون وطاقمه بإجلاء أكبر عدد ممكن من الجرحى، وعند عودته إلى القاعدة، أبلغ طومسون كبار الضباط بالحادثة، وتم عقابه عقاب شديد، بالإضافة إلى إلغاء المهام المستقبلية، مما أدى إلى إنقاذ المئات من المذابح المماثلة، ولم يعتبر أحد في ذلك الوقت طومسون بطلاً، وتم استدعاؤه إلى الكونجرس للتحقيق، واقترح أعضاء الكونجرس محاكمة طومسون عسكريًا، وكان المدنيين الأمريكيين يكرهونه بالمثل، وكان يتلقى تهديدات بالقتل باستمرار، وظهرت جثث الحيوانات المشوهة على شرفة منزله، ولمدة 30 عامًا قادمة، رفض الجيش الاعتراف بخدمة طومسون، وقبل ثماني سنوات من وفاته، حصل طومسون أخيرًا على التقدير على شكل وسام الجندي.
اقرأ أيضًا
كيف أقنع جيم جونز أكثر من 900 شخص بالانتحار؟
إجناز سيملفيس
حقق رائد نظرية الجراثيم الأوائل، إجناز سيملفيس، انجازًا عبقريًا، حيث نشر فكرة أنه يجب على الناس غسل أيديهم ليتجنبوا الإصابة بالأمراض، ولكنه دفع حياته ثمنًا لهذه الفكرة، كان مستشفى فيينا في حالة يرثى لها، تموت واحدة من كل ست نساء بعد الولادة بسبب ظاهرة غريبة تعرف باسم “حمى النفاس”، مباشرة بعد الولادة، تُصاب النساء بطريقة أو بأخرى بحمى قاتلة بعد ذلك، ويتضخم رحم الأمهات الجدد والمبيضين وقناتي فالوب بالقيح، شملت النظريات المقبولة في ذلك الوقت، أن سبب ذلك هو دخول الهواء البارد إلى المهبل، أو أن حليب الثدي لدى الأم الحامل يتخثر في المهبل، ومع ذلك اعتبرت أفكار سيملفيس عن النظافة والتعقيم أفكارًا مجنونة، وأشار سيملفيس إلى أن معدل الوفيات يكون أعلى بكثير إذا تمت الولادة على يد طبيب، في بعض الأحيان، كان الأطباء في عجلة من أمرهم لإجراء عمليات تشريح للجثث قبل وقت قصير من رعاية الأمهات الحوامل، غير مدركين لمفهوم الجراثيم، واعتقد سيملفيس أن الأطباء كانوا ينقلون شيئًا لا شعوريًا من الجثث إلى غرفة الولادة، وقد أدى تفعيل التعقيم القسري قبل الدخول إلى جناح الولادة إلى انخفاض معدل الوفيات بنسبة 93%، وعلى الرغم من النجاح الواضح لهذه الممارسة، فقد غضب الأطباء من نظرية سيملفيس، لقد رفضوا تصديق أنهم يتسببون في وفاة مرضاهم، ومع عدم وجود تفسير علمي حالي يدعم هذه السياسة، رفض المجتمع الطبي سيملفيس، وشعر بأنه عاطل عن العمل، وأنه منبوذ، وتسبب ذلك في إصابته باضطرابات عقلية، وظل يعاني منها حتى وفاته، لذا قم واغسل يديك اليوم تكريمًا له.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال