رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
135   مشاهدة  

حُلَلُ بنت الشيخ أبي المكارم .. محدثة ينتهي إليها علو الإسناد

حُلَلُ بنت الشيخ أبي المكارم
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



إنّ للنساء في الحضارة الإسلامية حضور قوي وملفت، فقد بلغت قوة تأثيرهنّ مبلغًا عظيمًا لا سيما في الأوساط العلمية، فكان منهنّ الفقيهات والمفتيات والمُحَدّثات والمحاربات، وهذا ليس بجديد في حضارتنا الخالدة، فلم تحتاج المرأة يومًا في عصور الإسلام  رخصة سياسية أو مجتمعية لتمكينهن وظهورهنّ في الأوساط العلمية والعملية على اتساعها.

وعند النظر في التاريخ الإسلامي يستحيل أن تجد مكانًا ينتمي للدولة الإسلامية لا توجد فيه مفتيه أو محدثة أو فقهية، بل كان في كل قطر الكثيرات ممن أخذ الرجال العلوم عنهنّ، وتأكيدًا على ذلك قول الإمام ” نجم الدين بن فهد المكي” المتوفى سنة 885 هجرية أنه أخذ العلم عن 130 شيخة، وتلميذه الإمام “السخاوي” أخذ علمه على  85 شيخه ذكرهنّ في كتابه “الضوء اللامع لأهل القرن التاسع”.

كما أن مدوني التاريخ الإسلامي قد ذكروا في كتبهن الخالدة الكثيرات، ومنهم العالم المسلم الفقيه، والقاضي الشرعي والمؤرخ ” ابن حجر العسقلاني” في كتابة ” الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة” 170 محدثّة، وقد تتلمذ على يد 54 منهنّ، بالإضافة إلى ما ذكره المؤرخ الكبير الإمام “السيوطي” في تاريخه وقد ذكر حوالي 44 شيخة ممن عاصرهنّ، هذا إلى جانب ما ذكره الإمام “الذهبي” في كتابه “سير أعلام النبلاء”، وكتابه “تاريخ الإسلام ” فقد ذكر العديد من المحدثات والفقيهات منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى وفاته.

وممن ذكرهنّ الإمام “الذهبي”  في كتابة ” تاريخ الإسلام” المحدّثة ” حُلَلُ بنت الشيخ أبي المكارم محمود بن مُحَمَّد بن محمد بن السَّكَن البغدادية، ثم قدم كتاب “التكملة لوفيات النقلة” لـ” زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري ٥٨١ – ٦٥٦ هـ” ترجمة عنها.

و حُلَلُ بنت الشيخ أبي المكارم، أو ست الملوك، كانت محدثة أخذت العلم عن والدها وجدها ثم سمعت من الإمام أبي الوقت وحدثت عنه، وقد توفت في العاشر من جمادى الآخرة 621 هجرية.

التربية في كنف العلم 

للوقوف على المكانة العلمية التي نشأت فيها وكيف أخذت من منابع العلم بداية من والدها وجدها مرورًا بمشايخها . فبالنظر إلى نسب” حلل” فإنها ابنة  الشيخ الصالح أبو محمد ابن الشيخ أبي عبد الله المبارك بن الحسن بن السكن البغدادي، المولود سنة 529 هـ وهو من أشهر المحدثين في بغداد في القرن السادس الهجري وإليه تُنسب إجازة بغدادية.

كان من علماء الحديث وممن أجادوه، و حسب ما ذكره كتاب ” التكملة لوفيات النقلة” و “تاريخ الإسلام” فإن أبو المكارم قد سمع الحديث بهمذان من أبي المحاسن نصر بن المظفر البرمكي.

كما سمع ببغداد من أبي محمد عبد الله بن علي المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وأبي الفرج عبد الخالق بن أحمد بن يوسف، والحافظ أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي وغيرهم وأجاز له أبو عبد الله يحيى بن الحسن ابن البناء وجماعة سواه. 

أمّا جدها” أبو عبد الله المبارك” فقد  سمع من غير واحد وحدث، وكان له اختصاص بخدمة الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين أبي منصور الفضل ويؤم به في الصلوات الخمس، وقتل معه بمراغة من أذربيجان ودفن هناك.

رواية أبي الوقت 

قلنا أن ” حُلَلُ بنتُ الشيخ أبي المكارم ” قد روت بالإجازة عن أبي الوقت، فمن هو أبي الوقت، وكيف روت عنه؟

ذكر الإمام الذهبي في كتابه” سير أعلام النبلاء” في الطبقة التاسعة والعشرون الإمام الحافظ الصوفي الزاهد ” أبي الوقت”، فقد كان أعلم أهل الحديث في عصره، وانتهى إليه علو الإسناد، ولشهرته وصدق علمه وصل حديثه مشارق الأرض ومغاربها، كما أنه حدث بخراسان وأصبهان وكرمان وهمذان وبغداد، وتكاثر عليه طلبة العلم والمهتمون بعلوم الحديث.

وممن أخذوا عنه ” ابن الجوزي” و” ابن عساكر” و” ابن نظام الملك” و” الحراني” و ” ابن السهروردي “، كما روى عنه بالإجازة أبو الكرم محمد بن عبد الواحد المتوكلي ، وكريمة بنت عبد الوهاب القرشية، وكذلك ” حُلَلُ بنتُ الشيخ أبي المكارم “، والإجازة معناها أنها وصلت لعلو الحديث أي أن تحفظ وتفهم علم الحديث رواية وإسناد وجرح وتعديل.

إقرأ أيضا
التيار الكهربي

ما علمتُ من النساء من اتهمت بوضع الحديث 

إذًا ” حلل” قد ورثت علم الحديث من والدها الذي له إجازة في علم الإسناد، وكذلك إجازتها من ” أبي الوقت” بإسناد الحديث وصولًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعلّ قول الإمام” الذهبي” رسخّ دور المرأة في علم الحديث بقوله ” وما علمت في النساء من اتهمت بوضع الحديث ولا من (تركوها) لعلة في روايتها”. تلك المقولة إنما تبرهنّ عن انتشار المحدّثات في العالم الإسلامي وصدقهنّ وقوة علمهنّ وخصوصًا في الأسر العملية كما في شخصية” حلل”  التي نكتب عنها. عمومًا لا يوجد مشتغل بالحديث في القرنين السابع والثامن إلا وأخذ على الأقل من امرأة محدثة، حسبما ذكر الذهبي في  تاريخ الإسلام وابن حجر ، وابن عساكر، وغيرهم.

مكانة المرأة في الأوساط العلمية الإسلامية كبيرة، إذ أن الأصل لا حجر شرعي عليهنّ في التعلم أو إصدار القوانين، فقد كنّ من الركائز المعرفية المبكرة لنهضة العلوم الإسلامية وقد كانت البكورة على يد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وأم المؤمنين حفصة بنت عمر ثم الصحابيات والتابعات، وغيرهنّ ممن أسهموا في النهضة والحضارة الإسلامية.

 

الكاتب

  • حُلَلُ بنت الشيخ أبي المكارم مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان