همتك نعدل الكفة
474   مشاهدة  

“لغز بدلة الضابط وصدمة أهل القاتل” قتل النقراشي باشا وأشياء هامشية هامة

حادث قتل النقراشي
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



جلس عبد المجيد أحمد حسن في تمام التاسعة والنصف صباح يوم 28 ديسمبر 1948م على مقهى الأعلام المقابل لمبنى وزارة الداخلية في انتظار تنفيذ عملية قتل النقراشي باشا رئيس الوزراء بسبب قرار حل جماعة الإخوان.

خبر حل جماعة الإخوان، جريدة الأساس، عدد 9 ديسمبر 1948م
خبر حل جماعة الإخوان، جريدة الأساس، عدد 9 ديسمبر 1948م

كان عبدالمجيد أحمد حسن البالغ من العمر 21 طالبًا في كلية الطب البيطري أنه ومعروفًا عند القهوجي باسم الضابط حسني، وهو الاسم الذي ناداه به بعدما جاء اتصال تليفوني له يخبره بأن موكب رئيس الوزراء تحرك من بيته وهو في اتجاهه لمبنى الوزارة.

قتل النقراشي باشا تفاصيل الجريمة ؟

اغتيال النقراشي، جريدة الأساس، عدد 29 ديسمبر 1948م
اغتيال النقراشي، جريدة الأساس، عدد 29 ديسمبر 1948م

كان في انتظار الضابط حسني (الاسم الحركي لعبدالمجيد أحمد حسن) الإخواني شفيق أنس الذي كان يرتدي ملابس كونستابل، ومحمود كامل السيد في زي سائق بوكس البوليس، وهما اللذين كانا في موكب النقراشي من منزله لداخل مقر الوزارة.

اقرأ أيضًا 
الميزان يعيد فتح ملف تفجيرات القاهرة 1948م “حكومة النقراشي تسترت على الإخوان”

ولأن عبدالمجيد أحمد حسن كان يرتدي زي البوليس لم يشك أحد فيه حتى جاءت الساعة العاشرة وخمس دقائق ودخل النقراشي مبنى الوزارة واتجه للأسانسير، ليقوم عبدالمجيد بإطلاق 3 رصاصات على ظهره من مسدس بارتا الإيطالي، ليموت النقراشي في ساعتها ويتم القبض على قاتله.

عائلة قاتل النقراشي وموقفها

تغطية الأهرام لرد فعل أهل قاتل النقراشي، يوم 30 - 12 - 1948م، الأهرام، ص5
تغطية الأهرام لرد فعل أهل قاتل النقراشي، يوم 30 – 12 – 1948م، الأهرام، ص5

كان والد القاتل يعمل مهندسًا في إحدى البلديات التابعة لوزارة الصحة، وقد توفي سنة 1943م تاركًا زوجته إقبال حسني و5 أولاد هم «عبدالمجيد – القاتل وطالب كلية الطب البيطري -، حسن – ضابط في الجيش المصري -، عيسى – طالب في التوجيهية -، فاطمة – خريجة كلية الآداب وموظفة في وزارة الشئون الاجتماعية -، هدى – شقيقة صغرى في الابتدائي -»، وجميعهم يسكنوا في العقار رقم 6 في شارع حسني بمنطقة حدائق القبة، مع معاش قدره 21 جنيه شهريًا.

الضابط شقيق القاتل
الضابط شقيق القاتل

أجرى النائب العام بعد وقوع الحادث بساعات تحقيقًا مع والدة القاتل وشقيقه اليوزباشي حسن أحمد حسن الذي كان يعمل مدرسًا في مدرسة المدفعية بالجيش المصري، وشقيقه محمد عيسى أحمد حسن الطالب بمدرسة فاروق الأول الثانوية، وسائل الإعلام الوفدية كانت تغطيتها للحادث من حيث متابعة ردود أفعال عائلة قاتل النقراشي كانت تقليدية في نشر أخبار أقوالها.

فجريدة البلاغ قالت شهدت والدة المتهم أن ابنها شاب مشاغب معروف بنزعاته للشر وكثيرًا ما كان يخلق أسباب الشجار مع أصدقائه ومعارفه من الإخوان المسلمين المتطرفين، فيما قال شقيقه أن القاتل كان لا يهتم بدروسه خلال دراسته الثانوية ويحاول أن يظهر أمام الناس بمظهر الشاب المتغطرس، فيما قال الشقيق الأصغر للقاتل أنه لا يعرف عنه ولا عن سلوكياته شيء.[1]

لكن بقية الصحف كانت تغطيتها موضوعية، فمجلة آخر ساعة قالت أن أم القاتل أغمى عليها بعدما اقتحم رجال البوليس المنزل للتفتيش وأخبروها بأن نجلها قتل رئيس الوزراء فقالت: يا نهار إسود .. هو اتجنن ؟!.[2]

أما جريدة الأهرام فذكرت أن مندوبها أجرى حديثًا مع والدة القاتل والتي كاد الذهول أن يؤدي بها للجنون وما كانت تتصور أن نجلها يرتكب تلك الحادثة، وقالت: كان ولدي هادئًا وعاديًا في كل تصرفاته ومتزنًا في حركاته، وبسؤالها عن ملابس الضابط قالت: لا أعطيه من النقود إلا في حدود المعقول.[3]

لغز بدلة الضابط

القبض على القاتل
القبض على القاتل

في أيامٍ غير عادية كان من الممكن أن يكون اغتيال النقراشي سهلاً مع تغيير في المكان كحال سلفه أحمد ماهر باشا والذي أغتيل داخل مقر رئاسة مجلس الوزراء على يد أحد أعضاء الحزب الوطني وكان قد دخل المبنى بصفته صحفي.

كانت بدلة ضابط أكدت عملية اغتيال محمود فهمي النقراشي أن القاتل ما كان لينجح في تنفيذها إلا بوجود عنصر داعم له على الأرض ومن قلب وزارة الداخلية، بالتالي فإن التصورات التي تبنتها مجلة آخر ساعة في اليوم التالي للجريمة والقائلة بأنه اشترى البدلة من سوق الكانتو بـ 50 قرش.

أحد ضباط الحرس يشرح كيفية ارتكاب الجريمة
أحد ضباط الحرس يشرح كيفية ارتكاب الجريمة

إلا أن الحقيقة هي أن بدلة الضابط التي ارتداها القاتل كانت من الضابط الإخواني أحمد فؤاد والذي كان يعمل في وزارة الداخلية ولقي مصرعه أثناء محاولة الشرطة المصرية القبض عليه وهو ما أشار له القاضي بقوله «إن المحكمة تأسف أشد الأسف لأن المهندس الأكبر لهذه الجريمة والمنظم المشرف على تنفيذها، قد غاب عن هذا القفص، وذلك هو الضابط أحمد فؤاد الذي قد اختار رصاص البوليس وهو يطارده للقبض عليه، حتى لا يلتف حول عنقه حبل المشنقة».[4]

رئيس القلم السياسي يعاين مكان الحادث
رئيس القلم السياسي يعاين مكان الحادث

كان هناك 3 من الترزية في القضية أحدهما متهمًا وهو عبدالعزيز البقلي واثنين من الشهود أحدهما مصطفى عبدالمنعم والآخر هو محمد حسين أحمد، وقد شهد الأخير بأن الترزي عبدالعزيز البقلي، أحد المتهمين، جاء له ومعه قطعة سوداء من القماش مقصوصة ببنطلون وطلب أن يخيطه لضابط يريد السفر، ورجاه إليه، ورجاه أن يتم صناعتها في يوم الأحد وهو لا يذكر اليوم الذي تسلم فيه القماش من البقلي، ويرجح أنه كان يوم خميس أو جمعة، وقد قابل البقلي بعد حادث النقراشي باشا، ولم يدر بينهما حديث حول الحادث.

إقرأ أيضا
أسبوع الموضة
رجال البوليس يحرسون غرفة التحقيق مع القاتل
رجال البوليس يحرسون غرفة التحقيق مع القاتل

بينما قال مصطفى عبد المنعم الترزي بأنه ساهم مع عبد العزيز البقلي في حياكة “الجاكتة” التي كان يرتديها المتهم وقت الحادث، وأن كمال القزاز حضر مرة ومعه المتهم صاحب “الجاكتة” وعمل المقاس ثم انصرفًا، ليتكشف لهيئة المحكمة أن عاطف عطية حلمي قام بمصاحبة قاتل النقراشي إلى عبدالعزيز البقلي لعمل البدلة العسكرية وحصلت عدة اجتماعات بين عاطف عطية والقاتل لهذه التفاصيل.

المتهمون والتهم والأحكام

نص قرار الاتهام في قضية النقراشي، جريدة المصري، 9 مايو 1949م
نص قرار الاتهام في قضية النقراشي، جريدة المصري، 9 مايو 1949م

كان المستشار محمد مختار عبدالله هو رئيس المحكمة التي نظرت قضية قتل النقراشي باشا، وتم اتهام 24 شخصًا في الجريمة، منهم 5 بتهمة القتل العمد والباقي بتهم متنوعة.

خبر النطق بالحكم في قضية اغتيال النقراشي
خبر النطق بالحكم في قضية اغتيال النقراشي

وقضت المحكمة بإعدام عبدالمجيد أحمد حسن على جريمة القتل العمد، وبالأشغال الشاقة المؤبدة على كلٍ من عاطف حلمي بتهمة الذهاب للترزي وتفصيل البدلة، ومحمد مالك يوسف لترشيحه عبدالمجيد لقتل النقراشي، ومحمود كامل السيد للاشتراك في الاتفاق الجنائي، وشفيق أنس في حادث محاولة نسف دار القضاء العالي ومشاركة عبدالمجيد في تنفيذ الجريمة؛ وبراءة كلٍ منه كمال سيد القزاز وعبدالعزيز أحمد البقلي وسيد سابق محمد التهامي والسيد فايز عبدالمطلب ومحمد صلاح الدين عبدالمعطي وعبدالحليم محمد أحمد ومحمود حلمي فرغلي ومحمد أحمد علي وجلال الدين يس ومحمد نايل محمود إبراهيم.[5]

خبر رفض الطعن من عبدالمجيد أحمد حسن
خبر رفض الطعن من عبدالمجيد أحمد حسن

وقام عبدالمجيد بالطعن على الحكم لكن الطعن تم قبوله بالرفض في 20 فبراير 1950م وتم تنفيذ حكم الإعدام فيه في 25 إبريل 1950م.


[1] محرر، حادث مصرع النقراشي باشا .. المتهم يقرر أنه تردد على وزارة الداخلية عدة مرات قبل أن يغتال النقراشي باشا أمس، جريدة البلاغ، عدد 29 ديسمبر 1948م، ص2.
[2] محرر، القاتل كان يرتدي ملابس ضابط بوليس جديدة، مجلة آخر ساعة، عدد:740، يوم 29 ديسمبر 1948م، ص5.
[3] محرر، كيف ارتدى الجاني زي الضباط .. حديث والدته مع مندوب الأهرام، جريدة الأهرام، عدد 30 ديسمبر 1948م، ص5.
[4] لطفي عثمان، قضية مقتل النقراشي باشا، ط/1، سلسلة المحاكمات التاريخية الكبرى، القاهرة، 1950م
[5] محرر، النطق بالحكم في قضية مقتل النقراشي، جريدة المقطم، عدد 13 أكتوبر 1949م.

الكاتب

  • قتل النقراشي وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان