رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
180   مشاهدة  

فقدان الأم ألم لا ينتهي وجرحٌ لا يشفى

ألم فقدان الأم


“مشيت وسابتنا كانت شايلة عننا كتير الله يرحمك يا أمي” لترد الآخر” بتمنى ترجع ولو يوم”.. حوار دار بين أختين يتذكران والدتهم التي رحلت عن الحياة قبل أعوام، يعودا بالذكريات إلى الوراء وعيناهما تمتلاءن بالدموع تحاول كلًا منهما تمالك نفسها حتى لا تضعف الأخرى ولكن حزنهما يتغلب عليهما لتكون الدموع هى المنفذ الوحيد لهما للتعبير عما بداخلهما.

كنت أجلس بجوارهما استمع لحديثهم الذي يتألم له القلب، فلا أصعب من إحساس فقدان الأم التي كانت السند الحقيقي في الحياة، مدرسة نتعلم منها وشخصٌ نفتخر بكوننا جزء منه، فلم يكن سهلًا على الشقيقتين أن يقفا على غسل والدتهما لم يتخيلا أن يأتي هذا اليوم في القريب العاجل.

“وقت الوفاة الساعة 5:30 مساءً”.. وقعت تلك الجملة من الطبيب المعالج الذي أكد وفاة الأم على الشقيقتين كالجبل الضخم الذي لا يقدران على تحمله، لحظات سكوت تخيم على المكان، حتى أبلغت باقي أفراد العائلة بالخبر الحزين وتم استكمال إجراءات استلام الجثمان للعودة إلى المنزل واستكمال إجراءات تشيع الجثمان إلى مثواه الأخير.

ألم فقدان الأم

خطوات متبقية على الدخول للمنزل ومجموعة من السيدات اللواتي ترتدن العباءات السوداء يملؤون المنزل وصوت البكاء يعلو ليزيد حزن الشقيقتين، مرت الساعات وعاد الجميع للمنزل للعودة في اليوم التالي لتشيع الجثمان، ساعات الليل المظلمة تمر على الشقيقتين كالسنوات يعاد أمامهما شريط حياتهما مع والدتهما والدموع تتساقط من عيناهما كبحر لا ينتهى، ينظران لها في صمت ولا يصدقان الحقيقة المُرة.

نظرة الوادع

جاء صباح اليوم التالي وبدأ الرجال والنساء في الحضور لتأتي المُغسلة وتقف معاها الشقيقتان لمساعدتها في توديع والدتهما والنظر إلى وجهها للمرة الأخيرة، ينتهيان ويقبل كل منها رأساها، ليحضر الرجال ويحملون النعش وتُدفن الأم، لينتهى اللقاء وتبقى الآلام، وتبدأ الشقيقتان في رحلة أكبر منها لتذكرهم الحياة مع مرور كل أزمة بأمهما.

وقال الشاعر فاروق جويدة عن فقدان الأم

وتركت رأسي فوق صدرك

ثم تاه العمر مني.. في الزحام

فرجعت كالطفل الصغير..

يكابد الآلام في زمن الفطام

و الليل يفلح بالصقيع رؤوسنا

ويبعثر الكلمات منا.. في الظلام

و تلعثمت شفتاك يا أمي.. وخاصمها.. الكلام

ورأيت صوتك يدخل الأعماق يسري.. في شجن

والدمع يجرح مقلتيك على بقايا.. من زمن

قد كان آخر ما سمعت مع الوداع:

الله يا ولدي يبارك خطوتك

الله يا ولدي معك

وتعانقت أصواتنا بين الدموع

والشمس تجمع في المغيب ضياءها بين الربوع..

والناس حولي يسألون جراحهم

فمتى يكون لنا اللقاء؟

وتردد الأنفاس شيئا من دعاء

ونداء صوتك بين الأعماق يهز الأرض.. يصعد للسماء:

الله يا ولدي معك..

ومضيت يا أمي غريبا في الحياة

كم ظل يجذبني الحنين إليك في وقت الصلاة..

كنا نصليها معا

أماه..

إقرأ أيضا
رأس السنة الهجرية 1445

قد كان أول ما عرفت من الحياة

أن أمنح الناس السلام

لكنني أصبحت يا أمي هنا

وحدي غريبا.. في الزحام..

لا شيء يعرفني ككل الناس يقتلنا الظلام

فالناس لا تدري هنا معنى السلام

يمشون في صمت كأن الأرض ضاقت بالبشر..

والدرب يا أمي.. مليء بالحفر..

وكبرت يا أمي.. وعانقت المنى

وعرفت بعد كل ألوان الهوى..

الأصعب!

الأم ليست شخصًا عاديًا في حياتنا بل هي الحياة والنفس الذي نستنشقه، هي الحب والحنين، هي القوة لاستكمال طريقنا في حياتنا، هي الصوت الحي بداخلنا، ولكن عندما تموت نشعر بأننا أصبحنا بلا روح، أجسادٌ تسير على الأرض تشتاق لروحها التي رحلت عن العالم، هل تعلمون ما الأصعب؟ الأصعب هو أن تنسى كيف يكون شعور أن يكون لك أم، أن تذهب لقبرها وتحدثها ويهيئ لك عقلك بأنها ستخرج وستمشى معك، أن تكون كل أحلامك هي رؤيتها لمرة أخرى وتحضنها بقوة، أن تسمع صوتها ولو لمرة.

إقرأ أيضًا.. أربعة “أشقاء معجزة” ينجون 40 يومًا في غابة الأمازون بعد حادثة طائرة

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان