لغات الحب الخمسة
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد
سألني أحدهم ما هي لغتك المفضلة فى الحب ؟
أجبت بفخر : العربية
ضحك مني وقال ليس هذا مقصدي
كان مُحدثي قد قرأ كتاب جاري تشابمان “لغات الحب الخمس” ومغرق الإعجاب به، وعليه فهو علي تصميم أن كل إنسان لديه لغة للتعبير عن الحب وهنا تكمن المشكلة !.
في بلادنا نميل إلي التنميط والصور الجاهزة، نركن إلي الكسل فى كل شيء حتي فى المحبة، حين نحب نختار لغة واحدة للتعبير عن الحب، لغة لا تتغير مفرداتها ولا تفاصيلها حتي بمرور الوقت، وكأننا ثابتون لا نتغير، حتي مُحدثي لم يدرك أنه في تغيير، هو يريد قائمة واضحة ويختار منها ما يلائمه ويكون اختياره الوحيد والثابت.
نحن فى بلاد دأبنا فيها علي اعتياد الانكسارات والخذلان، كنتائج ثابتة لتوقعات، ذلك أننا معتمدين علي صور ثابتة فى عقولنا، نصيغ التوقعات حسب رؤانا دون وضع الآخر فى الاعتبار، نقول كلمات الغزل وننتظر أن يُفتن الآخر بما نقول، وربما هو بحاجة لشيء غير الكلام، نشتري الهدايا وننتظر المديح الذي يتوقف والسعادة واللامتناهية، وهل كل انسان تُسعده هدية؟ وإن كانت الهدايا مصدر سعادة فهل هي مصدر دائم؟.
اقرأ أيضًا
في عيد الحب أيهما أقوى الدبدوب أم القرنبيطة ؟
ربما ينسي البعض أن مختلفين حد التشابه، تباين كبير يصعب حصره فى نقاط، لكن لكل شخص يريد أن يعرف كيف يكسب حبيب هل تكرر وجبة غذائية كل يوم لفترات طويلة؟
وبعيدًا عن لغات الحب التي يراها تشابمان فإن هناك لغة أو فعل هو دومًا صاحب الورقة الرابحة في أي علاقة ليست فقط علاقات الحب ولكن علاقات الصداقة والعمل إنه الاهتمام مفتاح الكنز لكن علي الباغي أن يعرف الشفرة، أن يُعمل عقله ويعرف كيف يُدير قرص الباب، فليس كل من يعرف كلمة السر يُمكنه أن يحصل علي الكنز.
الاهتمام الزائد يخنق الطرف الآخر، يجعله يبحث عن مخرج للهروب، ونقص الاهتمام يصلب الوحدة شريكًا فى العلاقة فيترك ثقوب للغرباء يتسللون منها، نعم الاهتمام هو بداية ونهاية العلاقات، الاهتمام روح الحب وحياته لكن كيف نهتم وكيف نُعلن عن الاهتمام وتوقيتاته.
إننا ميالون إلي التراخي والكسل، وجود شواخص نصوب عليها أهدافنا، طرق محددة نصنع بها السعادة، نحتاج وصفة جاهزة وطريقة محددة لطهو المحبة، نسعد ونبتهج ونتهادي فى عيد الحب، ثم ننسي ونضيع فى الأيام اللاحقة، يسألنا الآخرون كيف نُحب، ولا يسألون لماذا ومتى!
وكأن الحب نفسه شكل واحد وطريقة واحدة وأيضًا يوم واحد.
لكن قبل أن يمضي ذلك اليوم الذي نصبناه يوم عيد، لن أُلملم محبتي، بل سأنثرها في كل اتجاه، أوزعها حتي لمن لا يستحقونها، حتي هؤلاء الخاسرين الذين لن ينعموا بمحبة صادقة، سأمنحها لهم دون ندم، ذلك أن غرس الحب يتضاعف بالقسمة، ويتحلل إلي نور وتفاؤل يبعث الروح من سُباتها ويحرر الانسان من نوبات كسل وخمول.
اقرأ أيضًا
عن العشاق .. سندريلا الفرنسية
لن أعتمد اللون الأحمر شاهد محبة، فالأحمر عنيف وقاس، وأنا بحاجة لألوان دافئة تُريح عيني من التتبع، المحبة يليق بها اللون الوردي، وربما الأبيض علي بؤسه، يمكننا أن نلقي بنقطة حبر حرة فتصنع فيه حياة.
قبل أن يمضي اليوم، لن أُفكر في أنني لم أحظي بتهنئة خاصة، ولم تأتيني سوي رسائل مجانية متكررة بفعل التكنولوجيا، سأُفكر فقط في أني أسعدت من أحبهم حين باركت يومهم بمحبة حقيقية لا يشوبها زيف، ولا تجاورها مصلحة.
أنتم يا رفقتي من تلونون الحياة بالبهجة، سأفرح لأن امرأة رؤية وجهها تُدخل إلي قلبي السعادة، فأبلغتها، سأفرح لأن صغيري قصّ علي قصة جديدة تعلمها بسرعة حتى وإن فعل ذلك ليهرع إلي المكافأة.
بينما يمضي اليوم ويبدأ آخر سأرى فى الليل مساحة من الصمت تلزمني، حتي يبدو صوتي قويًا من جديد، حتي تتدرب عيني علي رؤية التفاصيل المُدهشة، فأكتشف المحبة أينما كانت.
وحين يبدأ اليوم سأُدخل الشمس من نافذتي، وأمر بها علي الأرائك والأسرة، أُعرفها بخيالاتي البائسة، أترك لها حرية التصرف في إحباطاتي لتُبخرها، وتثمطر علي عقلي أفكار للتشظي إلي قلوب تسع العالم، وروح تقبل العالم.
لن أُلملم سوي ذكريات مللت من استدعائها لسد رتق الوحدة والصمت، ذكريات سأكون قوية بما يكفي لأسجنها في كهف لا أستخدمه في ليال طويلة.
وحين أُفكر فى البوح سأكتب عن محبة تفيض لمن يُريد، محبة تتضاعف بالقسمة، وطموح بأن يأتي يوم تكون المحبة فيه أكبر من حيز تشغله ألوان العتمة.
الكاتب
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد