رحلة لسويسرا وكابوس مرعب.. “أسرار ماري شيلي في خلق شخصية فرانكنشتاين”
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
فيكتور فرانكنشتاين طبيب شاب يغمره الحماس والنشاط في عمله، يقرر ذات يوم أن يقوم بخلق إنسان، ويبدأ في جمع جثث الموتى وأخذ الأعضاء الصالحة منها، ويقوم بتقطيبها معًا حتى انتهى من جسد المخلوق، وجاءت لحظة إيقاظه، تلك اللحظة التي ندم فيها فيكتور أشد الندم، حين قام ذلك المسخ الضخم ذو الملامح الشاحبة، بوجه يملئه الغُرز والقطب، يسير وكأنه إنسان آلي، عانى كثيرًا من نبذ الناس وكرههم له، وخوفهم منه، حتى أنه كان يختبأ خلف البيوت والأشجار عندما يمر أي بشري بجانبه، ومع الوقت تحول الأمر لكراهية وحقد تجاه البشر، وتجاه فيكتور فرانكنشتاين نفسه، وقرر أن ينتقم منه، وكانت النهاية وفاة المسخ وخالقه.
ما سبق هو قصة دراماتيكية مشهورة في الأوساط الفنية المختلفة، حيث نالت قصة فرانكنشتاين نصيب الأسد تقريبًا في أعمال الكتاب والمؤلفين والمنتجين، فصارت مشهورة في جميع أرجاء العالم ويعلمها الجميع، ولكن ما لا يعلمه إلا القليلون، هو شخصية المؤلف الحقيقي لتلك القصة، وما السر وراءها، وما الذي أوحى بها؟.
ماذا يمكن لعلم التنجيم أن يخبرنا عن 2021؟
ماري شيلي
ظهرت قصة فرانكنشتاين للمرة الأولى في عام 1818م، كتبتها شابة صغيرة لم تتخطى الثامنة عشر من عمرها آنذاك، تدعى ماري شيلي، ولم تتوقع ماري أن تحقق روايتها ذلك النجاح منقطع النظير، حيث تهافت عليها القراء، وتداولتها المسارح الأوروبية العالمية لعرضها.
السينما في عيون عشاقها..كيف أظهر صانعوها عظمتها؟
عاشت ماري شيلي حياة بائسة مزرية، ماتت والدتها الكاتبة العظيمة “ماري ولستونكرافت” التي لطالما دافعت عن حقوق وحريات النساء، وكانت ماري لا تزال بعمر 11 يومًا فقط، ولم يستطع والدها الكاتب والفيلسوف “ويليام غودون” تولي رعايتها، لذا تزوج لاحقًا من الجارة الأرملة التي لم تحب ماري أبدًا، وفرقت في المعاملة بينها وبين أطفالها الآخرون، وفي مراهقتها بحثت ماري عن الحب خارج المنزل، ووقعت في غرام الكاتب “بيرسي شيلي”، الذي كان يكبرها بعدة سنوات ومتزوج من امرأة أخرى، وكانت علاقتهما مرفوضة من قِبل المجتمع، لذا هربا سويًا إلى فرنسا وتزوجا هناك بعد انتحار زوجة بيرسي الأولى.
ماري شيلي والحلم المرعب
في يوم عاصف وممطر من شتاء عام 1816م، سافرت ماري بصبحة زوجها إلى سويسرا، وكانا في ضيافة صديقهم الشاعر الإنجليزي اللورد بايرون، افسد المطر مخططاتهم واضطروا للبقاء بين جدران القصر، ولتمضية الوقت وقتل الملل جلسوا جميعا قرب الموقد وراحوا يسلون أنفسهم بقراءة قصص الأشباح، وبوحي من تلك القصص اقترح اللورد بايرن أن يكتب كل منهم قصة رعب يؤلفها بأسلوبه الخاص ويسلمها في الغد وقت العشاء.
أعمال من السينما العالمية تبدد الخجل وتزرع الثقة بالنفس
رأت ماري في تلك الليلة أثناء نومها كابوسًا مرعبًا، ظهر به شاب شاحب الوجه يعمل بكد في معمله الخاص، على ما يبدو أنه جثة بشرية مشوهة، وقام الشاب توصيل مصدر طاقة قوي للغاية، فبدأت الحياة تدب في تلك الجثة شيئًا فشيئًا، الحلم المرعب أوحى لماري بكتابة قصتها الخالدة.
حقائق تاريخية خلف قصة فرانكنشتاين
يعتقد العديد من مؤرخين أن قصة ماري عن الحلم المرعب هي قصة مزعومة وليست حقيقية، حيث أن اسم فرانكنشتاين هو في الحقيقة لقب عائلة ألمانية عريقة انتصبت قلعتها الشهيرة ذات الأبراج العالية، لقرون عديدة بالقرب من مدينة دارمشتات الألمانية، ويُرجح البعض أن ماري وزوجها مروا بتلك القلعة القديمة أثناء رحلتهم لسويسرا، وهناك سمعت ماري عن العالم غريب الأطوار “يوهان كونراد”، الذي استوحت منه قصتها المرعبة، فما حكايته؟.
وُلد يوهان عام 1673م، في قلعة فرانكنشتاين، واهتم كثيرًا بدراسة الفلسفة والكيمياء، وادعى أنه نبي من عند الله، وكان يعتنق العديد من الآراء الدينية والعلمية الغريبة، عشقه للكيمياء جعله يخترع دواء أطلق عليه اسم “اكسير الحياة”، وزعم أنه يطيل العمر ويجدد الشباب، وكان ذلك الاكسير يتكون من مكونات مرعبة، مثل عقل، دماء، أمعاء، عظام، وأجزاء أخرى من جثث حيوانات، تم مزجهم بعناية شديدة داخل وعاء معدني كبير، بالإضافة إلى خليط أخر من مواد كيميائية غريبة، والغريب أن ذلك الخليط لاقى نجاحًا كبيرًا فور أن طرحه يوهان، وأشهر من اشتراه كان عجوز ألماني يبلغ من العمر ثمانين عامًا، ووعده يوهان أن يعيش حتى يتخطى عمر الـ 130 عامًا، واستمر ذلك العجوز على شرب الاكسير صباح كل يوم، ولكنه لم يعش بعدها سوى شهور قليلة للغاية، وتوفى قبل أن يكمل العام الأول في تناول الاكسير.
وهكذا، كان يوهان معروفًا بتجاربه المخبولة والمخيفة، واهتمامه بعلمي الكيمياء والتشريح أضافا له المزيد من الجنون، وكان معروف بقيامه بتجارب يشيب لها الرأس، كان يستخدم فيها جثث بشرية، ويحاول إعادة بث الروح فيها، ويقال بأنه نجح قبل موته في صناعة كف بشرية بإمكانها التحرك من تلقاء نفسها!.
وكانت نهاية يوهان مأساوية للغاية، حيث ثار عليه القرويون الخائفون من تجاربه، وأجبروه على مغادرة القلعة، وترك المختبر الذي كان أقرب للمسلخ منه للمعمل، وفي النهاية عُثر عليه مقتولًا.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال