إبراهيم عيسى وصلاح الدين “تقييم حلقة له ما له وعليه ما عليه”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تجددت ثنائية الكاتب إبراهيم عيسى وصلاح الدين الأيوبي في حلقة له ما له وعليه ما عليه المذاع على راديو نجوم F.M، لكن لا يمكن أن يتم تحليل تاريخ صلاح الدين بالإيجابيات والمميزات في حلقة لا تتعدى الـ 5 دقائق، وبالتالي فإن الشيء الوحيد الذي ذكره إبراهيم عيسى إيجابيًا عن صلاح الدين هو تحرير القدس ثم كال كافة المساوئ في بقية الحلقة.
اقرأ أيضًا
إبراهيم عيسى وحلقة أحمد عرابي في له ما له وعليه ما عليه .. كرر نفسه وطور خطأه
واقعتين سيطرتا على حلقة صلاح الدين في برنامج له ما له وعليه ما عليه، أولهما مذبحة قام بها صلاح الدين وثانيهما مسألة صلح الرملة التي كما وصف إبراهيم عيسى ساهمت في إعادة الصليبيين للتواجد داخل القدس، وهما الواقعتين التي تكلم عنهما يوسف زيدان مع الإعلامي عمرو أديب يوم 12 نوفمبر عام 2017 م.
ما هي المجزرة التي جمعت حلقة إبراهيم عيسى وصلاح الدين
يتبنى إبراهيم عيسى فكرة أن صلاح الدين نفذ إبادة جماعية دون أن يذكر المجني عليهم أو مسرح الجريمة، فقط اكتفى بأن ضحايا صلاح الدين من المسلمين كانوا أكثر من الصليبيين، وهنا يقصد إبراهيم عيسى مذبحة حارة المنصورية التي نفذها صلاح الدين في حق السودانيين حيث قُتِل منهم خمسين ألفًا كما يقول المقريزي، بينما عدهم الذهبي بـ 200 ألف.
اقرأ أيضًا
حينما هدم نابليون بونابرت قصر صلاح الدين الأيوبي في مصر
قصة مذبحة المنصورية التي ذكرها إبراهيم عيسى مبتورة التفاصيل، فبدايةً حارة المنصورية لم تكن حارة مدنية وإنما عسكرية بالمعنى الحرفي، وتبدأ القصة أن أحد العبيد السودانيين ويسمعى مؤتمن الخلافة راسل الصليبيين طالبًا إليهم الدخول لمصر وبمجرد خروج صلاح الدين لملاقاتهم يعلن مؤتمن الخلافة نفسه حاكمًا على مصر ثم يخرج لضرب صلاح الدين من الخلف.
ضُبِطَت رسالة مؤتمن الخلافة فأعدمه صلاح الدين بتهمة الخيانة، مما أثار ثائرة جنود السودان البالغ عددهم 50 ألفًا، فحدثت معركة بينهم وبين جند صلاح الدين قُتِل فيها من الفريقين الكثير حتى هُزِم جند السودان وتم إجلاء المستسلمين منهم خارج الحارة ثم تم حرقها، وتلك القصة ذكرها بن الأثير وبن خلدون والداواداري.
مؤرخ آخر مشهور بموقفه العكسي من صلاح الدين وهو المقريزي، فهو ميال للفاطميين ومع ذلك فإن روايته لقصة الجنود السودان التي رواها في صفحتين من الجزء الثاني في كتابه «المواعظ والاعتبار» ص 405 و 407 قال «الحارة المنصورية كانت كبيرة وفيها مساكن السود، فلما كانت واقعتهم مع صلاح الدين، أمر بتخريبها وتحويلها إلى بستان، وتتبعهم صلاح الدين بالصعيد حتى أفناهم وقضى على شرهم، كانت لهم في كل قرية ومحلة وصنعة بديار مصر مكان خاص بهم، لا يدخله أحد غيرهم، وكانوا إذا ثاروا علي وزير قتلوه، وكان ضررهم عظيما لامتداد أيديهم إلى أموال الناس وأهاليهم، فلما كثر بغيهم وزاد تعديهم، أهلكهم الله بذنوبهم».
بناءًا على تلك الرواية فإن المقريزي لم ينص على حرق النساء والأطفال أحياءًا بل يؤكد على أنهم تركوا القاهرة وذهبوا للصعيد، ولم ينتهي صراعهم مع صلاح الدين أيضًا، فالمقريزي خلال الجزء الأول من كتابه «السلوك لمعرفة الدول والملوك» حكى قصة انقلاب من بقايا سودان المنصورية في الصعيد نفذوا انقلابًا على صلاح الدين بالتعاون مع كنز الدولة.
اقرأ أيضًا
الجانب المظلم للناصر صلاح الدين الأيوبي .. أحرق مكتبة وقتل عالما جليلًا
مسألة أخرى أغفلتها حلقة إبراهيم عيسى وصلاح الدين وهي موقف عموم المصريين من السودانيين الذي قتلهم صلاح الدين، وهو لماذا لم يغضب المصريين لقتلهم، لنجد أن الذين قتلهم صلاح الدين لم يكن المصريين يحبونهم فالسيوطي والأنطاكي يؤكدان في تاريخهما أن الحاكم بأمر الله كلفهم بتربية المصريين بعد سخريتهم منه فأسروا المصريات واغتصبوهن واستولوا على أموال رجالهن.
صلح الرملة .. فيم أصاب إبراهيم عيسى ؟
يؤكد إبراهيم عيسى أن صلح الرملة الذي نفذه صلاح الدين أعطى صلاحيات للصليبيين في بلاد الشام وذلك من أجل مكاسب سياسية خاصة، لكن رواية بهاء بن شداد تخالف ذلك، فبمقتضى صلح الرملة خضعت المساحة الواقعة على ساحل البحر المتوسط ما بين مدينتي صور ويافا للنفوذ الصليبي، بينما ظلَّ المسلمون مسيطرين على كل المناطق التي حرّروها بما في ذلك القدس، مع السماح بحرية النصارى في زيارة الأماكن المقدسة في المدينة، وعلة هذا الضغوط الداخلية على صلاح الدين، وتمثلت في النزاع بين الأكراد والتُرْك في جيشه.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال