ألكيبيادس .. القائد صديق أثينا وعدوها
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
انتخب أهالي أثينا الشاب ألكيبيادس في عام 420 قبل الميلاد ليكون واحدة من القادة العشرة الذين يقودون جيشهم، ولكن هذا الاختيار أثبت فيما بعد أنه كان اختيارًا مشئومًا.
اقرأ أيضًا
عن الرجل الذي تمنى الإسكندر الأكبر أن يكون مثله “عاش حياته في برميل”
كان ألكيبيادس أحد هؤلاء الرجال الذين يجلبون المتاعب على من يتعاونون معه، وإن كان أكثرًا خطرًا على من يعادونه، ولسوء حظ أثينا فقد اختبرته على كلا الوجهين.
نشأة ألكيبيادس وحب سقراط له
ولد ألكيبيادس في أثناء حوالي 450 قبل، وكانت أمه ابنة عم لبركليس وقد نشأ في بيته بعد وفاة والده فتعلق به بركليس كثيرًا وحاول هو وسقراط الفيلسوف الشهير أن يُقَوِّمَا من اعوجاج هذا الشاب ويوجها ما خص به من مواهب عديدة ولكن محاولتهما ذهبت سدى.
وعندما انتخب ألكيبيادس قائدًا في سنة 420 قبل الميلاد، وكانت الحرب قد توقفت بين أثينا واسبرطة ولكن حلفاء اسبرطة لم يكونوا راضين عن شروك السلام، وبذلك ألكيبيادس كل ما في استطاعته لإثارة المتاعب، فحث الأثينيين على عقد تحالف مع أرجوس العدو التقليدي لاسبرطة آملاً بذلك أن يحصل على قيادة جيش أثيني كبير في البلوبونيز، ولكن نيكياس منافسه في أثينا اتهمه بأنه يثير خلافات لا داعي لها، فلم يعد انتخابه قائدًا في عام 418 قبل الميلاد، وتمكنت اسبرطة من هزيمة الأرجوسيين وحلفائهم هزيمة ساحقة في مانتنيا.
الحملة الصقلية
عند ذلك أخذ ألكيبيادس يبحث عن وسائل أخرى لتحقيق مطامعه وسنحت له الفرصة عندما تقدمت سيجيستا وهي إحدى المدن اليونانية في صقلية بطلب المساعدة من أثينا ضد سلينوس حليف سيراكوز، فعمل ألكيبادس على تشجيع الأثينيين على إعداد حملة ضخمة بأن صور لهم صقلية في صورة مغرية، وأنه يمكن للأثينيين أن يغزوها، ولكن نيكياس كان حذرًا فيما يختص بهذه الحملة وصعوبتها وتكاليفها، لكن آلسيبايَديز كان قد ألهب خيالهم، فأصروا على أن يتولى نيكياس وآلسيبايَديز ولاخوس القيادة المشتركة للحملة.
عندما أصبح الأسطول العظيم على وشك الإبحار سنة 415 حدث أمر غريب حيث وجد الأثينيون ذات صباح عندما وجدوا أن مجهولاً أثناء الليل قام بتحطيم الأعمدة الحجرية المربعة التي تحمل التماثيل النصفية للإله هرمس المقامة عند نواصي الطرقات وأمام المنازل، ولم يتمكن أحد من معرفة الفاعل، لكن الشبهات حامت حول آلسيبايَديز، كون أنه متهور وملحد.
طلب آلسيبايَديز على أن يحاكم قبل إبحاره ولكن أعداءه عملوا على منع ذلك إلى أن وصل فعلاً إلى منطقة العمليات وبدأ في إدارة المعركة فاستدعى لحضور المحاكمة.
ألكيبيادس يخون وينحاز للجانب الآخر
أيقن آلسيبايَديز عند ذلك أن أعداءه في أثينا إنما يتآمرون للقضاء عليه، لأن معظم أعوانه كانوا مع الحملة في صقلية وعلى ذلك وبينما هو في طريقه عائدًا إلى أثينا وعند توري هرب من مرافقيه وعبر إلى اسبرطة، وهناك وجد مندوبين من سيراكوز، قد جائوا يطلبون مساعدة اسبرطة ضد الأثينيين، فحث آلسيبايَديز الاسبرطيين على إرسال أحد قوادهم إلى سيراكوز للاستيلاء على ديسليا في إقليم أتيكا وهي مفتاح المواصلات البرية للأثينيين، وقد قام الاسبرطيون بذلك فعلاً وانتهت الحملة على صقلية بهزيمة الأثينيين هزيمة منكرة.
وفي نفس الوقت أبحر آلسيبايَديز مع الاسبرطيين لحث حلفاء أثينا في آسيا الصغرى وعبر بحر إيجة على الثورة، ولكن الاسبرطيين لم يكونوا يثقون فيه، ولذا فقد عاد للهرب واتجه إلى الفرس، ولم يكن في استطاعة آلسيبايَديز العودة إلى أثينا ما دام الديموقراطيون في الحكم، لذلك اتصل ببعض الذين خدعتهم هزيمة الديموقراطيين في حملة صقلية وشجعهم على تكوين حكومة أقلية في أثينا، وقد حاول هؤلاء ذلك فعلاً عام 411 قبل الميلاد، ذلك لأن المواطنين من الطبقة الفقرية كانوا خارج البلاد مع الأسطول الذي كان حينها في ساموس، ولكن الديموقراطيين قاموا من جهتهم بتكوين حكومة ديموقراطية في ساموس واستدعوا آلسيبايَديز، واقترحوا أن يبحروا فورًا لأثينا ولكنه أقنعهم بالعدول عن هذه الفكرة وقال عن سبب ذلك أن معنى هذا التنازل عن كا ما بقي في الامبراطورية الأثينية للإسبرطيين وإشعال الحرب الأهلية في أثينا.
بدلاً من ذلك قاد أسطول الديموقراطيين وهزم الإسبرطيين في سيزيكوس وبذلك انهارت حكومة الأقلية في أثينا، ولاقى آلسيبايَديز الترحيب كمحرر للبلاد من الحكومة التي كان هو الذي مهد لقيامها هذا وإن لم يعد فعليًا إلى أثينا إلا عام 407 قبل الميلاد.
كان الإثينيون يأملون في أن يستطيع آلسيبايَديز استخدام نفوذه مع الفرس لعقد تحالف معهم، ولكنه فشل في مسعاه وزاد الفشل بانتصار الإسبرطيين في نوتيوم ومن ثم لم يقم الإثينيون بإعادة انتخابه قائدًا فآثر الاعتزال في كرسونيز بدلاً من العودة لأثينا مخذولاً، وما لبث أن حصل الأثينيون على انتصار آخر في أرجينوس عام 405 قبل الميلاد، وفي العالم التالي واجه أسطولهم الإسبرطيين عند إيجوسبوتاموي فعاد آلسيبايَديز إلى المسرح ونصل القادة الإثينيين بالانتقال إلى سيستوس فرفضوا ليلحق بهم ليساندر هزيمة ساحقة في مواقع حرب البلوبونيز وهنا بادر آلسيبايَديز بالهرب إلى فريجيه وهناك قتله الفرس.
المراجع
-
تاريخ الحرب البيلوبونيزية – تأليف: ثوسيويدس – ترجمة: عمرو الملاح
-
النضال بين أثينا وأسبرتا أو الحروب البلوبونيزية ـ سليم حسن
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال