همتك نعدل الكفة
3٬309   مشاهدة  

ماجدة الرومي وتاريخ طويل من لعق أحذية كل سلطة

ماجدة الرومي
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



عندما صدحت ماجدة الرومي بالغناء لأول مرة كانت الحرب الأهلية اللبنانية في أوج اشتعالها، جاء صوتها بمثابة هدهدة ناعمة وسط أصوات القنابل تغني للحلم بوطن يشبه الهدايا بالعلب كما تقول أغنيتها “عم بحلمك يا لبنان”، ظهرت كتجربة توحي أننا أمام فنانة تقدم فنًا ملتزمًا تجاه قضايا الوطن.

الوطن الذي لم يكن يوما وطنها، فلدى ماجدة الرومي عقدة شخصية تجاه أصولها الفلسطينية ووالدها حليم الرومي المولود في حيفا، ومدير إذاعة الشرق الأدنى، لدرجة أن الست ماجدة لتخفي أصولها الفلسطينة كانت أول المهنئين للجزار سمير جعجع بعد مذابحه ضد الفلسطينيين.

وفي تلك اللحظة الفاصلة استغلت ماجدة الرومي فضاء ساحة الغناء الوطني بعد انسحاب السيدة فيروز وغموض موقفها السياسي لتعزيز مكانتها وكسب أرضًا جديدة تغني فيها لقيم مطلقة كالحب والخير والسلام دون إزعاج أحد، حضور دائم في كافة المحافل التي تقام تحت رعاية نافذين في السلطة الحاكمة، إنتقاء الألفاظ والمفردات بعناية شديدة وبحذر يجنبها الوقوع في فخ الصدام مع الأنظمة الحاكمة، غناء وطني مسلوق يحمل شعارات رنانة معلبة لامعة بمضمون مزيف تمامًا يبتعد كثيرًا عن أرض الواقع، حتى وان جنحت لتغني قصائد تحمل طابعًا سياسيًا فكان ذلك لتكريس مفهوم الحاكم الذي يتسع صدره لهامش حرية ويسمح بالانتقاد علنًا في محفل يقام في معية سيادته.

عندما وقع انفجار مرفأ بيروت، زارت ماجدة الرومي منطقة الحادث، تلك الزيارة التي نالت قدرًا هائلًا من الاستهجان من قبل المتابعين لسابق مواقفها في دعم النظام السياسي في لبنان، وزادت الطين بله بتحاشيها الإجابة على أسئلة الصحفيين الذين التقتهم أثناء الجولة، قاصرة كلماتها على تحية الشباب المتطوع الذي وقف يساعد المتضررين ويحمل المكانس لمحاولة محو اّثار الحادث الأليم، دون أن تورط نفسها في تصريح سياسي يحترم غضب الشارع اللبناني، ويليق بالأزمة الكبرى التي تمر بها البلاد والخراب الذي خلفه الانفجار الذي فاقت آثاره ما خلفته الحرب الأهلية اللبنانية.

بدت ماجدة الرومي أشبه بمسئول سياسي أتي كي يأخذ اللقطة وإثبات الحضور، بدت باهتة شاحبة وجه بلا ملامح تتهرب من الإجابة عن الأسئلة عن من المسئول عن الحادث وعن طبيعة علاقاتها بالنخبة الحاكمة في لبنان وتورطها في مدح العديد من الزعماء العرب وموقفها من الثورات العربية، كلها أسئلة سنجيب عليها من أرشيفها الخاص والذي لن يمحي من الذاكرة ابدًا.

إقرأ أيضًا

البحث عن رحبانيات بليغ حمدي

مصر

في عز الحراك الثوري المصري في إبريل عام 2008، في وقت كان نظام مبارك يسحل معارضيه في العديد من المحافظات، وقفت ماجدة الرومي على مسرح ضباط الحرس الجمهوري تحي حفلًا خاصًا لمبارك وحاشيته، متسلحة بشعارات الستينات عن العروبة والوطنية مستعينة بأرشيف أغاني تلك الحقبة “أحلف بسماها وبترابها” شاكرة إياه على كل ما قدمه تجاه بلدها لبنان.

تونس

طافت ماجدة الرومي جميع مسارح العالم العربي، وتقلدت نياشين وأوسمة و تكريمات من كافة الأنظمة تقريبًا، ففي عام 2010  قبل الإطاحة بنظام رئيسها بن علي وقفت أمامه  تتلقى تكريمًا متوجه إليه بكلماتها الرمادية في محاولة لمسك العصا من منتصفها فتصف تونس بأنها صديقتها وحبيبتها ورفيقة دربها متمنية السلام والأمن والأمان لشعبها وابنها البار زين العابدين بن علي، ولم تكن تدرك أن بعدها بشهور قليلة سوف يترك ابن البلد البار بلاده هاربًا بعد أن أدرك سقوطه أمام الثورة وخوفًا من المسائلة عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحق شعبه.

سوريا

مع بدايات ثورات الربيع العربي لم تتبنى ماجدة الرومي خطابًا واضحًا تجاهها، ولم تحاول توريط نفسها بالدعم أو الهجوم عليها، تلك المساحة الرمادية التي تتحرك فيها دائمًا وتجد فيها الملاذ الأمن، لكن تلك المساحة الرمادية تتلاشى تمامًا عندما تقف أمام حاكم عربي فينطق لسانها بما تخفيه، فتصف ديكتاتور سوريا بأنه أقوى حاكم عربي، وأنه لا يمكن أن يؤذى سوري طالما بشار الأسد موجود، متبنية نفس الخطاب الذي تردده قنوات النظام السوري وشبيحته الذي يرى الثورة ما هي إلا مؤامرة صهيو أمريكية.

البحرين

إقرأ أيضا
الحرب

لم تفوت ماجدة الرومي حفلًا أمام ملكً أو رئيس دون أن تؤدي فروض الطاعة والخضوع، حتى في عز ثورة البحرين وقفت أمام ملكها تحي حفلًا خاصًا افتتح بأكثر المقولات عبثية ” جئنا نحييكم شعبًا وقيادة ونشد على أيديكم، أنتم السالكين دروب النور، المتصدين للعتمة وجيوش الظلام”  ووقفت بقلب بارد وعقل أجوف تغني “أنت العز وأنت الكرامة” في الوقت الذي كانت دبابات الحاكم تسحق المعارضين في الشوارع، لم تقف بجانب الجموع الغاضبة بقدر ما وقفت في صف جلادها ، في خطاب ركيك يشبه  خطاب الأنظمة الحاكمة تجاه معارضيها فوصفهم قوى الشر والظلام وتصف الحاكم بأنه حامل لواء النور،  دون أن تطعن تلك الكلمات ضميرها الإنساني.

السعودية

في وقت ما كانت طائرات السعودية تدك اليمن، وجثث القتلى تملئ شوارعها، احيت ماجدة الرومي حفلًا في مهرجان شتاء طنطورة المقام في مدينة العلا في السعودية، ووقفت بكل حماسة تمدح ولي عهدها ““بكل الوفاء بقلبي وبكل الصدق، بتمنى تبقى الأرض الطيبة عاصمة للخير، وأتمنى يبقى دارها دار العز، وسيوفها سيوف النصر، ويبقى نخيلها مراوح الزمن، تبقى الأبية البهية العربية العزيزة على الله وقلوبنا جميعاً، ويدوم عزكم”

في حوار لها عبر برنامج “الشرق الأوسط من الداخل” الذي تبثه قناة “سي إن إن” الأمريكية، حاولت التأكيد على انحيازها التام للثورات العربية قائلة “نحن أمام جيل جديد يتطلع إلي الحرية والديمقراطية والكرامة لقد عاشت الشعوب العربية ولعقود طويلة في ظل أنظمة حكم ديكتاتورية وآن للإنسان العربي أن يتحرر من قبضة تلك الأنظمة” في تناقض فج حيث قالت في حوار سابق لها أن ثورات الربيع العربي لا علاقة لها بالربيع وأنها مؤامرات حيكت ضد أوطاننا العربية،  فهل كان تصريحها محاولة أخيرة للتطهر من نفاقها الدائم للسلطات الحاكمة في أوطاننا العربية،عفوا سيدتي المطربة القديرة ذات التاريخ الفني الطويل  فقد فات أوان تسجيل المواقف الجادة وفات أوان التطهر.

الكاتب

  • ماجدة الرومي محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
9
أحزنني
6
أعجبني
5
أغضبني
17
هاهاها
0
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان