الجانب الأبشع الذي لم يذكره مسلسل الاختيار عن علاقة الجماعات الإسلامية وإيران
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تناولت الحلقة الخامسة عشر من مسلسل الاختيار عدة قضايا أيدولوجية كان أبرزها علاقة الجماعات الإسلامية وإيران عبر المشهد الذي جمع الإرهابي عمر رفاعي سرور بالإرهابي هشام عشماوي وهو يتكلم عن علاقة الجماعات الإسلامية في إيران وأنهم كانوا منبهرين بها.
اقرأ أيضًا
تغطية موقع الميزان لحلقات مسلسل الاختيار
يشير المسلسل أن الجماعات الإسلامية كانت منبهرة بالثورة الإيرانية لكن الحقيقة التاريخية تقول أن المسألة كانت أعمق من مجرد إنبهار بل وصلت إلى درجة التعاون والتنسيق بين إيران والإخوان وحتى تنظيم القاعدة.
الإخوان وإيران .. علاقة بدأت من قبل الخميني
على عكس ما يتوقع البعض من أن صلة الإخوان بإيران كانت في عهد الخميني، بل هي أقدم من ذلك بكثير من أيام جيل أستاذ الخميني، نواب صفوي مؤسس حركة فدائيين إسلام، وكان نواب صفوي أحد أبرز الأوجه الإيرانية الشيعية التي أسست علاقات قوية مع الإخوان.
كان أول ظهور للشاب نواب صفوي في الأربعينيات واتسم بشخصية مركبة في علاقاتها فقد كان زميلاً لشاه إيران محمد رضا بهلوي الذي طالب بإسقاطه لاحقاً، ولازم الرئيس السوري أديب الشيشكلي، وياسر عرفات، كما كان من المتعرفين على سيد قطب.
تحكي مذكرات يوسف القرضاوي أن نواب صفوي مع الإخوان المسلمين ثنائياً متناغماً بدأت على مستوى الشارع في 12 يناير سنة 1954 م و قابله عمر التلمساني، وقام بإلقاء كلمة في مؤتمره مع شباب الإخوان بجامعة القاهرة، كما أنه كان المتحدث الرئيسي في لقاء جماهيري إخواني بجامعة القاهرة حيث أعلن من خلاله مسؤولية حركته عن اغتيال رئيس الوزراء الإيراني السابق علی رزم آرا، و قال «من أراد أن يكون جعفريًا حقيقيًا فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين».
على نفس السياق لعب نواب صفوي دور الوسيط بين محمد نجيب المؤيد للإخوان من جهة وبين جمال عبدالناصر ذا الفكر الثوري من جهة أخرى، مع ميل نواب صفوي إلى معسكر شيعة إيران بحكم دعمه لآل الصدر ضد الأنظمة الملكية ؛ لكن كان عبدالناصر أسبق هؤلاء جميعاً حيث ضرب الثلاثة مرة واحدة فزج بالإخوان في السجون، وعزل نجيب نهائيًا عن الحكم وحتى الحياة ، وعلى نفس السياق كان نواب صفوي في طريقه إلى الموت.
وقالت جماعة الإخوان للخميني نعم
بعد الثورة الإسلامية في إيران بادرت أمانة سر التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين إلى الاتصال بالمسؤولين الإيرانيين بغية تشكيل وفد من الإخوان لزيارة إيران للتهنئة بالثورة وتدارس سبل التعاون المشترك، وهو ما نشر الحماس عبر عدة مواقف اتخذتها الجماعة كان منها عنوان افتتاحية احتل فيها الخميني، غلاف مجلة الإخوان الرئيسية «الدعوة» في مارس 1979: «خميني بين آمال المسلمين ومؤامرات الصليبية والشيوعية».
تنظيم القاعدة وإيران .. وجه آخر لتفاهم الجماعات الإسلامية وإيران
أحد أعمق المصادر التاريخية عن علاقة الجماعات الإسلامية وإيران كتاب «المنفى.. رحلة أسامة بن لادن»، الذي كتبه الصحفيان الاستقصائيان أدريان ليفي وكاثي سكوت كلارك.
يشير كتاب المنفى أن إيران قيادات القاعدة وعائلاتهم مثل الإرهابي المصري محمد صلاح زيدان المشهور باسم سيف العدل الذي لقي اهتمامًا كبيرًا من قاسم سليماني ومنحه مسكنًا بالمقاطعة 9، بطهران، وتولى الإشراف على استهداف ثلاث مجمعات في الرياض عام 2003 راح ضحيتها أكثر من 35 قتيلاً.
كذلك استضافت إيران «أبو مصعب الزرقاوي» ثم سهلت دخوله إلى العراق لاستهداف المواقع الشيعية، نظرًا للخلافات بين شيعة الملالي في قُمْ الإيرانية وشيعة آل الصدر في كربلاء العراقية حتى دخل شيعة العراق في أحضان طهران رسميًا.
لم يكن تفاهم إيران مع الجماعات الإسلامية شيئًا بلا معنى، فقد كانت هناك مصلحة سياسية لطهران وهي أن نظام الملالي أراد فيما بعد تنفيذ صفقة مقايضة بين إيران وأمريكا بموجبها تقوم الولايات المتحدة بتسليم «مجاهدي خلق» المعارضة للنظام الإيراني والمقيمة في العراق مع رفع العقوبات الاقتصادية المقررة من واشنطن على طهران، وفي المقابل تقوم إيران بتسليم أعضاء تنظيم القاعدة إلى الولايات المتحدة.
مرسي وإيران وبينهما الأزهر
في مطلع العام 2013 م وبالتحديد في شهر فبراير أجرى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أول زيارة من رئيس إيراني لمصر في عهد محمد مرسي لكن لم يتوقع أحد أن الأزهر يحرج محمد مرسي بسبب إيران.
حين وصل الرئيس الإيراني إلى مصر واستقبله محمد مرسي في مطار القاهرة، تحقق حلم نجاد بزيارة القاهرة ودخول الأزهر ومنطقة الحسين، لكنه تعرض للإحراج بعد زيارته لمشيخة الأزهر، ووجد كلاً من الشيخ توفيق عبد العزيز، رئيس قطاع مكتب شيخ الأزهر، والشيخ عبد التواب قطب، وكيل المشيخة، في استقباله، وليس شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، كما كان يحلم، واكتفى باستقباله في مكتبه، ثم عُقِد مؤتمر صحفي بالأزهر أُحْرج فيه الرئيس الإيراني.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال