“الحلقة 12 من الحشاشين” صدفة قدرية عمرها 960 سنة في توقيت عرضها

تعرضت الحلقة 12 من الحشاشين إلى حادث وفاة نظام الملك وملكشاه بحادثي اغتيال في فترة زمنية وجيزة 

الحلقة 12 من الحشاشين صدفة عمرها 9 قرون

من المفارقات أن الحلقة 12 من الحشاشين عُرِضَت في يوم اغتيال الوزير نظام الملك منذ 960 سنة (بالهجري) على حد تحديد الجويني الذي زار أطلال آلموت وقال في تاريخه أن واقعة الاغتيال حدثت في 12 رمضان سنة 485هـ / 16 أكتوبر 1092م[1]، وإن كان خالفه في ذلك مؤرخين آخرين قالوا أن اغتيال نظام الملك حدث في 10 رمضان / 14 أكتوبر، مثل بن الأثير في الكامل[2]، وابن الجوزي في المنتظم[3]، والسبكي في طبقاته[4]، وصدر الدين الحسيني في تاريخه.[5]

كيف حدث اغتيال الوزير نظام الملك في التاريخ ؟

بدأت الأيام الأخيرة في حياة نظام الملك عندما كان مع السلطان ملكشاه في أصبهان وبدأ تحركهما إلى بغداد في 1 رمضان 485هـ / 5 أكتوبر 1092م، ولما وصلوا إلى نهاوند، آثر الحسن بن الصباح أن يمكث بها ثم يذهب خلف السلطان لبغداد.

اقرأ أيضًا 
“توقعات حلقات الحشاشين القادمة” هل شارك نظام الملك في الحرب بين السلاجقة والباطنية؟

مشهد اغتيال نظام الملك في مسلسل الحشاشين الحلقة 12 جاء متوافقًا إلى حد كبير مع المراجع، فهو ذكر رواية بن الأثير في تاريخه، ودمج معها رواية السبكي في طبقاته، باستثناء عفو نظام الملك عن قاتله قبل أن يموت، وكذا حزن ملكشاه عليه لأن هذا أمر مختلف بين المؤرخين وانفرد به السبكي وحده.

يحكي بن الأثير في تاريخه، أن نظام الملك أنهى نظام الملك صيامه بتناول الإفطار ثم خرج إلى خيمة حرمه، إلى أن جاءه شاب باطني يطلب منه استغاثة وكان متنكرًا في زي الصوفية، فمد نظام الملك يده له، فإذا بسكين خرجت من ذلك الشاب الباطني وضربه بها ضربةً كانت نافذة في القلب وحاول قاتله الهروب فتعثر في حبل الخيمة وأدركه جنود نظام الملك وقتلوه.

أما السبكي في طبقات الشافعية، قال أن نظام الملك صلى المغرب في هذه الليلة وجلس على السماط وعنده خلق كثير من الفقهاء والقراء والصوفية وأصحاب الحوائج فجعل يذكر شرف المكان الذي نزلوه من أَرض نهاوند وأخبار الوقعة التي كانت به بين الفرس والمسلمين في زمن عمر بن الخطاب ومن استشهد من الأعيان ويقول: طوبى لمن لحق بهم، فلما فرغ من إفطاره خرج من مكانه قاصدًا مضرب حرمه فبدر إليه حَدْث ديلمي كَأَنَّهُ مستميح أَو مستغيث فعلق بِهِ وضربه وحمل إِلى مضرب الحرم، فيقال أنه أول مقتول قتلته الإسماعيلية المسمون عندنا بالفداوية، فانبث الخبر في الجيش وصاحت الأصوات وجاء السلطان ملكشاه حين بلغه الخبر مظهرًا الحزن والنحيب والبكاء وجلس عند نظام الملك ساعة وهو يجود بنَفَسِه حتى مات فعاش سعيدًا ومات فقيدًا حميدًا.

وعن مصير قاتل نظام الملك فيقول السبكي في طبقاته مثل ما قال به المؤرخين من أن كان قاتله قد تعثر بأطناب الخيمة فَلحقه مماليك نظام الْملك وقتلوه، لكنه انفرد عن المؤرخين بذكر رواية نقلاً عن أحد خُدَّام نظام الملك مفادها أن الوزير قال بعض خدامه لا تقتلوا قاتلي فإني قد عفوت عنه ثم نطق الشهادتين ومات، وعلق الخادم على ذلك بقوله: مضيت فإذا هو قد قُتِل ولو قلت لما قُبِل قولي.

اسم قاتل نظام الملك وعلاقة مكان القتل بزمن عمر بن الخطاب 

حدد الجويني في تاريخه اسم قاتل نظام الملك فقال أنه أبو طاهر الأرَّاني، أما القرية التي كان فيها نظام الملك وشهدت مقتله في نهاوند فكانت قرية سحنة وقد حددها مترجم تاريخ الجويني أنها في منطقة كرمانشاه، وهي حاليًا مقاطعة في إيران تبعد عنها 326 ميلاً من ناحية الغرب، ومن الراجح أن نظام الملك كان يقصد معركة نهاوند التي كانت إحدى المعارك الفاصلة بين المسلمين والفُرْس الساسانيين واستشهد فيها الصحابي النعمان بن المنذر ومعه آخرين.[6]

إقرأ أيضا

كيف تلعب دولة الاحتلال الإسرائيلي بورقة “رمضان 2024” في معضلة اجتياح رفح الفلسطينية؟

هل قتل الحشاشين ملكشاه مسمومًا في طعامه؟

انتهت الحلقة 12 من مسلسل بوفاة ملكشاه وألمحت الحلقة إلى أن ملكشاه شاه مات بسم وضع له من روح الحشاشين غيبًا، وتلك حبكة فنية من خيال المؤلف مقبولة إذا ما قورنت بالحدث التاريخي، لكن مسألة قاتله فهو شيء مختلف عليه، فالمؤرخ بن الأثير قال[7]، أن المتورط في قتله هو الوزير عون الدين بن هبيرة أحد وزراء الدولة العباسية حيث كلف خصيًا كان خصيصًا به اسمه أَغْلَبُكُ الْكَوْهَرَايِينِيُّ باغتيال ملكشاه لخلافاته مع الخليفة العباسي، فقام أَغْلَبُكُ بشراء جارية من قاضي هَمَذَان بـ 1000 دينار، ووضعها عند ملكشاه وهي من قامت بتسميمه، وبعد موته أقرت على جريمتها فهرب أَغْلَبُكُ إلى بغداد ووفى الوزير له بما وعده، أما ابن العمراني وهو أقدم من بن الأثير قال في تاريخه، أن من قام بتسميم ملكشاه هو خادمه خردك، ولم يبين الجهة التي كلفته بالاغتيال.[8]

[1]  الجويني، تاريخ فاتح العالم، ترجمة: محمد السعيد جمال الدين، تحقيق: محمد بن عبدالوهاب القزويني، ج3، ط/1، المركز القومي للترجمة، القاهرة ـ مصر، 2015م، ص184.
ملحوظة || تحديد التاريخ الميلادي تم وفق نظام الحسابات الفلكية الذي وضعه محمد مختار باشا في توفيقاته؛ انظر:-
محمد مختار باشا، التوفيقات الإلهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الافرنكية والقبطية، ط/1، المطبعة الأميرية، بولاق، 1311هـ / 1893م، ص343
[2]  ابن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، ج8، ط/1، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، 1417هـ / 1997م، ص354.
[3]  بن الجوزي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، تحقيق محمد عبدالقادر عطا ومصطفى عبدالقادر عطا، ج16 ، ط/1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1412هـ / 1992م، ص305.
[4]  السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق: محمود محمد الطناحي وعبدالفتاح محمد الحلو، ج6، ط/1، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة ـ مصر، 1383هـ / 1964م، ص323
[5]  صدر الدين علي بن ناصر الحسيني، زبْدَة التواريخ .. أخبار الأمراء والملوك السلجوقية، تحقيق: محمد نور الدين، ط/1، دار اقرأ، بيروت ـ لبنان، 1405هـ / 1985م، ص139.
[6]  لتفاصيل معركة نهاوند انظر :-
أ) محمود شيت خطاب، قادة فتح بلاد فارس، ط/ 1، دار الفتح، بيروت ـ لبنان، 1385هـ / 1965م، ص ص102-105.
ب) محمد فرج، الفتح العربي للعراق وفارس، ط/1، دار الفكر العربي، القاهرة ـ مصر، 1368هـ / 1966م، ص ص229-241
[7]  ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج9، ص276.
[8]  ابن العمراني، الإنباء في تاريخ الخلفاء، تحقيق: قاسم السامرائي، ط/1، دار الآفاق العربية، القاهرة ـ مصر، 1419هـ / 1999م، ص205.