رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
176   مشاهدة  

فينال ..معضلة أن يفني الفنان نفسه من أجل الفن

فينال
  • إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



يقول الفيلسوف الفرنسي البير كامو “إن طريق الحياة وعر وشاق دون مساعدة الدين والفن والحياة” فالفن جزء من الأدوات التي وهبها الله للإنسان كي يعبر عن نفسه وعن غيره وكي يتحمل مشاق الحياة.

ولكن الموهبة خلفها دائمًا لعنة ومنحة وهي حس الفنان المرهف الذي يجعله يرى الحياة برمتها بشكل مختلف يجعله أحيانا في قمة شعوره بالسعادة والشغف للغد وأحيانًا أخرى في قاع الاكتئاب.

عرض فينال على خشبة مسرح تياترو النيل بالإسكندرية دخل بنا إلى كواليس عالم مليء بالتساؤلات حول حياة فنان مسرحي وهب حياته كلها للفن وخسر من أجله الحب أكثر من مرة.

وضعنا فينال أمام تساؤلات كثيرة مثل: هل يمكن أن يعيش الفنان حياة طبيعية؟ وهل يقدر الجمهور ما يفعله الفنان من تضحيات كثيرة؟..

المسرح تحديدًا عالم ساحر كالنداهة يتفاعل فيه الممثل مع الجمهور بشكل مباشر، يعطي القوة ويمنح الممثل حالة من النشوة تدوم طويلا بعد (السوكسيه) الذي يرضي كل فنان يقف على خشبته.

اقرأ أيضا…شفت مسائي الحلقة المفرغة التي يدور فيها جيل بأكمله

ولكن في المقابل المسرح لا يمنح شهرة السينما ولا أموالها والمجهود الذي يطلبه أكبر من مجهود متطلبات الكاميرا؛ لذلك حياة الفنان المسرحي غير مستقرة .

نتتبع بفينال حياة فنان مسرحي عن طريق استرجاع مواقف فارقة بحياته من الماضي، نرى من خلالها كم الخذلان الذي تعرض له مقابل تمسكه بالمسرح، وكيف يحتاج الفنان أن يذكره جمهوره بأهمية ما يقدم حتى ينتصر على آلمه بعد فقده الكثير مقابل تمسكه بالفن.

العرض كان مقدما باللغة العربية واللهجة العامية بمزجهما معًا بحرفية شديدة، وهو من تأليف الفنان محمد الكلزة وقد عرض هذا العرض أول مرة عام 2013 بمشروع تخرج للفنان محمد فاروق مخرج وبطل العرض.

ويحسب لفريق العمل تطوير العرض بعد مرور كل هذه السنوات، فهناك مشهدًا على سبيل المثال قدمه الفنان محمد فاروق مع الفنانة الرائعة سلوى أحمد يتبادلان فيه أشهر الإيفهات والجمل المحفورة في ذاكرة الجمهور من الأعمال المصرية درامية ومسرحية وسينمائية، في مشهد هام  موظف دراميًا بالعرض.

وقد انتهى المشهد بمواقف وإفيهات من أعمال حديثة قد أضيفت للمشهد، كما بذلا فيه الفنان محمد فاروق والفنانة سلوى أحمد مجهودًا رائعًا في إطار كوميديا الموقف وبرتم سريع يحتاج لممثلين محترفين لتأدية المشهد على هذا الرتم وبألفاظ واضحة وأداء متميز لكل إيفه أو موقف يمثل في أقل من الثانية.

فينال

على صعيد آخر استرجاع المواقف والذكريات القديمة يكون سهلًَا عن طريق أسلوب الفلاش باك بالسينما والدراما التلفزيونية، بينما بالمسرح يحتاج لحيل مختلفة يفهمها الجمهور، وقد استخدم المخرج محمد فاروق الإضاءة بتنوعاتها كي يفصل بين الزمن الماضي والموقف الحاضر في حياة بطل العرض.

فالإضاءة الخافتة تدل على ذكرى قد انتهت من حياته، بينما الإضاءة التامة تسحب الجمهور من يده للحظة الحالية من حياة الفنان.

وديكورات العرض كانت مناسبة لمشروع تخرج؛ كرسي وشماعة عليها بعض الملابس، ولوحة يقوم برسمها فالنان أسامة الهواري، وكان   دوره في رسم وجوه في حالة من المشاعر المختلفة من الحزن والدهشة والحيرة،  حتى ينتهي العرض برسم شعار المسرح الشهير بوجه يضحك ووجه يبكي.

على الرغم من أن العرض يعتبر من عروض الديو دراما إلا أننا شاهدنا أدوارًا مختلفة لمؤدين صامتين لهم أدوار تعبيرية مختلفة، كالرسام الذي يسرم اللوحة والذي عبر عن حياة الفنان المسرحي بطل العرض، وعلى يمين المسرح كان يجلس عازف أورج يؤدي ألحانًا مناسبة لحالة أكثر من مشهد، وبيسار المسرح شاب يقف مؤديا حركات بطيئة تعبيرًا عن الثقل الذي يشعر به الفنان بعد عمره الذي مر دون أن يدرك أهمية ما يقدمه.

والعرض كان مختلفًا لأن عروض اللغة العربية الفصحى عادة تكون تحدِ كبير وتحتاج لبداية جاذبة وقوية كي يكمل الجمهور العرض لنهاتيه، ولكن كان فينال مختلفا من حيث انضابط الحوار الذي كان باللغة العربية من قبل الفنان محمد فاروق وبين جعل الحوار باللغة العربية والعامية معًا مع الفنانة سلوى أحمد.

اختيار البطل كي يتحدث باللغة العربية في حد ذاته أضفى على شخصيته حالة من النوستالجيا وكأنه بطل قادم منذ نشأة المسرح نفسه وقد تمسكت روحه بهذا الزمن رغم كل التنازلات التي قدمها وكل الحزن الذي عشش في صدره مقابل ما اختار.

إقرأ أيضا
خالد ونور وولده نور خالد

فينال

استغل المخرج عناصر فنية مختلفة كي لا يشعر المتفرج بالملل، فقد شاهدنا استعراضات خفيفة بينه وبين الممثلة سلوى أحمد، وكذلك استغل صوت سلوى أحمد كي تؤدي أغنية “عايش سارح في الملكوت” بأداء تمثيلي مبهر.

تنوع العرض بين التراجيديا وكوميديا الموقف والاستعراضات التي كسرت حالة الحزن التي شعر بها الجمهور، وهي حالة ضرورية وحيلة قديمة كي يتوحد  الجمهور  مع آلام البطل..

يحسب للمؤلف محمد الكلزة نصًا نوع فيه بين مشاهد مختلفة بين الكثير من الأضاد بالحياة؛ الماضي والحاضر، الحماس واليأس، الشغف والاستسلام، الحياة والموت، الحب والتخلي، والعامية واللغة العربية.

نص يمثل السهل الممتنع الذي يناقش مشكلة هامة دون فلسلفة شديدة الصعوبة قد لا يفهمها الجمهور، بل كان العرض مسليًا رغم عمق فكرة النص والصراع الذاتي الذي دار حوله العرض.

فينال عرض يصدمنا بواقع حياة المسرحجية الذين لا يقدر منهم سوى القليل رغم أن المسرح ماكينة تفريغ لكل المواهب العملاقة التي اتحفتنا بفنهم.

شكرا لكل فريق عمل فينال

الكاتب

  • فينال إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان