كيف تسببت ناقة واحدة في حرب لا ترحم دامت 40 سنة؟

في القرنين الخامس والسادس، قبل وصول النبي محمد مباشرة، اندلع العنف المتقطع بين قبيلتين عربيتين. إحداها كانت قبيلة بنو تغلب القوية، وهي قبيلة مسيحية في شمال الجزيرة العربية. اشتهرت بقوتها وشاعرها المسمى عمرو بن كلثوم، ثم إحجامها عن اعتناق الإسلام. كانت العشيرة الأخرى هي قبيلة بنو بكر وسط الجزيرة العربية، التي كان لها شاعرها الخاص يسمى طرفة. كان بني بكر في الواقع أبناء عمومة بني تغلب. غالبًا ما كان يحكم جماعات البدو في جميع أنحاء المنطقة من قبل الأمراء والزعماء ذوي الصلة.

قبيلة بنو تغلب كان يقودها كليب بن ربيعة، بينما قاد بني بكر مرة بن ذهل. في حوالي عام 494، نظرًا لكونم على علاقة ودية، خيم القبيليتان معًا. كان كل شيء على ما يرام، مع إعادة اتصال الأقارب. ثم، وفقًا للأدب العربي، أطلقت ناقة سلسلة من الأحداث التي أثارت نزاعًا استمر 40 عامًا.

الناقة المتجولة

رصدت ناقة من مخيم بكر، تعود لامرأة تدعى البسوس، قطيع زعيم تغلب كليب بن ربيعة وأرادت الانضمام له. تحررت الناقة من حبلها وذهبت مع القطيع إلى حفرة الري التي يملكها كليب. كليب، الذي كان يحرس أراضيه بشدة، أخذ قوسه بغضب عندما لاحظ ذلك وأطلق النار على الدخيل. قتل السهم الناقة.

عند رؤية هذا المنظر، مزقت البسوس حجابها وصرخت: “يا للعار! يا جار!” كانت هذه دعوة للانتقام. قد انتهكت حقوق قرابتها؛ على الرغم من أنها لم تكن قريبة دم من كليب ولا زعيم بكر مرة بن ذهل، إلا أنها كانت جزءًا من قبيلة بكر وتستحق احترامًا أكثر من ذلك.

استجاب ابن شقيقة البسوس الصغير، جساس بن مرة بن ذهل، لنداءها. أخذ رمحه وقتل كليب. ثم اندلعت الحرب.

الدم والحليب

استمرت حرب البسوس حتى حوالي عام 534. لم تكن العقود تشهد عنفًا مستمرًا بل كانت عداوة انفجرت هنا وهناك في معارك شرسة. كانت الحرب فريدة من نوعها من حيث أنها نمت إلى ما وراء الفئات الاجتماعية الأولية وانجذبت إلى حلفاء وفروع أخرى من قبائل بكر وتغلب. على الرغم من بقاء القبيلتين على قيد الحياة، إلا أن تغلب كانت مدمرة بشكل خاص وعاشت فقط لأن العدو سمح لها بذلك.

لم تُظهر الحرب مخاطر الخلافات فحسب، بل أظهرت أيضًا كيف تُمنح روابط الدم بين البدو أهمية أساسية على روابط الزواج. لأن البسوس لم تكن يربطها الدم بكليب٬ لم يحترمها. كان ابن شقيقة البسوس هو الذي انتقم لها. علاوة على ذلك، نُفيت زوجة كليب من تغلب لأنها كانت في الواقع أخت جساس.

إقرأ أيضا

امرأة تفوز بمعركة قضائية لطرد أبنائها البالغين من منزلها

بعبارة أخرى، كانت رابطة الزوجة بقبيلة تغلب من خلال الزواج أضعف من ربطة دمها بجساس وبكر، وبالتالي كان لا بد من طردها. تم تفسير خلط الدم والحليب عندما أصاب سهم كليب الناقة على أنه يرمز إلى روابط الدم والروابط الزوجية، وفوضى تواجدهم معًا.