رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
423   مشاهدة  

الرجال أيضًا يبكون

الرجال


بالأمس سمعت سيدة تتكلم مع طفلها وتقول بحسم الرجال لا يبكون، تمنيت أن أقف وأتحدث إليها، أسألها عن هذا اليقين الذي يملؤها بأن الرجال لا يبكون، لماذا؟ هل خلقوا بلا غدد دمعية؟ أم أن سمات وراثية لا نعرفها و تدركها هذه المرأة بفطنتها.

 

المزعج في هذا الأمر بأن هذه السيدة ليست الأولي التي تقول ذلك، بل أن تردد موروث كبرنا به، فصار قانونًا للحياة.

 

فى بلادنا تعاني النساء من تسلط بعض الرجال ، تُصبح ذكورية المجتمع قيد، وصخرة ملقاة علي كتف نساء عديدات، ويصير ظل الرجل هو الهدف وليس مشاركة الحياة.

 

إقرأ أيضًا….

“صدقني” و بـ”أمانة” هل عدم حلفان المسيحيين يرجع لأسباب عقائدية؟

 

تصرخ نساء كثيرات من ظلم يمارسه رجالهن، بينما نحن النساء صنعن ذكورية المجتمع، فى اللحظة التي قررت فيها امرأة أن تنزع إنسانية ابنها لكونه ذكر، تحوله لأداة قمع وسيطرة، من تلك اللحظة بدأنا صناعة الوحش.

 

حالة تجريم اجتماعية لرجل تخونه دموعه، فنسمع أقرانه يشدون من أذره “هل ستبكي مثل النساء؟” فيهرب الرجل سريعًا من حزنه ودموعه وينفض عنه عار الانتماء لنسوية مضطهدة، وملعونة فى بلاد ترفعها النساء واسمها أنثي.

 

حين شب طفلي وصار يمشي دفعت إليه بالمكنسة ليزيح ما فعله، كان عليه أن يتعلم أنه شريك فى الحياة وليس سيدها، لكن أمي تلومني يا جيجي.

 

نعم أمي التي أنجبت فتيات كثيرات لكن ظل الذكر لها حلم التحقق، فكيف تأصل بداخلنا كل هذا النقص تجاه ذواتنا؟.

 

وعلي الجانب الآخر ستجدي النسويات يبالغن فى طمس معالم الذكورة، يريدن ذكر بتفاصيل أنثوية، فيخرج بعض الذكور منزوعي النخوة، لا يثورون لكرامة، لتُصبح هذه النماذج القليلة هي القنبلة التي تنفجر فى وجوهنا حين نطالب برجل دون سلطات ذكورية.

 

يولد الرجال طبيعيون، يفرحون ويحزنون، يغضبون، وينكسرون، هل رأيتي يا جيجي مولود ذكر يختلف فى تفاصيله عن مولود أنثى؟.

 

لماذا نُفسد الرجال؟ ولماذا تحرص كثير من النساء علي صناعة الوحش؟.

 

الرجل لا يبكي، والرجل لابد أن تتم خدمته، والرجل غني بنوعه، فلا يعيبه إلا ما يملكه، لكن البنت تبكي، وتولول، وتخدم، وسمعتها مقابل حياتها، ولا قرار لها.

 

لستُ أُقارن بين النساء والرجال، لكنني حزينة لتشويه شركاء الحياة، حزينة لأن إنسانًا يخجل من أن يبكي حين يُظلم، او ينكسر، تتكاثر السيناريوهات السوداء عن البيئة والنشأة لذكور تم تدريبهم بقسوة على أخلاق ليست إنسانية، فكثير منا نحن النساء يعمدن إلي تمرير صفات تنزع الروح والاحساس من الذكر، هذا لأنهن افترضن فى الرجل القوة تلك التي تري فى البكاء ضعف، وفى المساعدة لين وتراخي، وفي الاستبداد تواجد وشخصية.

 

نحن نشوه أبناءنا وحين يكبرنا متشبعين بالتسلط والقمع، نصرخ لأن بناتنا صرنا ضحايا عنف ذكورهن.

 

متي ستفهم النساء أن حنان الرجل لا ينتقص من نخوته، وأن المسئولية رجل وامرأة، وكيف لمجتمع عزمت فيه المراة ان تحول ذكورها لأداة قمع، أنها تشوه إنسانًا، وتقتل حب وإنسانية وحياة يمكن أن تكون أفضل.

 

الرجال يبكون لأنهم بشر، كاملي المشاعر والإنسانية، لكن تنشئة تنزع عنهم فى كل لحظة إنسانيتهم، سوف أُوصي ابني أن يبكي حين يرغب فى البكاء، أن يساعد صديقته، ويكون مسئول دون سلطة أبوية.

 

إننا مشوهون يا جيجي، ثم نبكي الوحوش التي تنمو من كوابيسنا، غير متخيلين أن الحكاية بدأت من جملة مكونة من ثلاث كلمات “الرجال لا يبكون”

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان