فروق التوقيت
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد
ماذا إن قلت لك صباح الخير، بينما أنت تمضي قدمًا نحو المساء؟ أو ربما العكس، أو كان الصباح يولد فى عيني وهو ينفلت من بين يديك؟.
تشغلني فروق التوقيت، تقتلني فكرة أن أتحدث وأكتب بينما الطرف الآخر نائم أو يعمل أو في وقت لا يري فيها سمائي العالم متسع يا جيجي وكل شيء حولنا يُعطينا إشارات وربما لا نلتفت.
لقد أمضينا وقتًا طويلًا نشرح دروس خطوط الطول والعرض لأطفالنا ولم ننتبه لحقيقة الوقت، والمسافات، لا نخرج من مساحة أنه درس فى مادة بات أطفالنا يكرهونها ونخاف نحن من اخفاقاتهم بها.
عزيزتي جيجي
صباح الخير أومساء الخير،أعود مجددًا لدراسة خطوط الطول لكن هذه المرة أُفكر فى الوقت، أُفكر فى تلك العبارة التي يقولها أحدهم حين يطرق بابك أو يتصل ويبدأ حديثه هل الوقت مناسب؟.
إقرأ أيضًا…ما وراء الطبيعة 05 (أسطورة الجاثوم)
هذه الجملة من أصدق الجمل التي نسمعها لكننا لا نفكر بها ولا نتعامل معها بأية جدية، ذلك أننا مدفوعين بالحياء والخجل وكثير من المجاملة ننفي عدم المناسبة عن الوقت ونُرحب بالمتصل أو الزائر.
لكل منا دائرة وقت ولكل مناحساباته، وبينما نحن منشغلين بالوقت المناسب لنا لا نفكر فى الوقت المناسب للآخرين، هل تعرفين يا جيجي أن هناك موضوعات إن ناقشناها فى غير أوقاتها فسدت، وأمنيات إن تحققت بعد وقتها لم يكن لها معني؟.
لعلك تعرفين كل ذلك لكن تظل عبارة الوقت المناسب محض جملة بداية فى أحاديث، دون أن نناقش جديتها.
نحن أسرى أنانيتنا وأفكارنا الضيقة عن مصالحنا وتطلعاتنا، نفكر فى الوقت المناسب لنا ولا ننشغل هل الوقت المناسب لنا هو أيضًا الوقت المناسب للطرف الآخر؟.
لماذا لا يتقدم أحدهم بطلب زواج أثناء تأدية واجب العزاء؟ ولماذا لا نتحدث عن الموت عند زيارة مريض، إنها كلها أمور نمارسها من قبيل الذوق ولا نفكر أبعد من ذلك، لو أن كل شخص فكر أن الآخر له دائرته وخطوط طوله، له أوقاته المناسبة وغير المناسبة، لكن من أين تأتي المراعاة بينما تتعاظم قيم الفردية بيننا وبداخلنا.
عزيزتي جيجي
كل شيء يضم الجيد والسيء بداخله، والفردية والأنانية قد تكون صفات جيدة حين تتعلق بتعزيز الفرد لمهاراته أو الهروب من فخاخ الاستنزاف التي قد يقع فيها، لكننا صرنا لا نعرف التوقف عن الأنانية، كثير منا لا يري سوى نفسه ومصالحه، ومع ضغوط الحياة، وانغلاق كثير من السُبل باتت الأنانية قيمة أصيلة، بينما يحتاج كل منا مساحته الشخصية، يحتاج أن يضبط وقته وفق أولوياته ويراعي الآخرين، من المفترض أن الآخر أولوية أيضًا، فنحن لا نعيش وحدنا.
عزيزتي جيجي
نحن نحسب الوقت ونفكر فى فروق التوقيت حين نتواصل مع الأشخاص فى دوائر العرض المختلفة، لكن كثيرون لا يراعون ذلك ولا يعرفون أهمية الوقت فى معالجة أي شيء، كثيرون يرون الوقت المناسب هو ما يناسبهم فقط وليس ما يتناسب مع الآخرين أيضًا، هؤلاء يا جيجي مثل الغالبية لا يفكرون فى الوقت أبعد من خطوط الطول ودرس الجغرافيا، يُصبح الوقت مجرد مادة ثقيلة، يرغب دارسها فى حفظ كام جملة ليمر من الامتحان ويحصّل درجة النجاح.
إننا بحاجة لنتعامل بجدية أكبر مع الوقت، مراعاة أوقات الآخرين أمر يعزز الفردية والأنانية ذلك أن الناس حين تختار الوقت المناسب لما تطرحه وما يناسب الآخرين ستضمن الوصول إلي نتيجة جيدة وربما النتيجة التي ترغبها، فكم منا طرح موضوع او طلب شيء في غير موعده فكانت النتيجة أنه لم يتحقق؟!
الكاتب
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد