رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
400   مشاهدة  

شريط وسط الدايرة : نهاية الفصل الأول من مشوار الملك محمد منير.

وسط الدايرة
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



يحتل شريط وسط الدايرة للمطرب محمد منير مكانة هامة في مشواره الفني، يصنفه البعض كثالث افضل شريط في مسيرته بعد “شبابيك 81- اتكلمي 83” وحمل تنوعًا وجودة في الموسيقى ، لكن أهمية الشريط لم تكن فقط في تفاصيل أغنياته ولكن في الأحداث المهمة التي حدثت قبل وبعد نزوله والتي كانت تبشر بأن هناك تغيير وشيك قد يطال تجربة منير وهو ماحدث فعليًا.

برئ و القطعة الناقصة.

بعد شريط اتكلمي 83 لم يصدر منير أي شريط رسمي حتى ظهر شريط برئ 86 والذي شهد غياب عازف الجيتار “عزيز الناصر” من فرقة يحيى خليل، هذا الغياب أثر على جودة الشريط فنيًا حيث يعتبر أقل شرائط منير مع الفرقة.

حتى الأن لا توجد أسبابًا واضحة لخروج عزيز من الفرقة، فهل كان يحاول أن يبني لنفسه سيرة شخصية في سوق البوب المصري كموزع موسيقى وقرر التفرغ لها على العكس من فتحي سلامة الذي ظهر اسمه كموزع موسيقي على أغاني بعض المطربين مثل “على الحجار – مدحت صالح” ومع ذلك حافظ على موقعه داخل الفرقة.

الشاهد أن خليل قائد الفرقة لم يحاول تعويض غياب عازف جيتار في فرقة المفترض أنها تقدم موسيقى الجاز على حسب ما يردد، فهل لم يجد عازفين بنفس الجودة قادرين على سد الفراغ الذي تركه أم قدم عروضًا لبعض العازفين وتم رفضها! الغريب في الأمر أن خليل وبدون سبب واضح ضم إلي الفرقة عازف كيبورد جديد “عبد الغني المهدي” رغم وجود “فتحي سلامة” ثم ضم عازف القانون “جمال لطفي” وأن كان يمكن تفسير ذلك بأن خليل كان يريد أن يحاكي تجربة “زياد الرحباني” في الجاز الشرقي هذا المصطلح الذي صكه بعض الصحفيين والنقاد اللبنانيين في وصف تجربة زياد الرحباني فهل كان يريد أن يضع قدمه بجانب زياد في ريادة هذا النوع من موسيقى الجاز الذي سخر منه زياد الرحباني لاحقًا في  حوارات قائلًا ” لا يوجد جاز شرقي وجاز شيشاني وهو جاز وبس”

يحيى خليل المدير.

لعب خليل دورًا كبيرًا في إدارة مشروع منير على مستوى الحفلات وتقنين ظهوره في البرامج التليفزيونية خصوصًا بعد أن نالت صلاحيات أوسع بعد رحيل الأب الروحي لـ منير “عبد الرحيم منصور” حيث طاف معه العديد من الدول العربية والغربية واحتك بتجارب موسيقية مختلفة، وقف منير على مسرح قرطاج في تونس لأول مرة، تلك الرحلات صقلت منير فنيًا حيث استمع إلى تجارب فرق شمال أفريقيا مثل “ناس الغيوان – الأخوان مقري” وذهب إلى ألمانيا وتعرف على “حميد بارودي” مؤسس فرقة “ديسيدنت”، وكانت انطلاقة شكلت فارقًا في مسيرته حيث أصبح عينه على الخارج دائمًا سواء في الحضور الدائم في حفلات أو ملاحظة ما يحدث من تطور موسيقي. 

شريط شبابيك : صك الغفران الذي محا كل خطايا محمد منير

مفاجأة تفاصيل الشريط.

شهد شريط “وسط الدايرة” مفاجأت عديدة، لأول مرة لا نجد أشعارًا لعبد الرحيم منصور فهل كانت محاولة لتجديد دماء التجربة بدخول شعراء جدد أيضًا كان هناك غيابًا مؤثرًا للملحن “أحمد منيب” الذي كان يرى أن منير بدأ ينسلخ عن تجربته الأصلية بالاستعانة بعازفين أجانب ويريد أن يحافظ على بكارة التجربة بالإضافة إلى وصفه بأنه دخل مرحلة الغرور والتمرد على من شكلوا قوام تجربته في البدايات.

ضم الشريط ثمان أغنيات مثل التجربة السابقة في برئ، ظهرت أسماء جديدة على مستوى الأشعار حيث سنجد أغنيتان لكلًا من “عوض بدوي – عصام عبد الله” وأغنية لـ “إبراهيم رضوان” بالإضافة إلي عودة للتعاون مع “جمال بخيت” واستعادة لأغنية “حكمت الأقدار” من شمال أفريقيا و أغنية “وسط الدايرة” للمطرب السوداني الكبير “محمد وردي”.

أما على صعيد الألحان سنجد طغيان السلم الخماسي عليها في أغاني بعضها من الفلكلور النوبي “عشقك ندى – صفصافة” مع تعاون مع النوبيان “صالح ولولي – حسين جاسر” وتعاون معتاد مع “عبد العظيم عويضة” الذي كان يعيش فترة انتعاش فني على مستوى الإذاعة والتليفزيون.

تتواصل المفاجآت بوجود الثنائي الألماني الغربي “رومان بونكا – إدجار هوفمان” على صدر غلاف الشريط مع فرقة يحيى خليل ويبدو أن الإخراج الموسيقي الضعيف في شريط برئ جعل وجود بونكا و هوفمان حتميًا حيث لعبا دورًا رئيسيًا في الإخراج الموسيقي الجيد للشريط وهو ما سوف نكتشفه داخل الأغاني وأخيرًا شهد الشريط استضافة منير لمطربة فريق البلابل السودانية “هادية طلسم” التي غنت معه ثلاث أغنيات “صفصافة – ووه بابا – وسط الدايرة”

قلبى صفصافة.

كلمات عوض بدوي جيدة خصوصًا في صيغة المحاورة بين منير والمطربة هادية طلسم، تلعب الطبيعة دورًا هامًا في صياغة مفردات الأغنية بداية من وصف القلب بـ “صفصافة” مرورًا بـ “شمسك خدت ليلي – لو قدت قناديلي” حتى الشطر الأجمل فيها “وافردي شراعك حنان – هفرد انا نيلي” وهو تناول معتاد من شعراء جيل الوسط والأغنية البديلة التي كانت تتناول المضامين العاطفية من منظور جديد.  

لحن الأغنية على مقام الماجير “العجم” الخماسي وشأنه شأن الألحان الفلكلورية يحمل بساطة وخفة وجمل إيقاعية لا تميل إلي التطريب فتكون سهلة الحفظ.

التنفيذ الموسيقي جاء ملائمًا لطبيعة اللحن الخماسي بداية من الدفوف التي تعزف إيقاع الدليب من شمال السودان والتي تفتح مجال لدخول الباص جيتار بتمية إيقاعية مميزة مختلفة في ميزانها الإيقاعي عن ميزان إيقاع الدفوف و لا تشعرك بأي عرج، يزحف خلفهم الساكسفون مع الناي في تزاوج لحني مميز أعطى دسامة بجملة مستنسخة من اللحن الأصلي، حتى يدخل الكيبورد بكرد مفاجئ يسلم الغناء بسلاسة.

يأخذ الكيبورد دوره في مردات الغناء خلف منير وهادية طلسم في الكوبليهات ثم العودة مرة أخرى إلى جملة الساكسفون والناي كجملة فاصل موسيقي حتى يعاد الغناء وينتهي على طريقة الـ Fade Out.

على الإنترنت يوجد تسجيل لجلسة جمعت منير مع رومان بونكا حيث يغني الكلمات المصرية والنوبية خلف عود بونكا في نسخة أجمل من نسخة الشريط.

الناس نامت.

حازت تلك الأغنية على شعبية ضخمة في مشوار منير و تعطينا لمحة عن مدى عمق اختياراته في تلك المرحلة تحديدًا، كلمات إبراهيم رضوان تحمل كمًا من التأويلات والتفسيرات التي يمكن سحبها على أي قضية سواء شخصية أو  سياسية إجتماعية.

محاورة بين شخصين يبحثان عن طوق للنجاة والخلاص من الأزمات “أي كان نوعها” في زمن نامت فيه الناس عن حقوقها، تلك المحاورة تجسد بعض  المفاهيم عن الحرية والبحث عن تغيير الأوضاع في زمن أصبح فيه الفوارس مجرد ذكرى محبوسة داخل فتارين للعرض والمتاجرة بهم وقت الحاجة، مع بصيص من الأمل في صورة طفل يحمل مفتاحًا يرمز إلي الجيل الجديد أما أن يعطينا الشاي كناية عن تفريغ الهموم أو يعطينا الناي فيبكينا أكثر.

لحن عبد العظيم عويضة على مقام الكرد بثلاثة أفكار توزعت على المذهب والسينيو والكوبليهات، البناء اللحني يناسب طبيعة حكي الكلمات حيث بدأ بشكل تصاعدي حتى قفلات الجمل وهو ما ساهم في إبراز معاني الكلمات.

تنفيذ الأغنية يعطينا لمحة عن أفكار رومان بونكا تحديدًا حيث يرى أن الأغنية عمل جماعي تلعب فيه الاّلات دورًا رئيسيًا بجانب المطرب فيعطيها مساحة ليبرز إمكانياته في الفواصل و اللوازم الموسيقية.

تبدأ الأغنية بجملة هلامية من الكيبورد خلفه الناي ثم يدخل الجيتار الاليكتريك حتى يتسلم منير الغناء ثم يعود الجيتار إلي الخلفية ويظهر الناي وكأنه يسترق مساحات ارتجالية خلف الغناء مع خط باص جيتار قوي جدًا.

الفواصل الموسيقية متنوعة وثرية جدًا موسيقيًا، الأول يبدأ بالترومبيت مع الإلكتريك جيتار الذي يأخذ مساحة أكبر في الفاصل الثاني حتى نصل إلي الفاصل الثالث الأكثر دسامة حيث يظهر عود رومان بونكا بجملة ارتجالية على مقام الكرد مع نقلة إلي البياتي خلفه خط الباص جيتار، الفاصل الرابع مثل الأول مع تنويع في كوردات الجيتار ولازال الناي يسترق مساحاته خلف الغناء ثم تنتهي الأغنية بنفس جملة البداية والناي الذي يجد اخيرًا متسعًا لجمل منفردة.

نقطة الضعف الوحيدة في الأغنية هو ميكس صوت منير الذي سجل الأغنية مرة واحدة وغناها بإحساس واحد ولاتشعر بأنها محاورة بين شخصين أحدهم يسأل والأخر يجيب. 

عشقك ندى.

الأغنية تمصير أو تعريب لأغنية الفنان النوبى صابر عسكر “ماسكاجيرو”، اللحن على مقام الماجير الخماسي كعادة أغلب الأغاني النوبية، كلمات عوض بدوي أخذت اللحن إلي منطقة رومانسية حالمة بمفردات شديدة العذوبة والرقة “رحال انا من كام سنة فى بحور عنيكى المزروعين بالسوسنة يا ضحكة العمر الحزين يا حنينة زارع سنينك ألف غنوة و ألف صوت يا زارعه ليلي وسط صمت الكون غنا” وهي المفردات التي ناسبت تجربة منير حيث حاكت تجربة عبد الرحيم منصور في “علمونى عنيكى – فى عنيكى غربة”.

تنفيذ الأغنية بسيط بدأ بكوردات من الجيتار الأكوستيك مع الباص جيتار والدفوف النوبية ، لم تقسم الأغنية إلي كوبليهات بفواصل موسيقية ولكن اختار بونكا تثبيت المقدمة “عشقك ندا حتى يصل إلي مقطع يا غنوة القلب إن شدا” وكأنها مذهب ثم يأتي بعدها “رحال أنا” مقطع أول “حضنك دفا” مقطع ثاني ويبدو أنه أراد تخصيص الجزء الثاني من الأغنية للاّلات الموسيقية خصوصًا إدجار هوفمان بصولو ارتجالي على سلم المقام من اّلة الناي، ثم يعيد منير غناء المقطع الأول مرة أخرى.

ووه بابا.

يظهر اسم الشاعر الكبير “عصام عبد الله” لأول مرة على غلاف شريط لمحمد منير،عصام الذي صنع تجربة شعرية غير مسبوقة في تاريخ الغناء المصري لازالت تحتفظ بأسرارها حتى الأن لم تكن امتدادًا لتجارب سابقة ولم ينجح أحد في أن يكون امتدادًا له حتى مع قلة إنتاجه الشعري ورحيله المبكر منتصف التسعينات. 

الكلمات تعج بالصور الغريبة والتراكيب اللغوية الجديدة يطأ فيها عصام ارضًا لم تدخلها الأغنية من قبل ” تقولي ليه تطبطب ع الآه – طبطبتها تطببها ” ” في الرحمة اللي الصبر بعتها – في عباية الشروق لقيتها” ” يحق لي والكون زعابيب ادوب في طيفها في الدباديب” “فرفشتني على المفتوح”.

الأغنية تحتار في فك شفرات تراكيبها اللغوية وماذا كان يقصد هل هو غزل مباشر للفتاة التي يعشقها أم نذهب إلى غلاف الأسطوانة التي صدرت في ألمانيا وفسرتها كالتالي “تأتي أغنية ووه بابا في محاولة لإقناع الأب في أن يقبل حبيبة أبنه كزوجة فهي المرأة الوحيدة في حياته التي أحبها” ولابد أن نذكر أن منير وهادية طلسم لعبا دورًا في جعل الأغنية لغز بمخارج ألفاظ لم نعرف منها بعض المفردات مثل “بداية الطيران والعوم أم إجادة الطيران والعوم”

لحن مميز جدًا من صالح ولولي على مقام الماجير الخماسي بجمل إيقاعية راقصة، يتداخل عدة أشكال وأنماط موسيقية في التنفيذ تعكس تربيط الفرقة مع رومان، الأغنية تبدأ من الغناء مباشرة ويتألق كيبورد فتحي سلامة مع درامز يحيي خليل وخلفهم خط الباص جيتار، في الفاصل الموسيقي الثاني يدخل فتحي سلامة بجملة ارتجالية يستلم منها الترومبيت الدفة حتى تعاد المقدمة ثم تنتهي الأغنية على طريقة الـ Sudden عكس الأغاني السابقة. 

حكمت الأقدار.

على غلاف الشريط كتب “عن أغنية لفريق ديسيدنت” ثم عرفنا بعدها بسنوات أنها تخص فرقة لرصاد المغربية، وأن نسخة فريق ديسيدنت هي استعادة لأغنيتها الأصلية وكما هو منتشر أن منير اختارها بعد أن سمعها من رومان بونكا.

YouTube player

لن أخوض في تفسير الكلمات حيث لم يغني منير الكلمات الأصلية كاملة التي تتحدث عن معلم يودع أهله بعد أن تم نقله إلي منطقة بعيدة وسط الجبال.

لحن الأغنية على مقام الكرد مع نقلة وحيدة إلي مقام الحجاز في مقطع “على شمالي هوية – على يميني الجمار”

في قالب من موسيقى الروك جاء تنفيذ الأغنية التي بدأت بإيقاع لاهث جدًا مع الساكسفون ثم يبدأ الغناء مع كوردات الكيبورد وخط باص جيتار قوي يلعب بتكنيك الـ Slap.

إقرأ أيضا
بطن الحوت

يتألق في الفاصل الأول الكيبورد مع الباص جيتار ثم يبدأ السحر في الفاصل الثاني حيث يدخل الإلكتريك جيتار بصولو خلفه حليات إيقاعية ثم يدخل الساكسفون والكيبورد مرة أخرى حتى ينطلق الإلكتريك جيتار بصولو جديد ثم يتواصل السحر بدخول عود رومان بونكا حتى نعود إلى المقدمة مرة أخرى.

حتى حتى .

رغم الاحتفاء الذي ناله عصام عبد الله من الكاتبان إبراهيم عيسى وعبد الله كمال إلا أنه لم يسلم من هجومها عليه حيث اتهما عصام بأنه يعيش حالة تناقض فني ما بين إنتاجه القوي مع على الحجار في  أغاني ” في قلب الليل – روحي فيكي تروح” وما بين إنتاجه مع منير بالأخص في تلك الأغنية التي كانت تقول كلماتها في البداية “من له سمع وودان يسمع – في القلوب أوجاع إسمع – بكره يبقى أنين عالي – يبقى مهد لريح توجع” ويبدو أن تلك الكلمات أعجبت الثنائي أكثر من “طب خدينى فى ريح طيفك – حتى حتى فى ديل كيفك – ده انتى مالية الشوق ملوة – نفسه لو يلمس طراطيفك”.

بمرور الأيام احتلت تلك الأغنية جزء اصيلًا من ذاكرة جمهور منير بسبب مفرداتها وكلماتها الجديدة تمامًا والتي اثبت فيها عصام أنه قادر على صياغة أغنية بمفردات تصلح لكل زمان.

لازلنا مع الماجير الخماسي ولحن رائع من حسين جاسر يعج بالبهجة والمرح، التنفيذ الموسيقي يعود بنا إلي إيقاع التويست مرة أخرى، تبدأ الأغنية من الإيقاع مع كيبورد وناي وجيتار إليكتريك يتسحب رويدًا في الخلفية، يتألق كيبورد فتحي سلامة في مردات الغناء، في الفاصل الأخير يدخل رومان بونكا بجيتاره الساحر ليضفي سحرًا على الأغنية حتى الكوبليه الأخير.

اتحدى لياليك.

يلتقط منير كلمات الأغنية من قصيدة كتبها الشاعر جمال بخيت ونشرت على صفحات مجلة صباح الخير، ثم أوكل مهمة تلحينها إلى عبد العظيم عويضة، الكلمات مهداة إلي المناضلة اللبنانية “سناء محيدلي” التي قامت بتفجير نفسها في قوات جيش الاحتلال في الجنوب اللبناني.

لم يحتفي جمال بخيت ببطولة سناء محيدلي لكنه احتفى بكل شهداء ومناضلين الوطن العربي “ياجميلة ومريم وبهية – يا ضي عيون الشهداء – يازهرة صيدا وسيناء” في فترة كانت القضايا السياسية تشغل ركنًا أساسيًا من هموم شعراء العامية والأغنية المصرية.

لحن عبد العظيم عويضة على مقام النهاوند قسمه إلي ثلاث أفكار مختلفة تماهت مع مقاطع الأغنية الثلاثة، التنفيذ جيد بداية من اختيار اّلة الفلوت التي كانت تعزف جملة شجية وكأنها تأبين لروح الشهيدة خلفها تزحف كوردات البيانو والجيتار ثم إيقاع مارش قوي اعطى مهابة ووقار للأغنية مع تنويع في تسليمات الغناء وأداء رصين جدًا من منير.

وسط الدايرة.

دائمًا في حوارات منير يذكر دور الأغنية السودانية في تكوين ثقافته السمعية لذا كان منطقيًا أن يرتحل إليها ليأتي لنا بأغنية “وسط الدايرة” لمطرب أفريقيا الأول “محمد وردي”.

سوف نغض الطرف عن المشكلات التي صاحبت الاغنية واتهام منير الباطل بسرقتها مع التأكيد على أن منير ساهم ولو بجزء بسيط في شهرة تلك الأغنية داخل الوطن العربي خصوصًا بعد أن غناها في حفل ختام دورة ألعاب البحر المتوسط في فرنسا صحبة المطربة “أميرة”.

لحن وردي على مقام الماجير الخماسي بجمل إيقاعية لا تخلو من تطريب، يسيطر على تنفيذ الأغنية رومان بونكا حيث بدأت الموسيقى بصولو من العود ثم يستلم منير الغناء ويظل العود مصاحبًا في الخلفية حتى يدخل الإيقاع بداية من “فرحي خلق الله” في الخلفية يظهر بونكا مجددًا على الجيتار الاليكتريك مع كوردات الكيبورد وجملة فاصل خاطفة من الساكسفون والناي.  

الفصل الأول من مشوار الملك محمد منير.

كان شريط وسط الدايرة هو أخر تعاون بين منير وبين شركة سونار وأخر ظهور مع فرقة يحيى خليل حيث بدأت المشاكل تزداد بينهما قيل أنها لأسباب مالية وأسباب تتعلق بالسيطرة على المشروع بالكامل لكن في النهاية خسر الجمهور تجربة موسيقية فريدة من نوعها سطرت سطرًا هامًا في تاريخ الأغنية المصرية.

كتبت مرات عديدة عن الخلاف بين منير وبين يحيى خليل وأن تلك التجربة الهامة انتهت لأسباب تتعلق بإيجو خليل المنتفخ  الذي يريد السيطرة على التجربة وبين عناد منير ورغبته في أن يجدد مشروعه الفني .

في حوار سابق لمنير مع مجلة الإذاعة والتليفزيون أواخر التسعينات قال بأنه يعتبر نفسه مصري ذو مداخل إفريقية وهي الهوية التي أراد منير أن يصبغها على مشروعه الموسيقي وبدأت فعليًا مع وسط الدايرة الذي شهد ارتحاله إلى أفريقيا من شمالها إلي جنوبها كي ينتقي ما يتفق مع تلك الهوية.

حقق شريط وسط الدايرة طفرة في مسيرة منير حيث بدأ ينطلق في حفلات خارجية وكان عينه على ألمانيا تحديدًا التي يراها عاصمة الثقافة في أوروبا وسانده في ذلك وجود رومان بونكا وإدجار هوفمان اللذان طورا في موسيقى منير كثيرًا من واقع خبرتهم الضخمة مع فرقة “إمبريو” وهو ما جعله يعتمد عليهما لاحقًا في كتابة الفصل الثاني من مشواره الغنائي.

YouTube player

الكاتب

  • وسط الدايرة محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان