“المجد للأسماء والمسميات” تفاصيل قاطرات قناة السويس التي انتشلت السفينة البنمية
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
قُدِّر لهيئة قناة السويس أن تتعرض لأزمة هزت العالم وأراد التدخل لحلها، غير أن قاطرات قناة السويس أدت دورًا رياديًا لانتشال الجانحة البنمية، أسكتت من خلاله ألسنة التشكيك وقطعت أيادي أرادت التدخل في الشأن الداخلي بسوء نية.
كيف نجحت قاطرات قناة السويس
تم انتشال سفينة الحاويات البنمية الجانحة إيفر جيفين بواسطة كلا من القاطرة «بركة 1» والقاطرة «عزت عادل»، بقوة شد 160 طنا لكل منهما، من مقدمة السفينة، فيما قامت 4 قاطرات بدفع مؤخر السفينة جنوبا وتشمل القاطرتين الجديدتين «عبدالحميد يوسف» و«مصطفى محمود» بقوة شد 70 طنا لكل منهما، والقاطرتين «بورسعيد 1» و«بورسعيد 2»، كما تعمل قاطرتان على شد مؤخر السفينة جنوبا وفي مقدمتهما القاطرة الهولندية «APL GUARD» بقوة شد 285 طنا، والقاطرة «ماراديف»، وتتشارك القاطرتان «تحيا مصر 1» و«تحيا مصر2» في دفع مقدم السفينة ناحية الشمال.
اقرأ أيضًا
نهاية الرجل الإنجليزي الذي اشترى أسهم مصر في قناة السويس لصالح بريطانيا
الملاحظ أن هناط 4 من قاطرات قناة السويس ينتموا لأسماء شخصيات تاريخية أغلبهم لهم صلة بتاريخ قناة السويس، وجميعهم لهم دور رائد في الحفاظ على الأمن القومي.
القاطرة عزت عادل .. عانى من الاستعمار وأنصفه التأميم
تُقْتَرن عملية تأميم قناة السويس في 26 يوليو 1956 م برجال أشرفوا على العملية بقيادة 3 من أكفأ رجال القوات المسلحة وهم محمود يونس وعبدالحميد أبو بكر وعزت عادل، والأخير له قصة شخصية مع قناة السويس ما لبثت إلى أن تحولت لقصة تاريخية.
اقرأ أيضًا
قصة الفلوس المزورة للحفارين “عن أجور عمال حفر قناة السويس واختلاس الشركة”
في العام 1925 ولد المهندس محمد عزت عادل وبعد ربع قرن من ميلاده تخرج من كلية الهندسة جامعة فؤاد الأول (القاهرة) وكان مشروع تخرجه عن قناة السويس حيث كانت فكرته تتمثل في مد 6 مواسير في مياه ترعة الإسماعيلية من تحت القناة إلى سيناء لري الأراضي.
أراد المهندس عزت عادل أن يعمل في شركة قناة السويس التي تخضع للشركة الفرنسية، وكان الوصول لها مستحيلاً إلا بواسطة، لكن الواسطة لم تنفعه وتم استبعاده بحجة أن لغته الفرنسية رديئة، وكان هذا غير منطقيًا لأنه يتقن الفرنسية، غير أن الشركة الإنجليزية والفرنسية كانت ترفض التعامل مع المصريين.
إلى القوات المسلحة ذهب محمد عزت عادل، فصار ضابطًا بسلاح المهندسين، ثم مدرسًا بمدرسة الهندسية العسكرية وشيئًا فشيئًا كان قائد جناح المفرقعات والألغام.
عاد حلم محمد عزت عادل مرة أخرى مع القناة عام 1956 م فرشحه المهندس عبدالحميد أبو بكر ليكون ضمن أعضاء خطة التأميم، وبعد نجاحها تم تعيينه في الهيئة العامة لشئون البترول كسكرتير عام مساعد ثم تقلد في المناصب في الفترة من سنة 1962 حتى ديسمبر 1995 م، حيث تولى رئاسة مجلس إدارة شركة التمساح، مدير الشئون المالية في هيئة قناة السويس، ورئاسة لجنة الدفاع المدني والشعبي سنة 1967 ثم مدير إدارة التحركات بالقناة، ثم رئيسًا لها.
نال محمد عزت عادل أوسمة كثيرة منها وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى ووسام الجمهورية، وظلت قناة السويس تحترمه إلى وفاته في 3 ديسمبر سنة 2020 م، وتقديرًا له جاء على اسمه القاطرة عادل.
نفذت القاطرة عادل كثيرًا من العمليات الناجحة وتعد أقوى قاطرات قناة السويس، وفي جانحة بنما قامت القاطرة عادل بشد مقدمة السفينة مع القاطرة بركة 1 بقوة شد 160 طن لكل واحدة.
مشهور أحمد مشهور .. مشرف إنقاذ سمعة القناة حيًا وميتًا
حضرت الكراكة مشهور بقوة في انتشال الجانحة البنمية، كون أنها الأكبر من بين 11 كراكة في قناة السويس، كما أنها تمتسك خصلة المص الطارد ذا الحفار القوي تعرف بأنّها «ماصة طاردة ذات حفار قوي».
ينتسب اسم الكراكة مشهور إلى المهندس مشهور أحمد مشهور رئيس هيئة قناة السويس في الفترة من سنة 1965 وحتى 1983 م، وقد ولد في الأول أبريل 1918 بمنيا القمح بمحافظة الشرقية، لعائلة لها باع كبير في العلم حيث كان شقيقه رئيسًا لجامعة طنطا.
في عام 1942 تخرج مشهور من كلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا) سنة 1942. وبعد تخرجه عمل مهندسًا في السكة الحديد وما لبث أن انضم إلى سلاح المهندسين بالقوات المسلحة في العام التالي، ليتولى بعدها إدارة الترسانة البحرية والتحركات في القناة.
كان مشهور أحمد مشهور عنصرًا فاعلاً في عملية تأميم القناة، حيث أشرف على تمصير الإرشاد في القناة بعد انسحاب المرشدين الأجانب، ونجح في ذلك مما أنقذ سمعة مصر الدولية، وتقديرًا له تم إعادته لرئاسة القناة بعد إعادة افتتاحها في 5 يونيو 1975 م، وقد توفي مشهور عام 2008 م.
تمكنت الكراكة مشهور من إزالة الرمال المحيطة بمقدمة السفينة البنمية، بمعدلات تكريك وصلت إلى 17 ألف متر مكعب من الرمال.
عبدالحميد يوسف .. مُطَهِّر القناة من آثار العدوان
تتسم القاطرة عبدالحميد يوسف بخصائص فنية كثيرة منذ أن تم تدشينها في أغسطس 2019 م، حيث فهي تمتلك قوة شد 70 طنا، وطول كلي 35.87متر، وعرض 12.5 متر، وعمق 5.25 متر، وغاطس 3.
تنتسب القاطرة عبد الحميد يوسف إلى المهندس عبدالحميد يوسف أحد رموز تاريخ قناة السويس الذين عملوا على تطهير القناة في 1956 من آثار العدوان، وكذلك تطهير القناة بعد انتصار أكتوبر.
حياته المهنية مع قناة السويس بدأت سنة 1958 م حيث شارك في البرنامج الثامن المعدل الذي كان هدفه توسيع القناة وتعميق الغاطس من 34 قدم إلى 38 قدم.
كانت القاطرة عبدالحميد بمصاحبة القاطرة مصطفى محمود نجحت في دفع مؤخرة السفينة للجنوب بقوة شد 70 طن لكل منهما.
الشهيد مصطفى محمود .. بوتشر الشهيد الجزار
في الخامس والعشرين من ديسمبر سنة 2019 م دشن الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، قاطرة «الشهيد مصطفى محمود» داخل ترسانة بورسعيد البحرية بقوة شد 70 طنا.
كان الشهيد مصطفى محمود أحد أبرز رجال القوات المسلحة في التعامل مع التكفيريين، واشْتُهِر بأنه أحد أكثر رجال الجيش المصري الذي أوقع ضحايا من الإرهابيين.
بدأ يخطو خطواته الأولى في مواجهة التكفيريين عبر القوات البحرية حيث نجح في منع وصول أي دعم للعناصر الإرهابية فى نطاق رفح والعريش عبر البحر من خلال حصار بحري قاسي، أفقد الإرهابيين أي أمل في تلقي دعم بحري.
شيئًا فشيئًا نال عددًا من الدورات القتالية منها دورة المظلات والصاعقة ودورة السيل التي أهلته للقتال في مجالات البحر والبر والجو، وهو ما أهله ليكون ضمن المشرفين على عمليتي حق الشهيد والعملية الشاملة.
في 15 مارس سنة 2018 م انطلق الشهيد مصطفى محمود كقائد للدعم في إحدى العمليات الإرهابية، ووصل لهم وتعامل كقناص ونجح في قتل الكثير من التكفيريين، وقام الأحياء منهم بإطلاق النار عشوائيًا على مصدر القنص حتى استقرت طلقة في صدره ورفض إخلاءه وأكمل المعركة لكن زملاءه أصروا على إخلاءه لكنه نال الشهادة.
وهي القاطرة الوحيدة التي أطلق عليها اسما من خارج هيئة قناة السويس لأنها صنعت في ترسانة بورسعيد البحرية لحساب القوات البحرية التي أطلقت اسم أسدها الشهيد عليها.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال