بيدرو والنقيب..عندما يتحول السجين إلى قاضي
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في الواقع يتحمس الجمهور المصري دائما لأي عرض من رائحة فلسطين الحبيبة، ولكن زاد حماس الجمهور عندما شاهد عرض بيدور والنقيب لأنه من العروض الرائعة التي شاركت بمهرجان الاسكندرية المسرحي الدولي.
وكنا أمام عرض من عروض الديو دراما؛ العروض التي يمثلها ثناني من الممثلين أمام بعضهمها البعض، وأنا أخشى هذه العروض لأنها تحتاج لنصًا منضبطًا كي لا يصاب الجمهور بالملل.
فهي تحتاج معظم الوقت حوارًَا قويًا بين الممثلين كي يجذب الجمهور، أو استعراضًا يقطع شتاتهم لو كان النص ضعيفًا، ولكن لم يكن عرض بيدرو والنقيب من العروض التي يشتكى الجمهور منها من ناحية الملل.
كان النص منضبطًا إلى حد كبير، فيوجد صراع ذاتي بين النقيب ونفسه كما يوجد صراع متصاعد بين السجين بيدرو والنقيب ذاته.
وقد حقق المخرج كبقية عروض المهرجان شرط وشعار المهرجان “مسرح بلا إنتاج” باستخدام كرسيًا وطاولة وصندوق وحاسب آلي صغير يعكس بعض الصور التي جذبت الجمهور في بداية العرض لمراقبة النقيب لهاتف بيدرو ورسائله ومواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به.
استخدم بطلا العرض كل طاقتهما وجهدهما في هذا العرض؛ فكنا أمام مبارة حامية بينهما في الأداء المميز الذي مثل لنا معانِ كثيرة وصلت للجمهور من خلال الحوار ومن خلال الأداء التمثيلي.
الصمود الذي يتميز به شعب فلسطين، والكرامة، والصدق، والشجاعة؛ كلها صفات تميز بها بدر أو بيدرو.
ونقطة قوة هذا العرض كان مناقشة ما يدور بداخل النقيب الذي يسجن معتقلا بلا ذنب ويحاول إخراج من فهمه أي معلومة تزيد من شأنه بين المحققين.
النبش داخل هذه الروح المعذبة من حوار بيدرو معه عن شعوره وهو يتحول خارج منزله من أب حنون لوحش مفترس يأمر بتعذيب المعتقلين ويستخدم أساليبا غير إنسانية معهم.
ورغم بساطة الديكور إلا أن المخرج استخدمه بشكل ممتاز، فاستخدم الحبال للتعبير عن السجن، ورأينا النقيب هو الآخر خلف هذه الحبال وكأنه إسقاط أنه هو الآخر سجين بشكل مختلف؛ سجين أفكاره وسلوكه المتوحش الذي يؤنب ضميره.
اقرأ أيضا…فاصل زمني…المشاكل الاجتماعية ومعاناة الإنسان عبر الأزمنة
كما استخدم مرايات مكبرة للصورة التي عكست صورة النقيب بشكل أكبر وهو يحقق مع بيدرو كي يظهر المخرج سيطرة النقيب على الوضع خلال أول العرض وسيطرته على المشهد ككل وفرضه لسلطته على بدر وهو معتقل.
نلاحظ نقاط مشتركة بين بدر والنقيب من خلال المشاهد التمثيلية، مما يكشف لنا جوانب إنسانية من شخصية النقيب ويجعلنا نشعر أن الإنسان معاناته واحدة وقصص حبه واحدة حتى لو كان جلادًا.
وينتهي العرض بمشهد رائع لاستسلام النقيب وانتصار بدر عليه بشكل مختلف بالموت!…ويتحول بدر وكأنه القاضي أو الجلاد الذي يكشف ضعف النقيب ويعريه نفسيا أمام روحه.
عرض بيدرو والنقيب إخراج إيهاب زاهدة وتمثيل رائد الشيوخي ومحمد الطيطي، وتنفيذ اقني همام عمرو، إدارة إنتاج محمد عيسى، والعرض عن نص الكاتب ماريو بينيديتي.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال