عندما انتقم يوليوس قيصر من قراصنة بسبب اختطافه

قبل أن يغزو يوليوس قيصر بلاد الغال ويعبر نهر روبيكوني ويضع الأساس لابنه بالتبني أوكتافيان أغسطس لتحويل روما القديمة من جمهورية إلى إمبراطورية، كان مجرد أرستقراطي ثري آخر يتطلع إلى صنع اسم لنفسه في البيروقراطية الرومانية.

قاده طموحه عبر العالم المعروف، من شواطئ إسبانيا إلى قمم جبال آسيا الصغرى. في إحدى هذه الرحلات وجد قيصر البالغ من العمر 25 عامًا نفسه أسير قراصنة قيليقيون.

القبض على يوليوس قيصر

على الرغم من اتفاق المؤرخين على القبض على يوليوس قيصر، إلا أنهم يختلفون في المكان والزمان. ثلاثة مؤلفين رومان – فاليريوس ماكسيموس وأوريليوس فيكتور وجايوس سوتونيوس ترانكويلوس – يؤرخون اللقاء مع القراصنة إلى 75 أو 74 قبل الميلاد، عندما كان قيصر في رحلة إلى رودس. يقول المؤرخ بلوتارخ إن ذلك حدث في وقت سابق، في عام 80 قبل الميلاد، بعد أن زار قيصر الملك نيقوميدس ملك بيثينيا، وهي مملكة تقع في تركيا الحالية. يدعي مصدر خامس، بولياينوس من اليونان، أنه تم القبض عليه قبل الزيارة وليس بعدها.

من بين كل هذه التواريخ، فإن التاريخ الذي قدمه بولياينوس هو الأكثر إقناعًا. كان قيصر في طريقه إلى تركيا لشراء سفن لقائده. ربما لم يكن الغرض من هذه الرحلة – كما كان يفترض بلوتارخ – هو الهروب من حاكم روما الحالي الذي كان في حالة حرب مع عم قيصر. من غير المنطقى أن يكون القراصنة قد أسروه أثناء عودته بقوة مع أسطول في عام 80، بل عندما انطلق في مهمته إلى بيثينيا عام 81.

تفاصيل أسر قيصر أقل غموضًا قليلصا. تم أسره قبالة سواحل ليسبوس، واحتُجز قرابة أربعين يومًا. لسوء حظ خاطفيه، أثبت قيصر أنه سجين فظيع. في الليل، طالب القراصنة بإبقاء أصواتهم منخفضة حتى يتمكن من النوم. خلال النهار، أجبرهم على الاستماع إلى القصائد والخطب التي ألفها لدرء الملل. حتى أنه اعترض على فديته حيث ظن أنها قليلة.

هناك خلاف حول إطلاق سراح قيصر ورد فعله لاحقًا. تقول الرواية الأكثر ألوانًا أن قيصر – الذي، على الرغم من مطالبه المزعجة وتهديداته بالانتقام، أصبح قريبًا جدًا من القراصنة – دعاهم إلى مأدبة، وخدر نبيذهم وقتلهم أثناء نومهم.

وتقول رواية أخرى إن قيصر استخدم الأسطول الذي تلقاه من الملك نيكوميدس لملاحقة القراصنة واستعادة الفدية وإحضارهم أمام ماركوس جونيوس جونكوس، حاكم آسيا. عندما قرر جونكوس بيع القراصنة في العبودية، صلبهم قيصر – الذي نفذ تهديداته – قبل حدوث الأمر.

ولادة قيصر

قصة اختطاف يوليوس قيصر فريدة إلى حد ما في التاريخ القديم. حيث كرس المؤرخون من هذه الفترة الزمنية المزيد من الوقت والطاقة لتأريخ مرحلة البلوغ لشخصيات مهمة أكثر من شبابهم. على هذا النحو، يمثل الاختطاف دخولًا نادرًا في سيرة قيصر المبكرة .

إقرأ أيضا

ملك الانتخابات..الرجل الذي شارك في 238 انتخابًا رسميًا ولم يفز بأي منها

مع ذلك، فإن هذه القصة، مهما كانت رائعة، لا ينبغي أن تؤخذ في ظاهرها. يمكن إرجاع بعض التعديلات على القصة إلى قيصر نفسه. بصفته الشاهد الوحيد كان بإمكانه بسهولة أن يجعل نفسه يبدو أكثر شجاعة أو أكثر قسوة من أجل تعزيز حياته السياسية. كانت المصادر الأولى والتي فقدت منذ فترة طويلة والتي استندت إليها روايات بلوتارخ وسويتونيوس كتبها أشخاص كانوا يعرفون قيصر شخصيًا، مثل صديقه المقرب، جايوس أوبيوس. قيصر روى القصة في قاعة مجلس الشيوخ لإقناع زملائه بتفويض بومبي العظيم للقضاء على قرصنة البحر الأبيض المتوسط – وهو اقتراح أيده وحده، ولكن تم منحه في النهاية.

على الرغم من أن قصة اختطاف يوليوس قيصر تحتوي بلا شك على تلميحات من الدعاية والترويج الذاتي، إلا أنها تعمل أيضًا، وإن كان ذلك بأثر رجعي، كلحظة تنبؤ. إنه عرض مبكر لكل شيء تبين أن ديكتاتور المستقبل قادر عليه: الجرأة والثقة والاكتفاء الذاتي. يُظهر القيصر الشاب الذي أسره القراصنة نفس الصفات التي أظهرها قيصر الأكبر عندما استولى على روما. علاوة على ذلك، كل من القراصنة والجمهورية الرومانية قللوا استهانوا بقيصر.