يا احنا يا شكسبير ..استيعاب الجيل الجديد أفضل من الاصطدام به
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
المسرح يجمع ألوانًا كثيرة من الفنون، وكذلك يستوعب كل الفنانين بمختلف أعمارهم، يعطي جرأة للطفل بأن يتواصل مع الجمهور بشكل مباشر، يكسر خجله، يعطيه قوة، يشعره بالحماس، هذا الحماس الذي شعرت به عندما شاهدت مسرحية يا احنا يا شكسبير لأن أبطالها مجموعة من الأطفال من مختلف الأعمار.
هل تصدمك الفجوة بيننا وبين الجيل الجديد؟…لا تستوعب ما يتذوقنه من أغانٍ وما يفضلونه من طعام؟..لا تفهم بعض تعبيراتهم؟…كلنا كذلك، وكان الجيل السابق لك يندهش لأمرك أيضًا ولكن الفرق أنك نسيت ما مررت به في طفولتك ومراهقتك، وأن العولمة والتوكنولجيا سببت نقلة كبيرة لهذا الجيل معلوماتية وجعلتهم يكبرون سريعًا.
اقرأ أيضا…فينال ومعضلة أن يفني الفنان نفسه من أجل الفن
يا احنا يا شكسبير يناقش هذا الأمر من خلال فكرة بنص جيد للفنان أحمد عبد الجواد. 14 طفلًا يمثلون أكثر من نصا لشكسبير حتى يضجون من أفكاره ويعلنون تمردهم على مخرج العرض الجديد بأنهم ملوا من النهايات البائسة وأن رسائل الفن لا يجب أن تمرر عن طريق التراجيديا دائمًا.
يصدم المخرج كمن سمع اعتراضا على الست أم كلثوم في الغناء ولا يستوعب أفكار هؤلاء الصغار ، بل ويصطدم بهم ويضرب أحدهم عندما يتجرأ عليه ويواجهه بحقيقة مجهوده الضعيف مقابل مجهود مساعد المخرج الذي يستوعبهم.
معضلتان نقف أمامهما للتأمل؛ هذا الجيل المتمرد الذي يمل من كل شيء ولا يرضى بسهولة، والمخرج الذي له تاريخ بالمسرح وانتفخ عنده الإيجو لشعوره بالنقص وعدم التقدير، ويستحيل أن يحاول بذل مجهود لاحتواء مجموعة من أطفال ذكائهم مبهر وتمردهم صادم.
العرض لم يكن مملًا على الإطلاق رغم أن الأطفال منهم من لديه خبرة بالتمثيل، ومنهم من كان وقوفه على المسرح بهذا العرض تجربته الأولى.
يحسب للمخرج أحمد عسكر إدارة المجاميع والتعامل مع 14 طفلا من سن 8 سنوات إلى 15 سنة، واستغلال شاشة العرض من أجل ادخالنا في عالم هذه المجموعة عن طريق مناقشاتهم ببرنامج واتس اب، وكذلك استخدام شريط الصوت المناسب الذي جعلنا داخل أدمغة هؤلاء الأطفال عن طريق أصوات تفاعلاتهم سويا بالانترنت إن كان بالبحث عبر جوجل أو (الشات)
البطل الأصلي في هذا العرض هم هؤلاء الأطفال الذين واجهوا الجمهور على خشبة مسرح قاعة المؤتمرات بمكتبة الإسكندرية. قاعة كبيرة ومسرح كبير يوتر أشجع ممثل، ولكن وقف هؤلاء الوحوش الصغار يمثلون باستمتاع بشكل مسترسل وسلس دون أن يشعر الجمهور بتوترهم، فكانت جملهم واضحة إلى حد كبير، وأدائهم ممتع خاصة في كوميديا الموقف.
كما تمثيل جزء من نص “حلم ليلة الصيف” بالشكل الذي يريده هؤلاء الطلبة بدمج العامية واللغة العربية بشكل كوميدي، كان مختلفا ولافتا للانتباه، فربما رأى البعض أن هذا الجيل يريد الاستسهال في الفن، ولكن لو قدمت له فكرة جيدة يتحمس في بذل مجهود من أجلها.
أيضا فكرة تمسك الطلبة في العرض بتمثيل نصا كوميديا بدا شيء منطقي بالنسبة لي، فالعالم كله من حولنا يمثل تراجيديا متواصلة، كما أنهم ضجوا من نصوص قد مثلوها كلها ترايجيدية وبالنهاية فهم مجموعة من الأطفال لا يتحملون الكثير من المشاعر المعطلة التي تخرج من عباءة الحزن.
بداية من اسم العرض وحتى نهايته أعجبت بتماسك الفكرة والنص ، فاسم العرض يا احنا يا شكسبير يوحي بالتحدي بين الجيل الحديث والجيل القديم وفيه إصرار على التجديد ووضع لماستهم الخاصة، فقط تمنيت لو كانت النهاية مختلفة فشعرت أن العرض له كمالة ما وانتهى بشكل مفاجىء، وودت لو كان المخرج الذي اصطدم به ظهر مرة أخرى بالصورة ليرى عرضا مختلفا عن أفكاره، ولكن ربما هذا واقعي أكثر، فبعض الأشخاص يتمسكون بالجمود لنهاية حياتهم ويخدهم الايجو.
يا احنا يا شكسبير عرض بمهرجان الصيف بمكتبة الاسكندرية، وهو من إخراج الفنان أحمد عسكر الذي شارك بالتمثيل في العرض وتأليف أحمد عبد الجواد وتمثيل نادر محسن ومجموعة موهوبة من الأطفال.، ويعد عرضا مستواه جيدا ويستحق المشاهدة خاصة لو لديك أطفال
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال