برا المنهج ..هل ما نعرف عن الله والحياة من المنهج صحيحًا؟
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في صغري كنت كثيرة الأسئلة، كثيرة الكلام، أتلقى المعلومات كلها تقريبًا من أمي، ومن عالم ضيق من الأقارب بعضهم متشددين دينين. رأيت الله بشكل غير الذي عرفته به عندما كبرت، وعرفت عن شخصيات أشياء غير حقيقية.
كل من لقني معلومة قال ما يراه، فيما عندما بدأت التعرف على العالم من خلال القراءة، رأيت كل شيء بشكل مختلف.
برا المنهج هو العالم الذي نستكشفه بأنفسنا، بعيدًا عن التلقين. هو ما نصل إليه وحدنا دون توجيهات، هو ما نلمسه بأنفسنا بعيدًا عما تعلمناه في الصغر.
توقفت عند فكرة فيلم برا المنهج الذي كتبه عمرو سلامة مع السيناريست خالد دياب.
نور طفل يعاني من ظروف صعبة، تفتح له الدنيا بابًا ليتعرف على رجل وحيد قد اعتزل العالم بسر كبير، ورغم الذنب الذي يطارده مما اقترف لسانه، يحاول أن يزرع في نور ما لا يعرف تطبيقه.
يزرع في نور حب الصدق والشجاعة عن طريق الحكايات التاريخية، ولكن التاريخ الذي لا يعرفه نور. تاريخ برا المنهج عن شخصيات وأحداث يتفاجىء بمعلومات جديدة عنها، فيما يدخل عمرو سلامة عنصر الخيال والفانتزيا فيجعل مشاهد الحكايات مطعمة بكوميديا الموقف بين الطفل عمر شريف والفنان الكبير ماجد الكدواني.
رحلة غاية في الإنسانية يدخلنا فيها عمرو سلامة وكأنك بداخل كتاب للحواديت، وعالم من الأطفال برعوا على مستوى الأداء التمثيلي وأولهم عمر شريف بطل الفيلم، ولم تكن هذه هي تجربة عمرو سلامة الأولى مع الأطفال، حيث كان له تجربة سابقة بفيلم “لمؤخذة”
أكثر من عقدة تواجه نور من بداية الفيلم، تحلها معلومات جديدة برا المنهج يتعرف عليها من المراكبي. اسمه المستعار الذي يمقته وأطلقه عليه زملاؤه تنمرا من ضعف نظره، والبنت التي يحبها بالمدرسة ولا يعرف كيف يكسب رضاها، والتاريخ الذي يخسره لأن لا عمار بينه وبين التاريخ.
يعرف أكثر عن التاريخ من المراكبي، وعن الثقة في النفس، وعن كيفية مواجهة الحياة بالصدق وعدم التنازل عن استخدام الناس لاسمه الحقيقي.
ويضعنا الفيلم في معضلة كبيرة وأكثر من تساؤل حائر: هل يحب الناس أن يسمعوا الكذب؟…وماذا يخسر الصادق من أجل أن يكسب نفسه؟…وهل تبني الصدق يستحق الخسائر التي سنواجهها بالحياة؟
انتصر الفيلم أيضًا لفكرة أن فاقد الشيء يعطيه، فقد أعطى المراكبي لنور جرعات من الشجاعة التي لا يمتلكها، وعلمه مواجهة أخطائه والحياة رغم أنه لم يفلح في ذلك.
كانت نهاية برا المنهج محيرة للغاية، فتمنى الجمهور بقاء نور في الصورة كي ينتصر الفيلم للصدق الذي تبناه، بينما جعل عمرو سلامة النهاية مفتوحة، بين تحول نور لشبح انعزل عن الحياة بعد محاولاته تبني الصدق بلا نفع، وبين موته الذي مال إلى تصديقه الجمهور.
الفيلم يستحق المشاهدة ويجعلك تراجع ما ذاكرته من الحياة وليس ما تعلمته في الصغر، ما تعلمته بنفسك من برا المنهج.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال