داخل لغز وفاة موزارت والنظريات الجامحة حوله

عندما أصيب بمرض غريب في عام 1791، أدلى الملحن الشهير وولفجانج أماديوس موزارت بإعلان مذهل. “أنا متأكد من أنني تعرضت للتسمم. لا أستطيع التخلص من هذه الفكرة…أحدهم أعطاني أكوا توفانا وحسب الوقت المحدد لوفاتي”. بحلول نهاية العام، توفي الملحن عن عمر يناهز 35 عامًا. إذن كيف مات الملحن؟ هل تم تسميمه حقًا من قبل عدو، كما يزعم البعض؟

حتى الآن، لا يزال السبب الدقيق لوفاة موزارت لغزًا. بدأ الملحن، الذي عانى من العديد من الأمراض في سنواته السابقة، يشعر بالمرض بشكل خاص في سبتمبر 1791، أثناء وجوده في براج لحضور العرض الأول لأوبراه، La clemenza di Tito. شعر الملحن بالمرض لدرجة أنه أخبر زوجته أنه لا بد أنه تعرض للتسمم. مع ذلك، سرعان ما تعافى.

كان موزارت بصحة جيدة بما يكفي في ذلك الخريف لبدء كتابة قداس الموت. لكن بحلول نوفمبر 1791، بدأ يعاني من عدد من الأعراض المنهكة. في المنزل في فيينا، اشتكى الملحن من الطفح الجلدي والألم في جسده والحمى والتورم الشديد. على الرغم من أنه بدا أنه يتحسن لفترة وجيزة في أوائل ديسمبر، توفي موزارت في 5 ديسمبر 1791.

في القرون التي تلت ذلك، كان سبب وفاة الملحن موضوع تكهنات شديدة. تم اقتراح أكثر من 100 سبب محتمل للوفاة، من الزهري إلى التهاب الحلق وأكل لحم الخنزير السيئ وحتى التسمم من قبل منافس موزارت المزعوم، أنطونيو ساليري.

إذن كيف مات موزارت؟ إليك كل ما نعرفه عن اللغز المستمر منذ قرون والذي يحيط بزوال الملحن الشهير.

صعود معجزة موسيقية

ولد وولفجانج أماديوس موزارت في 27 يناير 1756 في سالزبورج بالنمسا، وأظهر عبقريته الموسيقية في سن مبكرة. نظر موزارت البالغ من العمر ثلاث سنوات بفضول بينما كان والده يدرس الموسيقى لأخته الكبرى، وسرعان ما تمكن من فهم مفاهيم مثل الأوتار والإيقاع.

بحلول سن الرابعة، تمكن من عزف القطع القصيرة. بحلول الخامسة، كان يؤلف بنفسه. سرعان ما التقط موزارت البيانو والأرجن والفيولا وآلات أخرى، مما أقنع والده بوجود شيء إلهي في ابنه. ووصف موزارت بأنه “المعجزة التي دعها الله تولد في سالزبورج”.

عازمًا على مشاركة هذه “المعجزة” مع العالم، اصطحب والد موزارت طفليه في جولات موسيقية في أوروبا. سافروا إلى مدن مثل ميونيخ وباريس ولندن، مما أسعد الجماهير بأدائهم. أتيحت لموزارت الفرصة لمقابلة الملحنين الأكبر سنًا والأكثر خبرة، وبدأ في تأليف المزيد من موسيقاه الخاصة بجدية.

قام موزارت بتأليف أوبراه الأولى، أبولو وهياسينثوس، في سن مبكرة تبلغ 11 عامًا. في العام التالي، قام بتأليف آخرى، La finta semplice، بناءً على طلب الإمبراطور جوزيف الثاني.

استمر الملحن في تأليف الموسيقى لبقية حياته وأنتج أكثر من 800 مؤلف إجماليًا. خارج الموسيقى، تزوج أيضًا من زوجته، كونستانز، في عام 1782، وأنجب منها ستة أطفال. كما انضم إلى الماسونيين في عام 1784.

مع ذلك، بحلول نهاية ثمانينيات القرن الثامن عشر، اتخذت حياة موزارت منعطفًا نحو الأسوأ. بدأ يكافح للحفاظ على أسلوب حياته الفخم حيث كانت حفلاته أقل، وكانت الحرب النمساوية التركية تعني أن الطبقة الأرستقراطية كانت أقل ميلًا إلى الدعم المالي للفنون. أُجبر الملحن على اقتراض المال من الأصدقاء ونقل عائلته من وسط فيينا، وكتب الملحن بكآبة عن كيف سيطرت عليه الأفكار السوداء.

على الرغم من مصاعبه، استمر موزارت في التأليف. لكن بحلول الأشهر الأخيرة من عام 1791، بدأ يعاني من مرض غامض.

الموت الغريب لموزارت

أثناء وجوده في براغ في سبتمبر 1791 لتقديم العروض، بدأ موزارت يشعر بالمرض. لقد عانى من العديد من المشكلات الصحية في الماضي، مثل الجدري والتهاب الشعب الهوائية والحمى الروماتيزمية، لكن هذا المرض بدا أكثر خطورة بالنسبة للملحن.

في هذا الوقت تقريبًا، عبر بالقلق لزوجته من أنه قد تناول أكوا توفانا، وهو سم إيطالي. بحلول منتصف نوفمبر، تعافى وتراجع عن اتهامه وعاد إلى التأليف.

ربما كان يعتقد أنه خرج من الغابة، لكن موزارت أصيب بالمرض مرة أخرى بحلول نهاية الشهر. كان طريح الفراش وتعتني به زوجته، عانى الملحن من حمى شديدة وطفح جلدي وألم في جسده وتورم في يديه وقدميه وساقيه وبطنه وذراعيه ووجهه. كان الملحن أيضًا عرضة للقيء.

بحلول أوائل ديسمبر، كان الملحن لا يزال ضعيفًا لكن في حالة معنوية جيدة بما يكفي ليكون حول الأصدقاء. في 4 ديسمبر، جاء عدد من الأشخاص لزيارة موزارت بينما كان يستريح في السرير. تجمعوا حول سريره، وغنوا أجزاء من قداس الموت غير المكتمل. بدا الملحن جيدًا بما يكفي لغناء أجزاء بنفسه، مما يشير إلى أن الملحن لم يكن يعاني من ضيق في التنفس في يومه الأخير على قيد الحياة.

على الرغم من هذا الاندفاع الأخير في الطاقة، ساءت حالة الملحن في تلك الليلة. تم استدعاء طبيب الملحن، توماس كلوست، في ذلك المساء. كان كلوست في المسرح عندما تلقى المكالمة، انتظر حتى انتهاء العرض قبل لقاء مريضه. وضع الطبيب كمادات باردة على رأس الملحن، مما تسبب في “ارتعاش” الملحن، لكنه لم يفعل الكثير للمساعدة في حالته.

ثم بعد ساعة من منتصف ليل 5 ديسمبر 1791، توفي موزارت عن عمر يناهز 35 عامًا. بعد ذلك بوقت قصير، تم دفنه في قبر مشترك، حيث تم دفن الأرستقراطيين فقط في قطع أرض مميزة خلال ذلك الوقت.

إقرأ أيضا

بعد احتفاء الصحف الأمريكية بها.. “الميزان” يجري حوار مع الكاتبة عائشة عبد الجواد

أعلن كلوست بعد ذلك أن مريضه الشهير توفي بسبب الحمى الحادة. لكن بعد أسبوع واحد فقط، نشرت صحيفة في برلين الادعاء بأن وفاة الملحن كانت بسبب التسمم.

تمت مناقشة السبب الحقيقي لوفاة الملحن منذ ذلك الحين، مع اقتراح عدد لا يحصى من النظريات. إذن كيف مات موزارت؟

داخل النظريات العديدة

حتى الآن، تم اقتراح أكثر من 100 سبب محتمل لوفاة وولفجانج أماديوس موزارت. لطالما تم رفض فكرة تسمم موزارت -على وجه التحديد من قبل زميله الإيطالي ومنافسه المزعوم أنطونيو ساليري- باعتبارها ليست سوى ثرثرة. في الواقع، لم يكن هناك دليل يدعم أن ساليري أو أي شخص آخر سمم الملحن.

قرب نهاية حياة ساليري، ورد أنه عانى من انهيار عصبي واتهم نفسه بالفعل بقتل موزارت، لكن يعتقد أن هذا كان فقط بسبب مرضه العقلي الشديد.

إذن ما الذي قتل موزارت حقًا؟ افترض الباحثون أن الملحن ربما مات بسبب السل أوالزهري أو تناول لحم الخنزير غير المطبوخ جيدًا أو الفشل الكلوي أو الحمى القرمزية. في السنوات الأخيرة، اقترح التهاب الحلق أو حتى نقص ضوء الشمس.

يصعب حل لغز وفاة موزارت لأن باحثي العصر الحديث يفتقرون إلى جسده. منذ دفن موزارت في قبر مشترك مع الآخرين، لم يتم تحديد موقع رفاته بدقة ودراستها بدقة. يعتقد البعض أن جمجمة الملحن محفوظة في جامعة موزارتيوم في سالزبورج بالنمسا، على الرغم من أن اختبار الحمض النووي للجمجمة لم يكن حاسمًا.

يبدو أن وفاة موزارت ستبقى -على الأقل في الوقت الحالي- لغزًا.