1٬837   مشاهدة  

تلك التي قالت: هيت لك

البداية


البداية:

كانت معجزة يوسف الصديق هي تفسير الرؤى، ولكن أيضاً قيل عنه أنه لم يُخلَق في جماله بشر، وكان يوسف هو الإبن الحادي عشر ليعقوب كما كان الأقرب إلى قلب أبيه يعقوب لأنه الأصغر وهو ابن شيخوخته، وقد كان الأمر يثير الغيرة في قلب بقية أخوته حتى أنهم كادوا له ومكروا للتخلص منه.

سورة يوسف : (( اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يَخْلُ لكم وجه أبيكم، وتكونوا من بعده قوماً صالحين. قال قائل منهم: لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين. قالوا : يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون، أرسله معنا غداً يرتع ويلعب وإنا له لحافظون. قال : إني ليحزنني أن تذهبوا به، وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون. قالوا : لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذاً لخاسرون. فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غبابة الجب، وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون (1 ). وجاءوا أباهم عشاءً يبكون. قالوا : يا أبانا ذهبنا نستبِقُ وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب، وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين. وجاؤٌوا على قميصه بدم كذِبٍ، قال : بل سولت لكم أنفسكم أمراً، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ( 2)

ولا تختلف الرواية التوراتية ولا رواية سفر التكوين عن ما أتي في القرآن عن ما دار في كنعان في ما يخص كراهية إخوة يوسف له وتخلصهم منه.

وصول يوسف إلى مصر ، ورحلته من الغواية إلى العصمة:

سورة يوسف: (وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه، قال : يا بشرى هذا غلام. وأسَروه بضاعة (3 )، والله عليم بما يعملون، وشروه بثمن بخس دراهم معدودات وكانوا فيه من الزاهدين. )) ( 12 يوسف : 11-20 ) .

ثم اشتراه عزيز مصر وذهب به إلى بيته، حيث قال لامرأته أن تٌكرِم مثواه ، عسى أن يتخذاه ولدا، حتى بلغ يوسف أشده من العمر، وازداد جمال يوسف فبدأت إمرأة العزيز “في التوراة نعرف باسمها زليخة” في مراودته عن نفسه، في سفر التكوين يُقال أن يوسف لم يستسلم للإغواء، إلا اننا نجد الروايتين القرآنية ورواية (التلمود –الترجوم – الميدراش) أن يوسف قد أوشك على أن يُخطئ لولا أن رأي برهان ربه.

سورة يوسف : (( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه، وغلقت الأبواب وقالت : هَيْتَ لك (5 ) ولقد همت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه. كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء، إنه من عبادنا المخلصين. واستَبَقا الباب وقدّت قميصه من دُبر، وألقيا سيدها لدى الباب. قالت : ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً، إلا أن يُسجن أو عذاب أليم . قال : هي راودتني عن نفسي. وشهد شاهد من أهلها : إن كان قميصه قُدَّ من دبر فكذبت وهو من الصادقين. فلما رأى قميصه قُدّ من دبر قال: إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم . يوسف أعرض عن هذا، واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين . )) ( 12 يوسف : 23-29 )

ولم يذكر لنا القرآن ما هو البرهان الذي قد رأه يوسف تحديدا، إلا أنه أعطانا سببا واضحا للتدخل الإلهي لإنقاذ يوسف آلا وهو أن الأنبياء في القرآن معصومون من الخطأ، وبالتالي كان على يوسف أن يظل كذلك،ولكن كان هناك ذكرا للبرهان في اليهودية، آلا وهو:

يوسف لأول وآخر مرة تخلى عنه ثباته ، وللحظة وحين أوشك على تحقيق رغبة سيدته ظهرت له صورة أمه وصورة أبيه فرجع عن ذلك .( التلمود – الترجوم – الميدراش )(14).

الوصم المجتمعي الحالي لامرأة العزيز:

نستمع للعديد من الشيوخ وغالبية العامة، يُظهرون إمرأة العزيز كرمز للغواية والخطيئة بل والفحش أحيانا كثيرة، وهو في رأيي معتقد خاطئ، فلنعود لأحد معجزات يوسف آلا وهي الجمال، ويُقال أن يوسف لم يُخلَق في جماله بشر، وكان الدليل الأكبر على ذلك، هو أن بعد الواقعة بين يوسف وإمرأة العزيز وقد كثرت الشائعات حولها من نساء المدينة، قامت إمرأة العزيز بدعوة نساء المدينة، وأعطت كلن منهن قطعة من الفاكهة وسكين وقامت بإدخال يوسف عليهن، ومن المذكور أن نساء المدينة قد فُتن حتى أنهن قطعن أيديهن دون أن يشعرن، فهل سندين النساء جميعا في حال فتنتهن بمعجزة يوسف آلا وهي الجمال، وإن كان الحال كذلك، كيف لا ندين الرجال في حال فتنوا أو أعجبتهم سيدة  واتخذوها ملكا لليمين مثلا؟!، او بعد ان تتحدث عن كيد النساء ومكر إمرأة العزيز، هل تدين نفسك حاليا حينما تقطع الطريق على فتاة ما للتحرش بها؟

سورة يوسف: فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)

وفي الآية الكريمة سالفة الذِكر، قيل ولقد همت به وهم بها، أي أن يوسف نفسه قد فُتن لولا أنه نبي وقد حمته عصمة الله، فهل نحاسبها على كونها لم تحمل شرف النبوة؟!

هل كرم الإسلام المرأة في مصر القديمة؟!

قال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بوجه بحري وسيناء، إن دخول نبي الله يوسف مصر كان في عهد الأسرة السادسة عشرة أيام الملك “إبابي الأول” وهو المذكور في التوراة باسم “فوطيفار” عزيز مصر، وقد وجدت لوحة أثرية عبارة عن شاهد قبر ذكر فيه اسم “فوتي فارع”، كما استدل من بعض الآثار عن الأسرة السابعة عشرة على حدوث جدب في مصر قبل هذه الأسرة، وهو ما ذكر في القرآن الكريم والتوراة عن سنوات القحط وبالتالي فدخول نبي الله يوسف وأخوته مصر يكون أقرب لعام 1600 قبل الميلاد وفي عهد الهكسوس.

إقرأ أيضا
طقوس اللعن في مصر القديمة

أي أن تلك الواقعة حدثت في مثل هذه الفترة بالتأكيد..

في المجتمع المصري المعاصر والذي يعد محكوما بالأديان الإبراهيمية، وخاصةً بالدين الإسلامي منذ دخول العرب مصر، وبالتدريج أصبح المجتمع المصري “شعباً متديناً بطبعه” ظاهريا، يقوم بجلد المرأة، مما أدى إلى ظلم النساء عبر التاريخ بعدة أشكال بناءا على تفسيرات خاطئة.. لنعود لوقعتنا الأساسية، والتي إن كانت وقعت في ظل الظروف الحالية قد يكون من حق عزيز مصر أن يقتل زوجته دون أن يُسجن للحظة واحدة، ولكن لننظر إلى ما حدث فعليا، لم يذكر النص القرأني تحديدا، أي عقوبة وقعت على إمرأة العزيز أو زليخة كما ذكر في التوراة، بل أن نهاية القصة كانت أن ملك مصر قال لها في سورة يوسف : يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29)

لم يقم بقتلها، أو التمثيل بها، أو التشنيع عليها، بل ودُكِر في الرواية التوراتية أن يوسف قد تزوجها.

وعليه، ما هي أسباب تراجع احترام المرأة في المجتمع الحديث، في حين أن النص الديني نفسه لم يهين إمرأة العزيز، بل بالعكس لقد التمس لها عذراً؟!

 

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
21
أحزنني
0
أعجبني
13
أغضبني
1
هاهاها
8
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)
  • ايوه في الاخر يعني امرأة العزيز مش مذنبه ولا عزيز مصر هو اللي كان ديوث وعرف ان مراته هي اللي اغوت سيدنا يوسف وهو تمنع وهي التي راودته عن نفسها ورغم ظهور دليل ادانتها سابها وحبس سيدنا يوسف

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان