رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
119   مشاهدة  

الفستان الذي حير الأطباء النفسيين

الفستان
  • إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



تنصحها دائمًا أن تقلل من توترها الزائد وترحم خصلات شعرها من اللعب المستمر فيها. أن تكف عن التفكير في غيرها وتبدأ في الاهتمام بنفسها لأنها تستحق هذا أكثر من أي أحد آخر تقوم بمساعدته. تقول لها:

اشمعنى بتعرفي تطبطبي على كل الناس، وعند نفسك تسلخيها؟!

أقرأ أيضا…زفة عصافيري على شباكي
كانت في أواخر العشرينات، ولكن يزيدها الناس ما لا يقل عن خمس سنوات على عمرها. تُجيد العمل أكثر من أي شىءٍ آخر، تتأهب للذهاب إليه بالقليل من أحمر الشفاه والكحل الذي لا يرسم عينيها أكثر ما يظهر حزنها!..وعلى الرغم من هذا إلا أن مع الوقت يزداد معجبوها  ولكن دون فائدة.

تقول لها دائمًا أن هناك أمل حتى لو لم نشعر به! أن كل إنسانٍ لديه رصيد من نقاط القوة يعينه على الاستمرار، وأن مقابل نقاط القوة لابد من وجود نقاط ضعف نحتاج ألا نكشفها للآخرين!

اليوم الأربعاء الساعة الآن الثانية ظهرًا إلا خمس دقائق، قبل موعد انصرافها من العمل مباشرة، عندما استوقفها أحد زملائها للإطراء على فستانها الجديد الذي اشترته مؤخرًا آخذة بنصيحتها. امتنعت عن التعقيب على تعليقه كالمعتاد، وتيقنت أن حسابها لكل شيء بالدقيقة والثانية والكلمة لن يتغير.

الساعة الآن الرابعة عصرًا حينما قررت ألا تأخذ بنصيحتها مُجددًا في اختيار ملابسها وأن تتبرع بهذا الفستان الجديد لمن تحتاجه ويليق بها!..

-خلصتي من الفستان؟ ولا ركنتيه جمب اخواته اللي فاتوا؟

هي: ركنته جمب اخواته..

تفتح خزانة ملابسها وتقرر اختيار نفس الملابس الرسمية للذهاب إلى عملها. حياتها أصبحت روتينية لأبعد مدى كملابسها بالضبط، فعملها الحكومي كان بداية سلسلة الروتين التي ساعدتها على استكمال حياتها بهذا الشكل الشبيه بالهالات السوداء حول عينيها.

 تسهر كثيرًا وتدمن القهوة والسجائر حتى اعتادت الهالات السوداء وأصبحت رؤيتها شيئًا لا يدعو للانزعاج. لا تصاحب سوى الساعة، ساعتها وعقاربها هم أصدقائها، أصبحت مؤخرًا تحسب كل شيء بالدقيقة وتصيبها فوبيا من عمل الشيء في غير موعده.

هي :أنا قلت لك القهوة تكون على مكتبي كمان ربع ساعة.

العاملة:طيب ما أنا جبتها بعد ربع ساعة.

هي:الربع ساعة 15 دقيقة مش 18 دقيقة..أنا كدة يومي هيتلخبط!

أول مرة قال لها أن ذوقها في الملابس يعجبه لم تبدي سوى نظرة صارمة تعني أن هذه الكلمات لا تتعلق بأمور العمل لهذا ليس لها أية قيمة بالنسبة إليها. ارتدت فستانًا من فساتينها ثانية عندًا فيه، فقد قال هذه المرة أن ملابسها الرسمية تعجبه، إذن فسوف ترتدي من الآن الفساتين المركونة!.. نظرت لنفسها بالمرآة لمرة أخيرة لترى شكلها الأنثوي المُفاجئ، ما الذي يجعلها تردم كل هذا السحر تحت الملابس الرسمية؟!

لم تضع أية من مساحيق التجميل، يكفي الفستان الملون وابتسامة هادئة على استحياء لتبرز وجنتيها بالغمازتين اللتين تدفنهما من قلة التبسم. علق الجميع بالعمل على مظهرها الجديد، حتى النسوة الخبيثات أخذن في الهمز واللمز على أن لابد من وجود (إنَّ) بتغير مظهرها ورسم هذه الابتسامة المُفاجئة، ولكن علق الكل عداه!

-أنتِ زعلانة ليه دلوقتي إنه معلقش؟عجبه الفستان رجعتي للزي الرسمي،  قالك عجبني الزي الرسمي  أكتر، فرجعتي للفستان!..ده أنتِ مطلعتيش الفساتين غير عندًا فيه مش من باب إنك تغيري شوية زي ما اتفقنا.

هكذا صدمتها الجملة، غادرت وتركت المكان بأكمله بلا إجابة. من جعل لهؤلاء الأطباء النفسيين الحق في لعب دور السفسطائيين؟..لم تحاول هذه الطبيبة دائمًا مواجهتها بما لا تحب مواجهته؟

إقرأ أيضا
أسئلة الأطفال

تضبطه عندما يختلس النظرات إليها ويبتسم، تكاد تذوب مع هذه الابتسامة كقطعة الشوكولاتة التي تذوب في فمها بعد تعب يوم طويل.

تقول لها الطبيبة ألا تترك مشاعرها تهرب من جحورها بعد كبتها كل هذه السنوات مرة واحدة، وألا تأمن سريعًا قبل التصريح لها بحبه بعنوان واضح لا تشوبه شائبة، ولكن من منا قادرعلى التحكم بمشاعره حينما يقع في هذا الفخ اللذيذ؟

أدمنت شراء الفساتين وبدأت في اقتناء مساحيق التجميل. لم تعد الساعة مهمة بالنسبة إليها كما في السابق، حتى أنها تنسى ارتداءها أحيانًا.

تفتح خزانتها صباحَ اليوم لتنتقي فستانًا جديدًا، فتذهب يدها إلى زي رسمي قديم بلون يقترب إلى الأحمر، تقرر أن تتخلى عن ارتداء الفساتين اليوم وترتديه.

 ترفع شعرها للخلف حيث الماضي الذي تركته بععقده ومشكلاته. يقترب هو منها في ذات الصباح داعيًا إياها لكوب من الشاي مُعبرًا من جديد عن إعجابه بابتسامتها وزيها الرسمي، فتقول لنفسها:

من قال أن الأطباء النفسيين يعرفون كل شىء؟!

الكاتب

  • الفستان إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (1)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان